الشقيقة أعراضها وطرق علاجها
ينتشر صداع الشقيقة أو ما يُعرف بـ ” الصداع النصفي ” بين الكثير من الناس، ويؤدي إلى انخفاض في مستوى الإنتاج اليومي للشخص المُصاب به، ذلك بالإضافة إلى أن تكراره على شكل نوبات يُسبب مأساة حقيقية لهؤلاء الأشخاص.
تعتبر الشقيقة من الأمراض الشائعة وهي عبارة عن صداع نصفي شديد نابض يستمر إلى عدة ساعات أو حتى أيام، حيث يبدأ الشعور بالألم النابض بقوة في مقدمة الرأس ثم يمتد إلى الجوانب، ويبدأ هذا الألم بالتزايد مع مرور الوقت. كما أن وجود أية حركة أو نشاط أو التعرض للصوت العالي يزيد من الألم، وعادةً ما يُصاحبه الغثيان و التقيؤ. وتأتي الشقيقة على شكل نوبات، فتجد أن الشخص المُصاب بها يبحث عن مكان هادئ ومظلم من أجل أن يستلقي حتى يخف عنه الألم، وفي الغالب تستمر نوبات الصداع من ٤ ساعات وحتى ٣ أيام في حال لم يؤخذ العلاج المناسب، وتتكرر النوبات أكثر من مرة خلال الشهر أو مرتين في السنة فقط وذلك بحسب حالة الشخص المُصاب بالشقيقة. وقد تظهر أعراض الشقيقة بشكلٍ مفاجئ أو بوجود بعض العلامات كإنذار للشخص المُصاب بها، تختلف علامات الشقيقة ومنها: أن يرى المريض ضوءاً يلمع ويرى خطوطاً تُجهد النظر بعدة أشكال أو الحكة والوخز في الذراعين أو الساقين، وقد تتأثر القدرة على الكلام بالإضافة إلى الشعور بالوهن والعطش والنعاس، وهذه العلامات قد تظهر قبل الصداع بساعات أو بيوم على الأكثر. قد يستمر الصداع المُصاحب للشقيقة إذا لم تؤحذ العلاجات المناسبة إلى ثلاثة أيام، وتختلف حدة تكرارها من حالة إلى أخرى.
ما هي الشقيقة ؟
أوضح ” د. أيمن اللبان” (استشاري أمراض الأعصاب) في حديثه عبر شاشة قناة ” الشارقة ” أن الشقيقة هي مرض شائع جداً بشكلٍ كبير حيث أن 15% من سكان العالم مُصابين بالشقيقة، وهذا المرض يؤثر بشكل كبير على حياة الشخص اليومية بكل جوانبها العملية والنفسية، ودرجة هذا التأثير تختلف باختلاف معدل تكرار النوبات. تعتبر الشقيقة من الأمراض المُزمنة حيث أنه مرض وراثي بالمقام الأول وهذا لا يعني أنه يُشترط أن يكون الآباء مصابين به ولكن يعني أن هذا المرض موجود في كروموسومات الجسم لذلك هو ليس مرضاً يمكن الشفاء منه. الشقيقة أو الصداع النصفي ليس من الشرط أن يُصيب نصف الدماغ فقط كما هو شائع بين الكثيرين حيث أن ٦٠٪ من الحالات تكون الإصابة في شق واحد من الدماغ بينما هناك ٤٠٪ من الحالات تُصاب بالصداع في كلا الشقين أو يتنقل من شق إلى الآخر بشكلٍ مستمر.
أما عن آلام الصداع المصاحب للشقيقة وهل تشبه آلام الصداع العادي فأوضح ” الطبيب الضيف ” أن التشخيص الخاص بالصداع النصفي هو بالأساس تشخيص عيادي عن طريق الفحص السريري وليس تشخيص تصويري وأيضاً ليس عن طريق الفحوصات المعملية لأن ليس هناك من الفحوصات المعملية ما يُمكنه تحديد ما إذا كان الشخص مُصاب بالشقيقة وإنما الفحوصات المعملية يُمكن من خلالها أن نتأكد من أنه ليس هناك أسباب أو أمراض أخرى وراء هذا الصداع، وهذا يعني أن وصف المريض لما يشعر به هو ما يُحدد هل هذا الشخص مُصاب بالشقيقة أم لا. فالمرض هو عبارة عن عدة عوارض فعندما نقوم بجمع هذه العوارض معاً يمكن حينها تحديد ما إذا كان الشخص مُصاب بالشقيقة أم لا، والأعراض الأساسية الخاصة بالشقيقة هي: (ألم شديد بالرأس، الشعور بخفقان ونبض فى الرأس، عدم القدرة على أداء الأنشطة العادية بسبب الألم، الشعور بالغثيان والقيء، زيادة الحساسية للضوء والصوت، وبعض الأشخاص قد يُعانون من أعراض أخرى مثل ” التعرق – التغيرات في درجات الحرارة – آلام في المعدة – الإسهال ” )، فإذا اجتمعت ثلاثة من هذه الأعراض في الشخص فعندها يتم تشخيص هذا الشخص على أنه مُصاب بالشقيقة.
