لتعرف الوجع الذي نعانيه ما عليك إلا أن تتابع «صراعات»» مثقفينا ومثقفاتنا على صفحات الجرائد والمواقع والصحف الإلكترونية، وبحساب بسيط يمكنك أن تكتشف بعض ملامح العنصرية التي من وجهة نظرنا لا تضر. الأمر ببساطة أن المثقف «السعودي»، وهذا يعني عدم وجود أي اعتبار لما هو خارج هذا التحديد تماما في حسابات الحوار، يناقش المثقف «السعودي»، أي الذي يخضع لهذا التحديد تماما دون سواه، في قضية تافهة ليست هي الهدف الأساس؛ وإنما الهدف هو الانتصار للذات المأزومة.
يزيد الأمر سوءا أن تشاهد مثقفا سعوديا يتصدى للرد على مقال أو سلوك شائن، من وجهة نظر مثقفنا المحلي، يقوم به كاتب عربي «وافد»!. فجريا على عادة الديباجة الكتابية الثقافية الوطنية تشاهد عبارات جاهزة تتحدث عن تسامحنا، وقدرة ثقافتنا المحلية على التعايش مع «الوافدين» وقبولهم واحتواء طرحهم أيا كان، ثم يأتي دور نقاش مقال الكاتب العربي بمنطق نحسد عليه، إذ نبدأ بعبارة كهذه: «كيف يسمح هذا الكاتب لنفسه أن يتحدث عن «ثقافتنا» بهذه الطريقة؟». أو حين نتحدث عن سلوكه فإننا سنبدأ بعبارة: «هذا المثقف الذي أكرمناه واستقبلناه فقفز أمامنا دون أي اعتبار لوجود مثقفين سعوديين!». إلى غير ذلك من عبارات العنصرية المريضة التي لا تضر أحدا سوانا.
آخر هذه التقليعات الوطنية الثقافية هو ما كتبته مثقفة سعودية لإحقاق الحق وإزهاق الباطل الذي لا يمكن السكوت عنه في ظل ممارسات مثقفة عربية «تقدمت» على إحدى المدعوات في ملتقى تبوك، دون أن تراعي مكانة المثقفة الأخرى، أي المقفوز عليها أو أمامها، ودون مراعاة كونها سعودية!.
وتضيف الكاتبة عدة أفكار ووقائع مهمة لدعم وجهة نظرها كسعودية ترى أن وجود المثقفة العربية أدى لمضايقة السعوديات، وقد يكون وجود هذه المثقفة العربية سببا رئيسيا في بطالة السعوديات وأمراض القلب وتصلب الشرايين!. دون أن تغفل مثقفتنا الغيورة على هذا الوطن الإشارة إلى أننا غير عنصريين بتاتا، وهي إشارة تشكر عليها رغم أنها رددت مفردة «سعوديات» في مقالها بمناسبة ودون مناسبة.
ألم أقل إننا نمارس عنصرية لا تضر أحدا؟ فقط تضر بنا نحن لأننا بتنا نخلط العام بالخاص حين نقوم بتصفية خلافاتنا الشخصية بأسلوب ثقافي وطني صفيق، ونصر على أن العنصرية منا براء.
بقلم: حامد بن عقيل
وفي المقترحات أيضًا..