تفاصيل الاستشارة: أنا فتاة عمري 20 عاما، أعاني من البواسير منذ سنة تقريبا، وذلك بسبب سوء التغذية وفقر الدم، فأدى ذلك إلى حدوث إمساك، ولكني بدأت العلاج الفعلي منذ 4.5 أشهر تقريبا؛ لأن الأعراض لم تظهر بشكل مؤلم جدا إلا في الفترة الأخيرة مع خروج دم في أثناء التبرز فقط.
ذهبت للطبيبة وذكرت أن حالتي تعتبر بواسير من الدرجة الثانية، وأخذت “فينوروتون، وبروكتوجليفنول”، ولكن دون جدوى، خفت الآلام قليلا ثم عادت مرة أخرى، فأخذت “دافلون 500” لأكثر من شهر بالإضافة إلى حمامات الجلوس الدافئة مع قليل من الملح مرتين يوميا ولمدة 10 دقائق.
وقد تحسنت الأعراض وخفت الآلام، ولكنها أيضا عادت مرة ثانية، ولكن الحمد لله أخف بكثير عن قبل بداية العلاج، فاستشرت طبيبًا آخر ولم يصف لي سوى لبوس ومرهم “نيو هيلار” لمدة أسبوع، وحمامات الجلوس الدافئة التي أواظب الآن عليها، بالإضافة إلى التغذية الجيدة.
والحمد لله لم أعان من الإمساك منذ 3 أشهر، وتوقف نزول الدم منذ شهر، وأتناول الألياف الطبيعية “بران” والملين “دوفالاك” عند اللزوم، ولكن المشكلة أن الأعراض ما زالت قائمة وما زلت أشعر بآلام في أثناء وبعد التبرز.. فما الحل؟ وهل العلاج السابق ذكره يكفي؟ وهل ستختفي الآلام تماما؟.
مع العلم أن الأطباء لم ينصحوني أبدا بإجراء العملية؛ لأنها تعود مرة أخرى، وأنا أصلا لا أريد العملية أبدا، وقد قرأت أن عمل كمادات شاي باردة تخفف الألم.. فهل هذا صحيح؟.
آسفة جدا على الإطالة، ولكني أتمنى أن أجد لديكم الجواب الشافي عن أسئلتي؛ فأنا في غاية القلق والخوف الشديد؛ لأن الأعراض لم تختف إلى الآن بالرغم من كل هذه الأدوية، ولا أجد غير الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يخفف عني ويشفيني ويشفي جميع المسلمين، وجزاكم الله خيرًا.
د. أحمد علي عبد الرحمن «طبيب جراحة» أجاب الاستشارة؛ فقال: بداية عزيزتي أريد إعطاءك فكرة سريعة حول مرض البواسير الشرجية؛ فأسباب ظهوره أساسا أسباب وراثية، مثل أن يكون أحد الأقارب يعاني من البواسير أو الدوالي بأنواعها أو الفتاق أو حتى تفلطح القدمين (الفلات فوت)، وتكون بداية الأعراض نتيجة لوجود إمساك مزمن يكون عادة بسبب العادات الغذائية الخاطئة.
ويتم تقسيم مرض البواسير الشرجية إلى 4 درجات، تبدأ بوجود أعراض الألم الشديد في أثناء التبرز، مع عدم ظهور أي زوائد جلدية خارجية، ثم تمر بعد ذلك بظهور الزوائد الجلدية فقط في أثناء التبرز واختفائها بعده، ثم ظهور الزوائد الجلدية باستمرار ولا تختفي إلا بأن يعيدها المريض إلى الداخل بنفسه، وتكون آخر درجاته هي فشل المريض في إعادة هذه الزوائد أو البواسير إلى مكانها، ويصاحبها ألم شديد يعوق المريض من الجلوس فيفضل الوقوف باستمرار، كما ينزف المريض بشدة في أثناء التبرز؛ وهو ما قد يؤدي إلى الأنيميا أو مرض فقر الدم المزمن.
ويجب التنويه هنا بأن المريض يدخل في حلقة مفرغة، بأن يؤدي الألم الشديد في أثناء التبرز إلى الخوف من التبرز؛ وهو ما يؤدي إلى زيادة الإمساك وزيادة درجة البواسير مع شدة الألم، وهكذا حتى يصل المرض إلى الدرجة الأخيرة ويكون الألم باستمرار سواء في أثناء التبرز أو غيره.
وأطمئنك عزيزتي فلا يلجأ الأطباء إلى التدخل الجراحي إلا لعلاج الدرجة الثالثة والرابعة من البواسير فقط، أو بعد فشل العلاج الدوائي في الدرجة الثانية في القضاء على الأعراض، ولا يكون هناك أي تدخل جراحي للدرجة الأولى؛ ولذلك ننصح جميع المرضى باستشارة الطبيب فورا عند بداية ظهور الأعراض، وعدم الشعور بالحرج؛ لأن هذه المشكلة شائعة جدا وتكون نتائج العلاج المبكر ممتازة جدا.