هل العوامل الوراثية تبدأ بالظهور إذا كان الشخص مصاب بالشقيقة أو غيرها في السنوات الأولى من عمره أم أنها قد تمتد وتظهر في سن متأخرة ؟
أوضح ” د. اللبان” أن ٨٠٪ من الحالات تبدأ قبل عمر الـ ١٦ بينما ٢٠٪ من الحالات تبدأ بعد عمر الـ ١٦، ونسبة قليلة جداً تبدأ بعد سن الثلاثين. فمن الممكن أن نجد أطفالاً ذو ٦ سنوات مُصابين بالشقيقة وغالباً في هذه الحالات نجد أن المرض منتشر في العائلة، فبشكل عام نجد أن الشقيقة تظهر في الأعمار الصغيرة بالأخص.
ما هي مجموعة ” أورة ” ؟
أوضح دكتور “أيمن اللبان” أن هناك نوعين من الشقيقة ” الصداع النصفي ” وهما: (صداع نصفي مسبوق بـ” أورة ” – صداع نصفي غير مسبوق بـ” أورة “)، والـ ” أورة Aura” هي مجموعة من العوارض التي تظهر قبل الصداع بحيث تكون بمثابة إشارة تُنبه المريض بأن الصداع على وشك أن يحدث، أي أن مريض الشقيقة يستطيع أن يعرف قبل الصداع بساعات أنه سيُصاب بالصداع. وهذه العوارض تختلف من مريض لآخر، فهناك من يرى نجوم، وهناك من يرى ألوان معينة، وهناك من يفقد القدرة على رؤية زاوية الرؤية يميناً ويساراً بينما يرى فقط ما هو موجه بصره إليه، وهناك من يسمع أصوات، وهناك من يشعر بتشنجات في عضلات معينة. أحياناً تكون عوراض الـ ” أورة ” صعبة لدرجة أن المريض قد يعتقد أنه مًصاب بجلطة أو شيء خطير، فقد يفقد المريض القدرة على الرؤية أو الكلام تماماً. ولكن العوارض تبدأ في الظهور تدريجياً وليس كدفعة واحدة.
أما عن خطورة الإصابة بالشقيقة فأكد دكتور” أيمن” أن الخطورة تتمثل في العوارض المصاحبة للشقيقة وليس فيما قد تؤدي إليه، فنادراً جداُ ما تؤدي الشقيقة إلى مخاطر مثل الجلطة.
هل يُعتبر ارتفاع ضغط الدم سبب من أسباب الإصابة بالشقيقة أم العكس ؟
أوضح ” الطبيب الضيف ” أن ضغط الدم قد يزيد من حدة الشقيقة ولكنه ليس سبباً في الإصابة بها. ضغط الدم المرتفع قد يؤدي إلى حدوث صداع ولكن هذا الصداع لا يُشبه في أعراضه صداع الشقيقة، حيث أن المريض عندها يشتكي من آلام أسفل وأعلى الرأس ولكن لا يشعر بأية آلام او نبضات على جانبي الرأس على نقيض الشقيقة التي يعاني المُصاب بها من آلام ونبضات على جانبي الرأس.
معلومة هامة: يتميز زيت اللافندر بإمكانية استخدامه بعدة طرق حيث يُمكن دهنه موضعياً أو استنشاقه عن طريق وضع أربعة قطرات منه في ثلاثة أكواب من الماء المغلي، أو تطبيقه موضعياً على الجبين. حيث يساعد على تخفيف أعراض الصداع النصفي ” الشقيقة “.
ما الفرق بين الصداع العنقودي والشقيقة ” الصداع النصفي ” ؟
أوضح دكتور” اللبان” أن الصداع العنقودي هو مماثل لصداع الشقيقة بشكلٍ كبير كما أن العلاج قد يكون نفسه، ولكن يختلف الصداع العنقودي في عوراض معينة. فالصداع العنقودي هو صداع موسمي حيث يُصيب المريض في فترة معينة من العام بشكل مركز ويكون الألم المصاحب له مركز بشكل كبير ثم بعد هذه الفترة يغيب لفترات طويلة ثم يعود بعدها مرة أخرى في موسم الإصابة به، بالإضافة إلى أنه يكون مصحوباً بإحمرار في العين ورشح في الأنف.
