هو عروة بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي، تابعي، يكنى بأبي عبد الله.
ولد في آخر خلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، سنة 33هـ في أسرة من سادات المسلمين في عصر صدر الإسلام، فأبوه الصحابي الزبير بن العوام (رضي الله عنه): ابن عمة النبي محمد ﷺ صفية بنت عبد المطلب (رضي الله عنها)، وأمه أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما): ابنة الخليفة الأول للمسلمين أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)، وأخوه لأبيه وأمه عبد الله بن الزبير، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها): أولى زوجات النبي محمد (رضي الله عنهن)، وخالته عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما): ثالث زوجات النبي محمد ﷺ.
كان عروة عالماً كريما، نشأ في المدينة، وعاش فترة من حياته في البصرة ومصر، وكان كثير الصيام والعبادة وقراءة القرآن والصلاة، وأدرك عددًا كبيرًا من الصحابة الذين عاصروا النبي ﷺ فتفقه على أيديهم، وروى الحديث عن كثير منهم، كما لازم خالته أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، وروى عنها بعض أحاديثها، وظل إلى جوارها حتى قبل وفاتها بثلاث سنين، حتى صار من فقهاء المدينة المنورة المعدودين.
ويعتبر عروة أحد الفقهاء السبعة في عصره، وهم: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسليمان بن يسار؛ بل كان بعض أصحاب النبي ﷺ يسألونه، وقد كان عروة يستهدف طلب العلم منذ صغره، ولا يشغله عن ذلك شاغل، وقد حاول عروة الالتحاق بجيش أبيه وطلحة بن عبيد الله (رضي الله عنهما) الذي شارك في موقعة الجمل إلا أنه رُدَّ لصغر سنه، ولكنه بعد ذلك آثر اعتزال الفتن التي وقعت بين المسلمين؛ حيث رأى أنها قد تجلب الشر لهم.
أثنى الكثيرون على علم عروة، وأعلوا مكانته في الرواية ووثقوه؛ فقد روي أن عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) قال: «ما أجد أعلم من عروة بن الزبير وما أعلمه يعلم شيئًا أجهله».
عاصر عروة الكثير من صحابة النبي ﷺ وروى عنهم حتى عُدّ من المكثرين من رواية الحديث النبوي بين معاصريه، كما كان عروة من السباقين في تدوين الحديث، وكان يُشجع أبناءه على دراسة الحديث وحفظه، وكما لازم عروة خالته عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما) روى عن بعض أمهات المؤمنين كأم سلمة وأم حبيبة (رضي الله عنهما)، وأدرك بعض الصحابة الذين شهدوا الأحداث التي عاصرت بدايات الإسلام؛ لذلك أصبح عروة العمدة التي اعتمد عليها كثير ممن جاء بعده من المؤرخين للسيرة النبوية.
كانت وفاته سنة 94هـ، وهي السنة التي سماها الواقدي سنة وفاة الفقهاء؛ لوفاة سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلي زين العابدين فيها.
أما عن مكان وفاته، فقيل: إنه توفي عن سبعين عامًا في بيت له بمجاح في ناحية الفرع من نواحي مكة، ودفن هناك.