ويكون العلاج السليم للبواسير كالآتي:
- أولا: القضاء على الإمساك فهو أول وأهم خطوة في العلاج، والتي يغفل عنها الكثير من المرضى والأطباء، ويكون ذلك بالامتناع عن المسبكات في الطعام، وأكل الخبز الأسمر بدلا من الخبز الأبيض، والإكثار من شرب المياه، وتناول الخضراوات الغنية بالألياف مثل الخس والجرجير بكثرة، والامتناع عن شرب الشاي والقهوة والتدخين وحتى الجلوس مع المدخنين، وأهم من ذلك أن يبدأ المريض في تعويد نفسه على دخول دورة المياه للتبرز يوميا، أو يوم بعد يوم على الأكثر في ميعاد ثابت، ويفضل بعد تناول طعام الغداء؛ لأن حركة القولون تنشط بعد تناول الطعام، وأن يصبر المريض على نفسه حتى ولو لم ينجح في التبرز في كل مرة، حتى يتعوّد الجسم على ذلك.
- ثانيا :الجلوس في ماء دافئ: وذلك لمدة 10 دقائق، ويكرر ذلك 4 أو 5 مرات يوميا.
- ثالثا: العلاج الدوائي، ويتكون من:
- مليّن، سواء في هيئة أقراص أو شراب أو نقط أو أكياس فوار، وذلك حسب راحة المريض، ونبدأ بجرعة واحدة يوميا مساء، ونزيدها إلى جرعة صباحا ومساء، أو 3 مرات يوميا حسب استجابة المريض.
- مرهم مخّدر موضعي، يتم دهانه باستخدام إصبع المريض وليس المبسم، ويكون ذلك على فتحة الشرج قبل التبرز بربع ساعة وبعد التبرز، ثم عند اللزوم ليمنع إحساس المريض بالألم ويستطيع المريض التبرز، وبذلك نكسر الحلقة المفرغة الني سبق أن ذكرناها.
- لبوس لعلاج البواسير ويفضل اللبوس وليس المرهم، ويتم استخدامه صباحا ومساء.
- أقراص لتقليل الاحتقان في منطقة الحوض وهو أحد أسباب الألم، وتكون الجرعة قرصا صباحا وآخر مساء.
- أقراص مسكن ومضاد للالتهاب، وتكون الجرعة قرصا صباحا ومساء بعد الطعام، ولا يجب تناوله أبدًا على معدة فارغة، ويفضل عدم اللجوء إليه إلا عند اشتداد الألم.
ويجب أن يستمر العلاج بهذه الطريقة بصورة منتظمة، وعدم التهاون فيه لمدة أسبوعين كاملين، ثم يستمر المريض على علاج الإمساك فقط حتى يعود نفسه على التبرز يوميا بدون علاج، والتمسك بالعادات الغذائية السابق ذكرها لمنع الإمساك.
أما إذا فشل العلاج السابق في القضاء على البواسير من الدرجة الثانية، أو عاودتك نفس الأعراض بعد فترة من زوالها، فهنا نلجأ إلى التدخل الجراحي أو العلاج بالليزر أو بغيرها من الطرق، ولكن أفضل النتائج تكون بعد التدخل الجراحي بإجماع العديد من الأطباء.
وأود أن أنوه بأنه لا صحة هنا لما ذكرته عن رجوع البواسير بعد الجراحة، فإذا تم إجراء الجراحة بطريقة سليمة لا تعود البواسير أبدا. حيث يمكن أن يكون هذا صحيحا في حالات الشرخ الشرجي إذا استمر الإمساك بعد الجراحة، ولكنها لا تعود أبدا في حالة البواسير.
وختاما أنصحك عزيزتي أن تستمري على العلاج السابق لمدة أسبوعين بانتظام كما ذكرنا، أملا في الشفاء من عند الله، فإذا عاودتك الأعراض ثانية فعليك استشارة طبيب ممن يشتهرون بالخبرة الجيدة لتشخيص حالتك تشخيصا سليما أولا، أو اللجوء للجراحة إذا رأى الطبيب ذلك.
وأود أن أنصح بعدم الإحراج من الذهاب إلى طبيب، إذا لم تتواجد طبيبة على المستوى الكافي من الخبرة.
كما أود أن أطمئنك أن الجراحة لا تستغرق سوى 15 دقيقة على الأكثر، ويمكن إجراؤها باستخدام تخدير كلي أو نصفي، كما يمكنك الخروج من المستشفى في اليوم التالي للجراحة مباشرة، ومزاولة حياتك الطبيعية والتخلص من آلامك خلال أسبوعين على الأكثر.
⇐ ولمزيد من الفائدة؛ يمكنك مطالعة:
- ↵ أسماء أدوية البواسير بمختلف الأشكال الصيدلانية
- ↵ الطرق المختلفة “والحديثة” لعلاج البواسير
- ↵ ما هي طرق الوقاية من البواسير؟
مع تمنياتنا لك ولجميع المسلمين بالشفاء العاجل ودوام العافية بإذن الله.