سمعت أحد الأمهات توصي ابنها التي يوشِك أن يغادر لقضاء عطلته الصيفية. فتقول له: أوَد أن أُسدي إليك بعض النصائح المهمة التي قد تغفل عنها في عطلتك. أولا لا تؤخر الصلاة عن وقتها. ثانيا لا تنسى ألا تستقبل القِبلة لغائطٍ أو بول.
نعم، فهذه الوصايا هي تذكير بما أوصانا به نبينا محمد ﷺ وحرص على تعليم أمته. فهناك حديث دال على حرص النبي ﷺ على تعليم أمته. فقد قيل لسلمان الفارسي -رضي الله عنه- قد علمكم نبيكم ﷺ كل شيء. فقال: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائطٍ أو بول. أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار. أو أن نستنجي برجيع أو بعظم.
والرجيع هو روث البهائم، وهو فضلاتها.
التعريف براوي الحديث
والآن السؤال: من هو راوي الحديث؟ وهو الصحابي الجليل أبو عبد الله سلمان الفارسي.
سمى نفسه ابن الإسلام. أصله من فارس. وقد كان رجلا مجوسيا قويا. سافر للبحث عن الحق. وقرأ الكتب، فتنصَّر. ثم انتهى إلى الله ﷺ، فآمن به وحسن إسلامه.
وأول مشاهده الخندق. وهو الذي أشار بحفره. وشهد بقيَّة المشاهد وفتوح العراق. وولاه عمر المدائن.
قالوا لعلي: يا أمير المؤمنين، حدثنا عن سلمان. قال: ذاك رجل منا أهل البيت. ومن تواضعه أن رجلا اشترى علفا لفرسه فقال لسلمان: يا فارسي، تعال فاحمل. فحمله واتبعه. فجعل الناس يسلمون على سلمان. فقال: من هذا؟ قالوا: سلمان. فقال: والله ما عرفتك. أعفني. فقال سلمان: لا، أني أحتسب بما صنعت خصالا ثلاثا. أما إحداهن فاني ألقيت عني الكِبر. وأما الثانية فاني أعين أحدا من المسلمين على حاجته. وأما الثالثة فلو لم تسخرني لسخرت من هو أضعف مني فوقيته بنفسي.
مات الله عنه سنة أربع وثلاثين هجرية.
معاني وإرشادات الحديث
حرص النبي ﷺ على بيان كل خير تحتاجه أمته. وحذر من كل شر قد يضر بأمته.
فعلى المسلم أن يتعبد الله في كل أحواله. ويكون ذلك في صلاته وصومه وكلامه وصمته، ونومه واستيقاظه، وأكله وشربه، وعند قضاء حاجته.
فمن التعبد لله في الصلاة الإخلاص فيها، واتباع هدي النبي.
ومن التعبد لله في الأكل والشرب: التسمية – الأكل باليمين – الأكل مما يليك.
ومن الآداب الشرعية عند قضاء الحاجة: عدم استقبال القبلة واستدبارها – عدم مس العورة باليد – ألا يزيل النجاسة بيمينه.
عدم استقبالك أو استدبارك القبلة عند قضاء الحاجة دليل على تعظيم القبلة. والأمر بالاستنجاء دليل على حرص الإسلام على الطهارة.
الاستنجاء: هو إزالة أثر الخارج من السبيلين عن مخرجه بالماء.
تطبيقات سلوكية
- ومما تعلمناه من هذا الحديث أن نتعبد الله في جميع أحوالنا.
- ونحرص على الانقاء عند الاستنجاء.
وختامًا، فقد تعلمنا اليوم عناية الرسول بتعليم أمته. حيث حرص على بيان كل خير تحتاجه أمته. وحذر من كل شر قد يضر بأمته. وتعرفنا كذلك على آداب الأكل والشرب، والآداب الشرعية عند قضاء الحاجة.
وقد تودون الاطلاع على: آداب اللباس والزينة في الإسلام