خرجت قبل أيام من بيتي وقد لفتتني سيارة غريبة مدارة بدون ركاب تقف في أسفل العمارة، ظننت في بداية الأمر أن صاحب السيارة نسي أن يطفئها لكنني وجدت أنها لم تطفأ ولم تتحرك من مكانها بعدما عدت بعد ثلاث ساعات!
عندما استدعى زوجي الشرطة فوجئ بوجود مراهق ينام بداخل سيارة تكاد تغلي من شدة حرارة مكيفها الذي كان يعمل لساعات لا يعلمها إلا الله، وتبين لاحقا أن المراهق النائم بداخل السيارة لم يجد مكانا يأوي إليه بعد طرد والده له في أيام الامتحانات.
من الممكن أن يكون المراهق قد ارتكب جرما عظيما ليطرده الأب «ربما»، لكن هل يملك الأب مبررا مقنعا ليطرد ابنه المراهق في أيام الامتحانات مهما كانت فظاعة الجرم الذي ارتكبه أو حتى لو غضضنا الطرف عن كونها أيام امتحانات، هل يظن الأب أن طرد ابنه من البيت ورميه في الشارع قد يكون حلا لأي مشكلة من الممكن أن يكون قد تسبب بها الابن المراهق؟
لماذا يظن بعض الآباء أن طرد أبنائهم للشارع هو الخيار الوحيد والعقاب الأكثر فاعلية لتأديب مراهق قد أخطأ؟ ألا يفكر الآباء في أن معاقبة المخطئ بخطأ آخر قد يؤدي إلى عواقب وخيمة سيدفع ثمنها الابن والأب والعائلة والمجتمع بشكل عام؟!
فعندما ينبذ المراهق من عائلته ويرفض وجوده فيها ويجد نفسه وحيدا عاجزا على قارعة الطريق بلا مكان يأوي إليه ولا أحد يقف معه، من الطبيعي أن يصبح لقمة سائغة جدا وأن يستغل في تنفيذ كل أنواع الشرور.
لو نظر كل والد إلى المصلحة العامة قبل أن تفلت أعصابه منه ويقرر طرد ابنه من البيت لانخفض عدد المجرمين من المراهقين ولما خسرت الكثير من العائلات أبناءها، جنوح المراهقين هي مرحلة عابرة رغم صعوبتها وقسوتها على المراهق نفسه وعلى عائلته لكننا نحتاج لأن نفكر لماذا نهب شبابنا في أشد لحظات حياتهم حساسية واضطرابا لعالم الجرائم والإرهاب في لحظات نفقد فيها أعصابنا لنطردهم من بيوتهم ونندم ما تبقى لنا من عمر؟!
بقلم: أثير النشمي
هنا أيضًا تقرأ عن: إهمال تربية الأبناء