ما هي أسباب الإصابة بالشقيقة ” الصداع النصفي ” ؟
أكد ” د. أيمن” أن السبب الدقيق وراء الإصابة بالصداع النصفي غير معروف حتى الآن، والمُعتقد أن التغيرات في مستويات الناقل العصبى داخل الدماغ تلعب دوراً فى حدوثه. فموجة الكهرباء بالعصب حول الشبكة الموجودة حول الدماغ والأعصاب الموجودة حول الشرايين التي تتقلص وتتسع تؤدي إلى الصداع النصفي.
وهناك العديد من الأمور التي تُزيد من حدة الصداع النصفي وأهمها:
١. تغييرات دورة النوم، سواء أكان بعدم الحصول على قدر كافي من النوم أو بالحصول على قدر زائد عن الحد المطلوب.
٢. الجوع وتخطى الوجبات خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ مع الصداع النصفى، إلا إذا كان ذلك تحت إشراف الطبيب.
٣. بعض الأطعمة وخاصة الشيكولاتة ومنتجات الكاكاو، وأيضاً المكسرات، والأطعمة المالحة أو الأطعمة القديمة مثل: الجبن، وتناول كميات كبيرة من الثوم أو البصل.
٤. كثرة التفكير، والعصبية الزائدة، والشعور بالكآبة وسوء الحالة النفسية.
وأضاف ” الطبيب الضيف ” موضحاً أنه قد تصبح آلام الشقيقة أقل حدة بعد سن الخمسين، ولكن قبل سن الخمسين قد تزداد حدة الشقيقة بشكلٍ كبير نتيجة عدة أسباب منها التغيرات الهرمونية، حيث أن أغلبية النساء المصابات بالشقيقة يُعانين من زيادة في حدة صداع الشقيقة قبل فترة الدورة الشهرية، ولذلك لا يجب على النساء المصابات بالشقيقة تناول الأدوية الهرمونية مثل: أدوية منع الحمل.
ماذا عن طرق علاج الشقيقة ” الصداع النصفي” ؟
أوضحت ” د. زينب صبري ” (أخصائية الطب الباطني) أن مرض الشقيقة ” الصداع النصفي ” ينتشر بين النساء بشكلٍ أكبر منه بين الرجال، ويعتمد تشخيص هذا المرض عادةً على التاريخ المرضي ولكن في بعض الحالات يلجأ الطبيب إلى بعض أنواع التشخيص (مثل: الأماراي) للتأكد من ما إذا كان هناك سبب آخر لهذا الصداع وذلك من أجل تحديد العلاج المناسب. وهناك علاجات متعددة للصداع النصفي، فهناك علاجات تُعالج أزمة الصداع نفسها، وأخرى تُعالج حدوث الصداع، فمن أهم العلاجات المتطورة و الحديثة للصداع النصفي هو: ” البوتكس” حيث أن له تأثير على العضلات التي تكون عادةً متشنجة ومؤلمة لمريض الصداع النصفي ففي هذه الحالة يقوم الطبيب الاختصاصي بحقن منطقة الجبهة والرأس كاملة وحتى العنق بعدة إبر من ” البوتكس” حيث يعمل على ترخية العضلات ويكون له مفعول موضعي على هذه المناطق للتخفيف من أزمة الصداع النصفي، وهذا العلاج فعال في الكثير من الحالات لدى المرضى حيث قد يظل المريض قرابة الأربعة أشهر لا تنتابه نوبات الشقيقة. وهناك أيضاً أدوية مستقبلية واعدة ولكنها مازالت تحت نطاق التجربة وتعتمد بالأساس على تأثير الأدوية على مستقبلات عصبية داخل الأوردة والشرايين. وهناك بعض الأجهزة التي توضع على الرأس حتى تعمل على تحفيز الأعصاب بالرأس أو تُرسل ضربات رنين مغناطيسية، وقد أثبتت هذه الأجهزة فاعليتها في علاج بعض الحالات الشديدة، ولكن هذه الأجهزة مُكلفة بشكل ما وتتواجد في مراكز محددة. لذا فإن اتباع النصائح اليومية وتعديل الروتين اليومي للإنسان هي خطوة أولية قد تساعد في علاج أمراض الشقيقة.
