إنها فرصتي، أحد أحلامي وأحلام ملايين أبناء الوطن، أو فرصهم، قبل أن تحولها إلى مقابل مادي في أحد الأرصدة البنكية، أو في رصيد ابنك ذي الـ 14 عاما، الذي ربما يكون ابنه رفيق حفيدي، أو يعقد صداقة مع أحد أحفاد مواطن آخر ماتت فرصته. ففي النهاية كلنا ننتمي إلى هذا الوطن الذي سرقته أنت.
هذا الوطن الذي قضمتَ أطرافه، وزايدت على ترابه من أجل حفنة مال يا صديقي، هو المكان الذي سيحتوي أجيالا قادمة تشارك في إنشائها أنت، تماما كما أقوم بذلك أنا. لو فكرت مليا ستكون فكرة أن يدفع أحد أحفادك خطأ كان بسببك أنت، أو أن يكون ضحية لأمر بدأته أنت، مزعجة.
صديقي الفاسد في كل مكان، «هذا» الذي ملأت أرصدتك منه كان ملكا عاما للآلاف، ربما كان نفقا سينهي معاناة الآلاف، أو طريقا سيحفظ حياة الآلاف الذين يتخطف أرواحهم ذلك الطريق الموحش الذي تركتَهم لغياهبه، أو سريرا في مستشفى، لا لإجراء فحوصات روتينية، لم يعد أحد هنا يهتم بما لم يحدث، من الممكن أن يكون هذا السرير يا صديقي حلم أبناء قتلتهم نظرات الألم في عيون أُمهم التي ربما لن تتألم لو لم تمتد يدك إلى هذا السرير.
يا صديقي الفاسد قد لا يسألك أحد غيري «من أين لك هذا»، وربما تُسأل وتنجح في اختلاق الإجابة. لكنك في النهاية سترتبك. صدقني أن هنالك أشياء أجدر بالخوف من سؤال: «من أين لك هذا».
تخيل الجيل القادم الذي بدأ حياته بعقد مع الدنيا: «القهر مقابل الغذاء»، تخيل منظره وهو يكبر ويعرف أنك أحد أسباب القهر الذي كان يتناوله مع غذائه!
هذا الجيل الذي سرقت فرصه في الحياة الكريمة، سرير والدته، والنفق، أولئك الذين شوهت وطنهم سيزحفون إليك في يوم ما! سيطالبونك بأحلامهم وسيغضبون حينما يعلمون أنك حولتها إلى «كاش» في سوق شديدة السواد.
عزيزي الفاسد حتى ذلك الوقت: عساها تطاردك ملامحهم، وتزعجك أصوات انكسار أحلامهم. وبين حين وآخر يربكك: «من أين لك هذا؟».
بقلم: أيمن الجعفري