«يمنى» تسأل: أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري من بيئة ملتزمة، وقد تعلمت بعضا من قواعد الدين، ولكن بأسلوب خاطئ، وهو ما جعلني أنفر ولا أعرف الصحيح من الخطأ، وكان هذا يزيد في اضطرابي وتمردي على كل شيء؛ فطبيعة عائلتنا أنها تمنع كل شيء حتى أدق تفاصيل حياتنا يجب أن يتدخلوا فيه.
ومنذ فترة أستمع لدروس أحد العلماء، واستدرجت العائلة كلها لتشاهده معي، وحسن ذلك الكثير من الأمور، وشعرت بلذة القرب من الله تعالى، ولكنني في غمرة هذه الأمور ومنذ سنة تقريبا بدأت أراسل قريبا لي عن طريق الإنترنت، وكنا نبث بعضنا همومنا، ووقفنا إلى جانب بعض بأزمات كثيرة، ويشهد الله أننا لم نخرج يوما عن حدود الأدب.. هو يعيش في بلد ثانٍ، وقد اكتشفنا أننا تنفق في كثير من النقاط، ودوما متفقين على الأخلاق الحميدة التي يجب أن تسود ذلك.
وبالصيف الماضي سافرنا إليهم والتقينا بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، وكنا نتكلم كثيرا، وأعترف بأنني أحببته، وهو كذلك، وهو لم يصرح لي بذلك، ولكنه كان يقول لي دوما: أنا أخاف أن يجعلك أهلك تخطبين لمن هو ليس أهلا لك، فكنت أضحك، وقبل سفرنا كتب لي رسالة وقال لي بأنك يجب أن تكملي دراستك.
أرجو أن لا تظنوا أنها علاقة حب صريح، إننا بصراحة نتناقش بأمور ذات معنى، ولم نخطئ يوما، حتى أنني عندما أكتب له أقول الأخ فلان، ولكن هذه المشاعر الحبيسة التي أحسها أخاف أن تكون ذنبا، وأنا أتساءل: هل علاقتنا هذه ضمن الحرام؟ وأنا بصراحة أخاف إن كانت ذلك أن أكون السبب في أن جعلته يتعلق بي، أنا لا أريد أن يغضب الله علينا، وأفكر أيضا أننا من بيئة متزمتة جدا، بل لا تفقه شيئا في الدين، والذي تعرفه مجرد عادات، ولا نستطيع مناقشة أهلنا في شيء، فأين الخطأ إن بقينا هكذا؟
أنا لا أخفيكم أنني كثيرا أحس أنني بحاجة لشخص حنون يكون إلى جانبي، يسألني بعطف وحنان: ما بك؟؟ لأن حنو الأب وعطف الأم وحب الأخ والأخت لا يعوض إلا بزوج صالح. برأيكم: ما هو الحل لمشكلتنا؟ أرجو أن لا أكون قد أطلت، ولكنني أريد نصيحة صادقة، ولكم فائق احترامي وتقديري، وشكرا. الباحثة عن الحقيقة.
الإجابـة
أختي الباحثة عن الحقيقية، بدأت طريقك لمعرفة نفسك وحياتك بتساؤلاتك كثيرة كنت غارقة بالمشاكل أسرتك وما زلت.. بدأت تبحثين عن نفسك ربما بسبب شيخك الفاضل الذي انتظمت على سماع دروسه، فبدأت تبحثين عن الأمان والسكينة والحياة الهادئة التي تفتقدينها وفي نفس الوقت تحذرين من الوقوع في الخطأ.. تسرعين الخطى طامحة أن تصلي لغايتك بسرعة وتحقي أملك.
أختي الحبيبة، عن أي حقيقة تبحثين؟ عن حقيقة مشاعرك تجاه هذا الشاب؟ أم عن حقيقة علاقتك به؟ أم عن شرعية هذه العلاقة؟
أختي، رأيي في علاقتك وهذا الشاب أن ما جمعكما شدة التشابه في النشأة؛ فكلاكما يفتقد الأمان والاستقرار الأسرى، وكلاكما يشعر بالوحدة والفراغ، وكلاكما يحاول البحث عن حل خارج الأسرة، وهذا يعني أن ما يجمعكما ليس حبًا بالضرورة، وإنما الرغبة في الاستقرار والبحث عن الأمان، ربما أصبح حبًا وربما لا، وربما بمرور السنين تغيرت مشاعركما.
