ما هو إضطراب تشتت الإنتباه الذي يُصيب الأطفال؟
قالت “د. وفاء المطارنة” أخصائية سمع ونطق أطفال. تشتت الإنتباه هو صعوبة تركيز الطفل أثناء ممارسته لنشاط معين، أو أثناء تعلم مهارة جديدة. وينتشر إضطراب تشتت الإنتباه بين كل الفئات العُمرية، ولكن تزيد نسبته وحدته وأعراضه وآثاره في مرحلة الطفولة المبكرة، من سن سنتين إلى 6 سنوات، وإذا أُهمل علاج هذا الإضطراب في هذا السن يؤدي حتمًا إلى الإصابة بصعوبات التعلم الأكاديمية خلال فترة الدراسة.
أحيانًا يعاني الطفل من تشتت الإنتباه فقط، وفي كثير من الحالات يرتبط تشتت الإنتباه بفرط الحركة.
ما دور المعلمين في تشخيص الإصابة بإضطراب فرط الحركة؟
أكدت د. وفاء أن المعلم أو المعلمة هما النافذة الأولية التي يُكتشف من خلالها إصابة الطفل بتشتت الإنتباه، من خلال مُلاحظة سلوك الطفل داخل الفصل الدراسي. لكن التشخيص المرضي الحقيقي والنهائي، وإثبات الإصابة من عدمها يحتاج إلى متخصصين بعلوم سلوك الطفل وإضطراباته. فقد يكون فرط الحركة ناتج عن تناول الطفل لكمية كبيرة من السكريات قبل الذهاب للمدرسة، وهو ما أدى إلى تشبعه بالطاقة التي يُخرجها في الحركة الزائدة. أما فرط الحركة وتشتت التركيز المرضي له مقاييس علمية وسلوكية لا يعلمها إلا الباحث المتخصص في المجال.
متى وكيف يتم التدخل العلاجي لإضطراب تشتت الإنتباه؟
أوضحت “د. وفاء” أنه كلما كان إكتشاف الإضطراب مبكرًا، كلما كان العلاج أسهل وأسرع. ففور ظهور بوادر الإصابة بإضطراب التشتت وجب التدخل العلاجي، وتتمثل الأعراض الأولية المُنذِرة بالإصابة في الآتي:
• تشتت الطفل وتلفته يمنةً ويسرةً عند الحديث معه، وعدم قدرته على تثبيت نظريه على مُحدثه.
• عدم قدرة الطفل على اللعب مع الأطفال من سنه والتواصل معهم، وتفضيله تجنبهم.
• إفتقاد الطفل للقدرة على التعامل الإجتماعي مع المحيطين به.
• إمتلاك الطفل قدرة هائلة على تخريب وتكسير وتدمير كل الأشياء والألعاب المُحيطة به.
• الحركة المفرطة والمستمرة والمُجهدة للطفل نفسه ولأسرته دون القدرة على السيطرة عليه.
• مع بعض الحالات يكون من الأعراض تأخر النطق والكلام عند الأطفال.
وتشترك العديد من العناصر في تنفيذ البرنامج العلاج للطفل المُصاب بإضطراب تشتت الإنتباه وفرط الحركة، هذه العناصر هي الأم، أفراد الأسرة، الأخصائي المُعالج، مسئولي المدرسة، ولكل عنصر من عناصر فريق العلاج له دور حيوي في نجاح البرنامج العلاجي.
فإذا تحدثنا عن بعض الأدوار الخاصة بعناصر فريق العلاج الأكثر أهمية وهم الأم والأخصائي والأسرة، فهي كالتالي:
الأم: منوط بها تعديل وتصحيح بيئة التنشئة والعناصر الغذائية في وجبة الطفل، ويتم هذا التصحيح والتعديل في مجموعة من الخطوات العملية، منها:
تقليل أو منع تناول الطفل للسكريات والوجبات السريعة، لأنها تزيد من الطاقة الداخلة لجسم الطفل، مما يساعد على زيادة نشاطه وفرط حركته.
