«احمد» يسأل: أنا شاب أبلغ 20 عاما. قبل سنتين أصبت بعصاب القلق، وذهبت إلى عدة أطباء باطنية، وكانت النتائج بعد الفحص أني غير مريض، وقبل 4 أشهر راجعت طبيب للأمراض النفسية بعد أن أدركت أن مرضي نفسي، فقد كنت أشتكي من تعب شديد منذ استيقاظي والرغبة في الانطواء والانعزال، وعدم المتعة بأي عمل أقوم به، وعدم الفهم أثناء المحاضرات، وكثرة التثاؤب، وكنت أشعر بدوخة متوسطة، وحين أهز رأسي يمينا ويسارا أشعر بألم خفيف وأشعر باهتزاز يشبه اهتزاز السائل داخل البيضة حين تهزها، خاصة عند الاستيقاظ من النوم، وكان تركيزي ضعيفا.
علاجي عبارة عن عقاقير فقط؛ حيث أعطاني الطبيب في بادئ الأمر Cipram 20mg بواقع حبة يوميا، و Methycobal 500 mg بواقع 3 حبات يوميا. شعرت بعدها بتحسن، لكن الدوخة استمرت حتى بعد فترة، فأعطاني الطبيب Stugeron 25 mg بواقع حبتين يوميا، وقد اختفت الدوخة التي تشبه اهتزاز السائل، لكنها تكون فقط عند الاستيقاظ صباحا ولمدة ساعة إلى ساعتين، ثم تختفي وتعود في الصباح التالي وهكذا.. علما بأنني توقفت عن تناول الأدوية عدا Cipram بواقع نصف حبة كل يومين؛ فكيف أستطيع التخلص منها؟
كذلك أشعر أحيانا بألم في الجزء العلوي الخلفي الأيمن من رأسي؛ لهذا أعطاني الطبيب Norgisic، ويزداد هذا الألم عندما أشاهد التلفاز أو ألعاب الفيديو أو أعمل على الكمبيوتر لفترة طويلة، وأشعر أحيانًا أن جلدة رأسي تهتز بسرعة من بعض جوانبها وكأنها ترتجف؛ فكيف أستطيع التخلص من هذه الأعراض البغيضة؟ وهل هناك من تعاليم لو اتبعتها للتخفيف من هذا المرض اللعين، خاصة الدوخة الصباحية؟
⇐ د. أمل المخزومي «طبيب نفسي» أجابت السائل؛ فقالت: أخي الفاضل.. ورد في رسالتك أنك قبل سنتين قد أصبت بعصاب القلق، وهذا المرض يتميز بالتوتر والاكتئاب والأفكار المرضية، كما أن أساس المرض هو الاضطراب الحاصل في العمليات الكيمائية الجارية في الدماغ، وبالأخص في الجهاز العصبي المركزي. وبيئة الفرد الاجتماعية والنفسية تلعب دورا فعالا في التأثير على تلك الأجهزة المركزية، وهو ما يؤدي إلى جعلها في حالة اضطراب وتوتر مستمر.
وإن العلاقة القوية القائمة بين عصاب القلق والاكتئاب كثيرا ما تؤدي إلى تأزم الموقف، أي كلما زاد الاكتئاب أدى ذلك إلى شدة القلق الذي يؤدي بدوره إلى انهيار الفرد.
ويمكنك التغلب على المرض بتعاونك مع طبيبك المعالج، وأهم ما في الأمر هو ثقتك بالطبيب وبقدرتك على التغلب على الحالة التي أنت عليها.
وبداية، يجب معرفة سبب الحالة التي تشكو منها، وذلك بالفحص الكامل للدماغ والجهاز العصبي والفقرات، إضافة إلى فحص العيون. قد يكون لديك ضعف في البصر، وهو ما يسبب لك الصداع الذي أطلقت عليه “الدوخة“، كما يلعب ارتفاع وانخفاض ضغط الدم دورا في ذلك النوع من الصداع.
ربما تكون هناك حالة معينة في المخ هي التي تسبب لك تلك الأعراض. ولو أنك ذكرت أنها حالة نفسية، فإننا لا نستطيع أن نقرر ذلك إلا بعد إجراء الفحوص الدقيقة اللازمة.
فإن ظهرت الفحوص جميعها سليمة وليس هناك ما يشير إلى سبب عضوي، عندها نستطيع أن نقول: إن السبب نفسي. فعادة يكون السبب في كثير من الأمراض الجسمية نفسيا.
وإليك بعض التوصيات التي عليك أن تتبعها في الوقت الحاضر:
- السيطرة على التعب؛ وذلك بأخذ قسط من الراحة بعد أداء كل مجهود، ولو لفترة قصيرة.
- التأكد من أن نوعية الوسادة التي تستعملها والسرير الذي تنام عليه- مريحة، فقد يكون ذلك سببا في التعب الشديد الذي تشعر به في الصباح.
- أن تكون تهوية غرفة النوم جيدة. فنقص كمية الأكسجين كثيرًا ما يسبب حالات من الصداع.
- التأكد من أنك تأخذ ما تحتاج إليه من ساعات النوم، وينبغي أن يكون نوما هادئا ومريحا. أما إن كان نومك متقطعا ويشوبه نوع من الأرق فإنه يؤثر عليك في النهار، ويجعلك تشعر بالتعب والتثاؤب.
