علاقة الغذاء بالقلق والاكتئاب

علاقة الغذاء بالقلق والاكتئاب

هُناك الكثير من العوامِل الّتي تَلعب دورًا كَبيرًا في زيادة مشاعِر القَلق والتّوتر لدى الإنسان، أو تُقلّلها مع اتباع نظام غذائي سليم، حيْثُ أنّ التّغذية لها دَور كبير في زيادة أو تقليل نِسبة القَلق.

إنّ التغذية لها دور كبير في عوامل التوتر، وهذه المعلومة لا يعرفها معظم الأشخاص الذين يعيشون بشكل دائم في قلق وتوتر مستمر، وعادة يكون القلق هو رد فعل نتيجة تعرض الإنسان للضغوط الخارجية مثل الحزن، والمشاكل، وينقسم القلق إلى نوعين، القلق المؤقت، والذي يزول بزوال السبب، مثل القلق الطبيعي قبل الامتحان، أو قبل ظهور النتيجة، أو قبل مقابلة العمل، وعادة هذا النوع من القلق يزول، ولكن هناك نوع آخر من القلق، وهو القلق المزمن، ويحدث عندما تزداد المشكلة وتستمر لمدة أسبوعين أو أكثر.

ويحاول الشخص التعايش مع هذا القلق، وهذا الموضوع له نتائج جيدة على المدى القريب، ولكن على المدى البعيد، يسبب مشاكل نفسية وصحية، ومعظم الأشخاص لا يعرفون أن التغذية لها دور كبير ، ولكن في بعض حالات القلق المزمن يجب استشارة الطبيب، وهناك مشكلة كبيرة في الوطن العربي بشكل عام، أن معظم الناس تخجل من استشارة طبيب نفسي، ولذلك يمكن علاج القلق وتقليل شدته بالتغذية.

بشكل عام يجب أن تكون التغذية صحية، ومتوازنة، وشرب كميات كافية من الماء خلال النهار، والتقليل من السكريات التي ترفع نسبة الأنسولين في الدم، ويجب تناول الكربوهيدرات المعقدة بشكل دائم، حيث أنها تعمل على تثبيت نسبة السكر في الدم، مما يعطي الاحساس بالراحة والاستقرار.

بشكل خاص هناك مجموعة من الأغذية تساعد للتخفيف من شدة التوتر، والاكتئاب منها، عنصر الماغنسيوم، وهو موجود في البقوليات والمكسرات، وقد أثبتت الدراسات أن عنصر الماغنسيوم يقلل من أعراض القلق، ويعطي شعور الراحة في الجسم، وعنصر الزنك، وهو موجود بكثرة في المحار، ولحم البقر، وفي صفار البيض، وهو موجود أيضاً في البقوليات، والأوميجا٣، الذي يوجد في الأسماك الدهنية، وأثبت الدراسات أن الأوميجا٣ يقلل من التوتر، وله علاقة أيضاً بالخجل الاجتماعي.

وفيتامين B، مهم أيضاً لتقليل التوتر والقلق، ويوجد في الخضروات والفاكهة، ويوجد في الأمعاء البكتيريا النافعة، ونحصل عليها عن طريق تناول الأغذية المخمرة، مثل اللبن والمخلل، وتوجد على هيئة مركب في الصيدليات، يفضل أخذها باستشارة الطبيب، ويجب التخفيف من المضادات الحيوية لأنها تقتل هذه البكتيريا النافعة.

وهناك العديد من الأبحاث أثبتت وجود علاقة بين البكتيريا النافعة بالأمعاء، والصحة النفسية للجسم، لأن ٩٥٪ من هرمون السعادة يوجد في بطانة الأمعاء، لذلك يؤثر على الجهاز الهضمي، والجهاز العصبي، والصحة النفسية لدى الإنسان، ويوجد الغذاء الذي تتغذي عليه البكتيريا النافعة، ويوجد في الألياف بشكل عام، وموجود بالفواكه والخضروات والبقوليات.

العلاقة بين كميّة النوم والقلق

تقول “د. مريم جميل” أخصائية التغذية: يوجد علاقة وثيقة بين النوم والقلق، والقلق الزائد يؤثر على جودة النوم، وعدد ساعات النوم، ويؤثر النوم أيضاً بصورة سلبية على القلق، لذلك يجب أخذ كمية كافية من النوم خلال ليلاً، وتقليل عدد ساعات النوم ينعكس على الجسم نهاراً، فيصاب الجسم بالتوتر والتعب والارهاق، والنوم الغير منتظم أيضاً سبب في زيادة حوادث السير.

لذلك تكون النصائح الغذائية للتخلص من القلق، هي نفس نصائح تحسين جودة النوم، وهناك عنصر مهم مرتبط بالنوم والقلق، وهو الكافيين، يجب التقليل جداً من نسبة الكافيين، والشخص الذي لديه ضغوط ومشاكل في حياته، ويضغط على نفسه في العمل، يزيد من القلق والتوتر لديه.

ولذلك إدارة الوقت مهمة أيضا، والتقليل من شرب الكافيين ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، وهذه المشروبات تُجبر الجسم على العمل والضغط أكثر، وهذا يسبب مشاكل على المدى البعيد في الصحة النفسية والجسدية، وأثبت الدراسات أنه عند شرب كوب من القهوة، تظل نصف كمية الكافيين بعدها في الجسم لمدة ست ساعات، وبعد ١٢ ساعة تظل ربع كمية الكافيين بالجسم، وهذا ما يسبب مشاكل.

ويمكن أن يستطيع الشخص النوم مع وجود نسبة الكافيين في الجسم، ولكن هذا يؤثر على جودة النوم، ولا يدخل في مرحلة النوم العميق، مما يؤثر على الصحة النفسية والجسدية، والإصابة بالقلق المزمن على المدى البعيد.