إبعاد الأجهزة الإلكترونية الذكية عن متناول الطفل ومنعه من إستخدامها، لأنها تُصدر أنواع من الأشعة التي تؤدي إلى تشتيت إنتباه الطفل.
إطعام الطفل الغذاء الصحي والمتوازن.
أخصائي العلاج: يقوم بإجراء التدريبات والتمارين الخاصة التي تساعد على زيادة مدة الإنتباه والتركيز عند الطفل. وكذلك التدريبات المُساعدة على تحسين قدرة الطفل على تخزين المعلومات في ذاكرته طويلة المدى.
كذلك يقوم الأخصائي بوضع بعض البرامج والتدريبات، وتدريب الأم وأفراد الأسرة عليها، لتنفيذها مع الطفل في المنزل.
أفراد الأسرة جميعًا: منوط بالأسرة كلها خلق البيئة الأُسرية المناسبة لنمو مهارات وقدرات الطفل العقلية والحسية. مع عدم اللجوء إلى تعنيف الطفل لفظيًا أو جسديًا أو الإستهزاء به أو تخويفه أو توبيخه.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة الدور المحوري للعامل الوراثي في الإصابة بإضطراب تشتت الإنتباه وفرط الحركة.
هل تؤثر الإصابة بإضطراب تشتت الإنتباه عُضويًا على جسم الطفل؟
أشارت د. وفاء إلى أن الأمر بالعكس، إذا أُصيب الطفل بخلل عضوي ما في أحد الحواس كالسمع والبصر، يؤثر هذا الخلل العضوي بلا شك في قدرته على التركيز. لذلك عادةً ما يكون الفحص الأولي المطلوب قبل تأكيد التشخيص بالإضطراب هو الفحص العضوي لحواس الطفل وخصوصًا السمع والبصر، للتأكد من أن تشتت الإنتباه وقلة التركيز غير ناتج عنهما.
ما هو الفاصل الفارق بين الإصابة بفرط الحركة وبين شقاوة الأطفال العادية؟
الخط الفاصل بين الحركة الطبيعية للأطفال وحبهم للهو واللعب وبين الإصابة بالإضطراب هو ملاحظة الأم لظهور الأعراض السالفة الذكر على طفلها، مع الإختبارات والمقاييس التي يستخدمها الأخصائي لتأكيد التشخيص، فهذه الإختبارات السلوكية تُعطي درجات مؤكدة تُوضح إصابة الطفل بالإضطراب فعليًا، وكذلك إحتمالية حدوث الإصابة مستقبلًا.
هل يتطلب العلاج التدخل الدوائي؟
تابعت د. وفاء أنه مع بعض حالات فرط الحركة الشديد قد نلجأ إلى العلاج الدوائي، ولوصفه يجب الرجوع للطبيب المتخصص أولًا. وفي العادة لا نفضل كثيرًا إستعمال الأدوية، نظرًا لما قد ينتج عنها من آثار جانبية، ونفضل دائمًا وننصح بالعلاج السلوكي والتربوي إلى جانب تحسين النظام الغذائي للطفل. ونُشير هنا إلى أن تناول الطفل لسمك السالمون مرتين أسبوعيًا إلى جانب كمية صغيرة من عين الجمل مفيد جدًا في علاج تشتت الإنتباه لأنهما من الأغذية الغنية بعنصر الأوميجا 3.
كذلك من التوصيات الهامة المُعطاه للأم هي وضع جدول يومي لتنظيم وقت الطفل، حتى يتجنب قيامه بأنشطة مفاجئة وبالتالي تشتت إنتباهه، مثل بداية اليوم بالإستيقاظ والذهاب للمدرسة، ثم العودة وتناول الغذاء، ثم المذاكرة والتحصيل، ثم اللعب، ثم النوم.
فالأطفال المصابون بإضطراب تشتت الإنتباه وفرط الحركة ليسوا أغبياء، بل على العكس، قد يتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي أو أكثر من الطبيعي، إلا أنهم يفقدون تركيزهم، ويتشتتون بين مواضيع وأنشطة يومية كثيرة.