ناهيك عن حقيقة أنك لا تعرفين هذا الشاب جيدًا؛ فالشات وحديثك لأخته بل رؤيتك له مرات قليلة ليست كافية لمعرفته، أو الجزم أنه الزوج المناسب.
والحقيقة أيضًا تقول: إنكما لستما في سن تسمح بالارتباط الآن؛ فهو يحب أن ينهي دراسته ويكون نفسه، وأنت لا بد أن تنهي دراستك.. فهل تضمنين ألا تتغير مشاعرك أو مشاعره خلال هذه الفترة؟، وساعتها تكونين ربطت نفسك بعلاقة تغضب ربك، وتكرهين نفسك؛ لأنك استمررت فيها هذه السنين.
والحقيقة تقول بأن أي علاقة بين الشاب والفتاة خارج النطاق العام والذي وضعه الشرع غالبًا ما تبوء بالفشل ويخسر فيها الطرفان.. فهل تقبلين هذا لنفسك؟
ونكرر مرات ومرات: العلاقة بين الشاب والفتاة طالما أنها لم تخرج عن الإطار العام الجماعي مع الالتزام بالضوابط فلا حرج، ولكن إذا انتقلت إلى علاقة خاصة يكون الحكم مختلفًا، وتطرح أسئلة كثيرة نفسها، ويجب الإجابة على هذه الأسئلة بكل وضوح وحسم ودون تمييع للحقائق:
هل الزواج وارد أم لا؟ وإن كان واردًا فمتى يكون؟ وهل الشخص مناسب كزوج؟ وما هي التدابير اللازمة للزواج؟ وأسئلة أخرى كثيرة أختي.. هذه هي بعض الحقائق التي تضع النقاط على الحروف، ونصيحتي لك هي:
- أولاً: اقطعي علاقتك بهذا الشاب تمامًا، ولا تتصلي به بأي وسيلة، ولا تسعي وراء أخباره، واتركي الأمور تسير في أعنتها فإن قدر الله أن يرتبط بك هذا الشاب، وكان مناسبًا لك فلن تغير مشاعره عدم اتصالك به، وإذا لم يأت فلعل هذا هو الخير وأنت لا تعلمين.
- ثانيًا: ليس صحيحًا أن عطف الأم والأب والإخوة لا يعوض إلا بالزوج الصالح، لا بل يعوض أيضًا بالصحبة الصالحة إن وجدت.. فهل لديك أصدقاء يعينونك على الخير وتجدين بينهم الأخت التي تبثين لها همك وتعينك على الخير؟
- ثالثًا: أنت لديك وحدة ولا يملؤها إلا ممارسة الأنشطة المختلفة رياضية وثقافية، وربما الانضمام إلى إحدى الجمعيات الخيرية التي تستطيعين أن تشاركي من خلالها بعض الأنشطة، والتي ربما فيها وجدت أن في الدنيا مشاكل وهموما تفوق بكثير مشاكلك فتهون في عينك.
- رابعا: الأهل يتغيرون إن تحولنا من ناقدين لهم إلى مشفقين عليهم، ولقد بدأت معهم بأسلوب غير مباشر، ولكنه مؤثر عن طريق دروس شيخك الكريم واجتماعكم حولها، ونصيحتي لك أن تستمري وتحاولي مصاحبة والديك والتودد لهما رغم كل ما يفعلانه وبرهما ما استطعت.
- خامسا: وصدقيني مع الوقت ستتغير نظرتك للحياة ولنفسك.. فاستعيني بالله وتوكلي عليه، وأعلمينا بأخبارك.
⇐ ويمكننا مطالعة هذه الاستشارات سويًا أيضًا:
- ↵ خطيبي لا يطيقني بسبب لون بشرتي: هل أُنهي الخطوبة؟
- ↵ خطيبتي لا تهتم بي: هل أُنهي الخطوبة أم أُحاول إصلاحها؟
- ↵ زواج بلا مشاعر: هل أُكمل أم أُنهي؟
⇐ أجابتها: سمر عبده