- تشكو من عدم التركيز، وهذا ناتج عن الأسباب التي ذكرناها سابقا، كما أن المتعب يكون متشتت الأفكار، ولا يستطيع أن يركز في شيء. إن الطالب يحتاج إلى جهد وتركيز، خاصة في أوقات الامتحانات، وهذا ما يضيف إلى قلقك قلقا جديدا.
- عليك العناية بنوعية الطعام الذي تتناوله، وذلك بأن يحتوي على مواد تعمل على تغذية حجيرات المخ، والتي تحتوي على الحديد والماغنسيوم والفسفور، مثل: السمك، والخضراوات، والسبانخ، والجوز، واللوز، والفستق، والبندق.
- عند الذهاب إلى النوم عليك أن تعمل بعض التمارين السويدية الخفيفة بدون إجهاد.
- خذ نفسا عميقا، واحتفظ به لفترة، ثم أطلقه، وكرر العملية من 5-15 مرة. أما إن شعرت بدوار فتوقف عن ذلك في الحال، واجلس لتستريح.
- خذ حماما باردا أو دافئا يوميا قبل النوم إن استطعت؛ لكي يعمل على تنشيط الخلايا العصبية بشكل خاص، والخلايا الجسمية بشكل عام.
- حاول ألا تكثر من الجلوس أمام التلفاز أو الكمبيوتر أو الفيديو. فقد يلعب استخدام هذه الأجهزة دورا مؤثرا في حالتك الصحية التي تشكو منها.
- ذكرت أنك تشعر بألم في الجزء العلوي الخلفي الأيمن، وقد يكون ذلك ناتجا عن تأثير الإشعاعات التي تطلقها الأجهزة الكهربائية، وجسمك هو الآخر محمل بالكهربائية نتيجة لما تشعر به من قلق، وهو ما يساعد على ذلك. إذًا، عليك تخفيف القلق والتقليل من التعرض لتلك الأجهزة، كما عليك استعمال الماء في غسل اليدين والوجه بصورة مستمرة، والمشي حافي القدمين؛ للتخلص من تلك الكهربائية الكامنة في جسمك المتعب.
والمهم في الأمر هو السيطرة على القلق الذي تشعر به، وإليك بعض التوصيات للسيطرة عليه:
- معرفة سبب القلق والاهتمام بعلاج أعراضه.
- العمل على تقوية ثقتك بنفسك بشتى الطرق.
- ينبغي الاهتمام بالعلاج الجسمي والنفسي معا.
- الابتعاد قدر الإمكان عن المواقف التي تثير لك القلق والتوتر.
- تغيير البيئة التي تسبب لك ذلك التوتر والقلق. ولو أن هذا الشرط صعب، لكن عليك أن تحاول بقدر الإمكان.
- الابتعاد عن سماع الأخبار المحزنة والمقلقة التي تسبب لك الحزن وتثير التوتر.
- حاول أن تتخلص من الخوف بأشكاله إن كان من الامتحانات أو المحاضرات أو من أي مصدر آخر يسيطر عليك.
- توصلت خلال تجاربي إلى أن إرادة الفرد وعزيمته في التخلص من المرض هي أنجح الوسائل في علاج كثير من الأمراض التي يتعرض لها الفرد.
- حاول أن تستعمل رياضة اليوجا التي تعمل على الراحة النفسية والجسمية.
- مارس طرق الاسترخاء المختلفة على الأقل مرتين في اليوم ولمدة نصف الساعة؛ وذلك بالاستلقاء على سرير مريح، أو الجلوس على شاطئ البحر، أو قراءة قصص ومجلات مسلية، أو ممارسة أي فعل إيجابي يبعدك عما يقلقك.
- حاول أن تسيطر على مشاكل الماضي، وأن تبعدها من ذاكرتك مهما كلفك الأمر. ولو أن هذه المهمة صعبة، لكن عزيمتك في الحصول على الشفاء تذللها.
- حاول أن تمارس بعض النشاطات الاجتماعية والرياضية، ولا تدع الانطواء والانزواء يسيطر عليك.
- حاول أن تنشغل مع الطيور والحيوانات الأليفة، وهو ما يبعدك عن التفكير بالمشاكل المحيطة بك.
- إن سيطرت عليك بعض حالات من الوسواس المرضي أبعدها عنك بسرعة. على سبيل المثال: إن شعرت باهتزاز في جلدة رأسك حاول أن تنشغل عن ذلك، ولا تفكر فيه؛ وذلك بممارسة فعالية تعجبك كي تنسيك تلك الأفكار.
- حاول أن تنسى مصائبك التي تعرضت لها أو تتعرض لها الآن قدر الإمكان، واعلم أنه لا يوجد إنسان على وجه البسيطة خال من المشاكل.
- اخضع للعلاج بالتنويم المغناطيسي تحت معالجة طبيب نفسي ملما بذلك.
- حاول الاطلاع على موضوع عصاب القلق، وستجده في أكثر الكتب النفسية؛ سواء كانت عربية، أو أجنبية.
- ضع مصحفا صغيرا في جيبك، لتتمكن من تلاوة بعض الآيات بين فترة وأخرى، فتشعر بالراحة والاطمئنان، ويساعدك ذلك على التخلص من هذا القلق.
- أختتم هذه التوصيات بالدعاء لك بالشفاء العاجل، وهو الشافي لكل داء.