علاقة الغذاء بالاكتئاب

القليل من الأشخاص يمتنعون عن الطعام عند الشعور بالحزن أو الاكتئاب، ولكن أغلبية الأشخاص تتجه للأكل بكميات كبيرة جداً عند الشعور بالاكتئاب أو الحزن أو القلق، ولكنه غالباً ما يتناول طعام غير صحي، ويناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، لأنها تفرز هرمون السعادة، وهي مثل الإدمان أحياناً، ولكن سرعان ما تعود نسبة السكر في الدم إلى وضعها الطبيعي.

ويعود الشعور بالحزن والاكتئاب مرة أخرى بشكل أقوى، ويشعر بالذنب نتيجة أكل هذا الكم الهائل من الطعام، مما يؤدي لزيادة القلق أكثر، وهذه الحالة تسمى حالة الجوع العاطفي، وهي عكس حالة الجوع الفسيولوجي، الذي يتناول فيه الإنسان الطعام نتيجة الجوع.

هناك بعض الأشخاص الذين يهتمون بالوزن والسعرات الحرارية، يقومون بالبحث عن الأنظمة الغذائية الغير صحية، ويحرمون أنفسهم من الأكل، مما يسبب لهم مشاكل صحية، والقلق المزمن، والتغذية الغير صحية، واضطرابات النوم، جميع هذه الأشياء تُضعف المناعة، وتجعل الإنسان مُعرض دائماً لالتقاط الفيروسات.

والأغذية الغير صحية بشكل عام، والدهون، والسكريات، ليس لها أي قيمة غذائية للجسم، وهي فقط عبارة عن سعرات حرارية فارغة تضيف الوزن للجسم، ولا تضيف أي شيء للصحة، وتسبب الإرهاق، وتجعل الشخص يصاب بحالة عصبية، وحالة عدوان، وقد تسبب مشاكل عضوية أيضاً، مثل الطعام الدسم ليلاً، الذي يسبب حموضة، وعسر هضم وعدم القدرة على النوم ليلاً، لذلك يجب تنظيم كمية الغذاء، وتوقيته، والحفاظ على الوجبات في مواعيدها، للحفاظ على نسبة السكر في الدم، والتقليل من التوتر والقلق والعصبية، والحفاظ على حالته الصحية.

الفرق بين الجوع العاطفي والجوع الحقيقي

تابعت “د. جميل” الجوع العاطفي يأتي فجأة بدون أي مقدمات، أما الجوع الحقيقي يبدأ تدريجياً، ويزداد تدريجياً، ويمر بعدة مراحل، والجوع العاطفي يكون رغبة ملحة، حيث يريد الإنسان الاكل في الوقت الحالي، أما في حالة الجوع الطبيعي يمكن للإنسان الانتظار لفترة، والجوع العاطفي يجعل الإنسان يشتهي نوع معين من الطعام.

أما الجوع الحقيقي فيجعل الإنسان يفكر في الطعام بشكل عام ولا يحدد نوع معين بعينه، ويأكل أي نوع متوافر لديه، والجوع العاطفي يجعل الإنسان يشعر بالذنب بعد تناول الطعام لأن الجسم لا يحتاج إلى هذه الكمية الكبيرة التي تم تناولها، أما الجوع الحقيقي يُعطي الاحساس بالرضا والارتياح بعد تناول الطعام.

تأثير الحالة النفسية على تناول الطعام

عند المرور بحالة نفسية سيئة يتجه الإنسان لتناول طعام غير صحي، ولكن يجب الابتعاد في هذه الحالة عن الأكل الغير صحي، وتناول أطعمة صحية ومفيدة، ومعرفة سبب هذه الحالة النفسية يساعد على حلها بشكل كبير، فمثلاً عند الشعور بالحزن، يمكن أن يتجه الإنسان للتحدث مع شخص عزيز بدلاً من الطعام، وعند الشعور بالوحدة مثلا، يحاول الانشغال بشيء آخر مثل قراءة الكتب، أو مشاهدة التليفزيون، وعند الشعور بالتعب، يمكن شرب المشروبات الدافئة التي لا تحتوي على الكافيين.

ويمكن أيضاً نشر الوعي بين الأشخاص الذين يتجهون للأكل عند الجوع العاطفي عن طرق حثهم وتحفيزهم على عدم تناول هذه الأطعمة الغير مفيدة والغير صحية في أوقات الجوع العاطفي، وهذه الطريقة ناجحة مع معظم الأشخاص، ولكن قد لا تنجح مع أشخاص أخرين، لأن هناك بعض الأشخاص لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم عند الشعور بالغربة في تناول الطعام، وكل انسان لديه حافز يختلف من شخص لآخر.

قد تكون مُهتمًّا بالاطلاع على

الأنظمة المستخدمة في علاج اضطرابات النوم:

بشكل عام، الحليب الدافئ، والكربوهيدرات المعقدة، والموز، واللوز، والأطعمة التي تحتوي على عنصر الماغنسيوم والزنك، والغذاء الصحي المتوازن، كل هذه الأشياء تساعد في تهدئة الجسم والاسترخاء، والنوم بشكل منتظم، والوزن الزائد يقلل من جودة النوم في معظم الحالات، لأنه قد يُحدث توقف للتنفس أثناء النوم.

ومن الضروري توقف لعب الرياضة قبل النوم بساعة، لأنها تؤثر أيضاً على جودة النوم، والبعد عن المنبهات والكافيين خلال اليوم، ويجب أن تكون الغرفة معتمة وهادئة، والبعد عن الأجهزة الذكية قبل النوم بفترة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top