وعن حالات الأطفال المُصابة بالشقيقة بدءاً من سن ستة سنوات فأكد دكتور” اللبان” أن التعامل مع هذه الحالات يتم على نفس طريقة التعامل مع الحالات الأكبر سناً من البالغين ولكن ليس بوصف نفس الأدوية بالطبع، ففي حالة ما إذا كانت نوبات الصداع خفيفة وليست متكررة بشكلٍ كبير فيُفضل عدم فعل شيء سوى أخذ قسط من الراحة أو على الأكثر إعطاء الطفل حبة “بنادول” لا غير، أما في الحالات التي تتكرر فيها النوبات بشكل يومي إلى الدرجة التي تمنع الطفل من ممارسة نشاطه الدراسي ففي هذه الحالة لابد من إعطاء الطفل العلاج الذي يتناسب مع سنه وذلك يُحدده الطبيب المتخصص، ويجب تنظيم غذاء الطفل وتجنب تناول الحلويات والمكسرات والشيكولاتة وكل ما قد يسبب زيادة في شدة الصداع.
وبصفة عامة أوضح ” د. أيمن اللبان ” أن تحديد نوع العلاج الدوائي المناسب يتوقف على عدد مرات تكرار نوبات الصداع ومدى تأثير هذه النوبات على حياة الشخص اليومية، فبالنسبة لمن يصابون بعدد قليل من النوبات على فترات متباعدة فإن هناك نوع من الأدوية إذا تم تناوله قبل النوبة مباشرة أو في بداية النوبة يؤدي إلى منع العوارض كلياً، أما من يعانون من نوبات متكررة بمعدل كبير فهؤلاء لابد لهم من أخذ علاج دوائي طويل لمدة ستة أشهر مما يساعد على تقليل عدد النوبات وتخفيف شدة العوارض المصاحبة للنوبة.
معلومة هامة: يعمل زيت الريحان كمرخي طبيعي للعضلات لذا يقوم بتخفيف أعراض الصداع النصفي الناتج عن التوتر و الإجهاد أو التشنجات، ويمكن استخدامه بتطبيقه موضعياً و عمل مساج خفيف للرأس.
كيف تؤثر الرياضة على ” الصداع النصفي” بالإيجاب أم بالسلب ؟
أكد دكتور ” أيمن اللبان ” على دور الريـاضة الإيجـابي في التخفيـف من عــدد مرات تكرار نوبات الشقيقة ” الصداع النصفي “، حيث دائماً ما ينصح الأطباء مرضى الشقيقة بممارسة الرياضة بشكل يومي، فقد أثبتت الدراسات أن ممارسة الرياضة تُخفف من عوارض الشقيقة بنسبة ٦٠٪، ولكن أثناء فترة النوبة نفسها لا يُنصح بممارسة الرياضة لأن ممارسة أي نشاط بدني أو مجهود سيؤدي إلى زيادة حدة النوبة.
ماذا عن دور التغذية السليمة بالنسبة لمرضى الشقيقة ” الصداع النصفي” ؟
أكدت ” د. نجلاء درويش عبيد ” (أخصائية التغذية السريرية) أن الكثير يُعانون من الصداع النصفي و يلجأون إلى شرب القهوة فور شعورهم بالصداع ولكن من الناحية الصحية لا يجب على مرضى الشقيقة تناول كميات من القهوة أكبر أو أقل من الكمية المعتادة يومياً وإنما يُنصح بشرب القهوة بالمعدل الصحيح لأنها تحتوي على مادة الكافيين ذات التأثير الإيجابي على التخفيف من آلام الصداع، كما يجب التركيز على الأطعمة الطازجة الصحية كالخضراوات و الفاكهة ومن أهمها: (التوت البري)، والابتعاد عن اللحوم المصنعة والأطعمة المحفوظة، بالإضافة إلى ضرورة المحافظة على ممارسة التمارين الرياضية، وأخذ القسط الكافي من النوم، وشرب الماء بكميات كافية بما يتناسب مع وزن الشخص، كما يُفضل تجنب المشروبات الغازية التي تحتوي على مُحلي غذائي.
في الأخير أوضح ” الطبيب الضيف د. أيمن اللبان” أن الأشخاص المُصابين بالشقيقة ” الصداع النصفي” عليهم أن يحرصوا دائماً على أن يعيشوا حياتهم بوتيرة منتظمة، حيث أن أي تغير يطرأ على حياتهم قد يصيبهم بنوبات الصداع، على سبيل المثال: اليوم الذي يفرح أو يحزن فيه الشخص بشكل زائد عن الحد سيُصاب بالصداع، واليوم الذي يغير فيه الشخص منزله سيُصاب بالصداع… وهكذا الحال إذا حدث أي تغيير.