عام جديد سعيد
نحيا الآن في أواخر عام يهم بالانصراف، يلملم ما تبقى منه ليرحل بعد أن ترك لنا رصيدا لا بأس به من المشاعر والتفاصيل والخبرات، يرحل بأيامه وساعاته وقد تغرب شمسه ولا تشرق إلى الأبد، ولكنه يظل في الذاكرة محفورا بتفاصيله ومحطاته المهمة التي استوقفت كلا منا، يرحل عنا وقد زرع في قلوبنا بعض الحنين إليه والشوق إلى بعض مواقفه وطرائفه.
وفي نفس الوقت ننتظر عاماً جديداً يطل علينا بعد أيام، ننتظره وكلنا شغف بما يحمله لنا من الأحداث، ننتظر وكنا تساؤل عن مفاجآته وأسراره، ونتطلع أن يكون عامنا سعيداً مزدحما بالتفاصيل التي تسعد قلبنا، وتجبر خواطرنا، ومكللا بالإنجازات التي تشعرنا بلذة الرضا عن النفس وقيمة النجاح.
وهنا وفي هذا المقام لا أجد دعوة أدع إليها القارئ العزيز أهم وأقوى وأروع من الدعوة إلى التفاؤل، بكل معانيه اللامحدودة، وحسن الظن بالله وكل ما يقتضيه من أفكار ومعتقدات وإيمانيات وروحانيات.
الآن ونحن على أعتاب العام الجديد، ندع الله أن يكون عام بركة وخير علينا جميعا، ينبغي أن نسعى جاهدين وجادين في سعينا للتخلص من حالة التشاؤم التي صدرتها لنا بعض وقائع العام المنصرم، وأن نطوي صفحاته القاتمة بكل ما فيها، ونستقبل العام الجديد بقلب مفتوح ونفس مشرقة تتوقع الخير دائما، وترجوا رحمة الله وتنتظر فيض عطائه الذي لا ينقطع.
التشاؤم مدخل من مداخل الشيطان، وباب من أبواب النحس
التشاؤم هو عكس التفاؤل وهو يعني توقع المكروه، واستنتاج الشر، والأمور السيئة فيما يتعلق بالعمل أو بالحياة الشخصية العائلة أو حتى الناحية المالية أو الصحية.
المفترض أن يكون التشاؤم حالة عارضة مرتبطة بحدث معين ومترتبة على أمور معينة تدع للقلق وتنذر بالخطر، إلا أن التشاؤم للأسف الشديد أصبح سمة من سمات بعض الناس، فبينما يستشعر بعض الناس بالتشاؤم والقلق ويحتفظ بمشاعره لنفسه، نجد البعض الآخر يشعرون بالتشاؤم وينشرونه في أي محيط يتواجدن به، تجده سلبيا في كلماته محبطا في نصائح، يائسا حزينا لا يرى الخير في أي شيء، بل يرى الشر والخوف والمصائب وراء كل شيء، فيقال فلان متشائم، بل يعرف بين الناس بالتشاؤم، وهذا أمر غاية في الخطورة والسوء أيضاً.
ومن ثم فإن التشاؤم المتعمق في الأنسان والأفكار السلبية المسيطرة عليه، تؤثر قطعا على طاقته وردود أفعاله وقدرته على العمل والإنجاز، فتجده متكاسلا خاملا محبطا، وتراه عصبيا حاد الطبع، لا يجيد التعامل مع الناس ولا يعرف روح المرح أو البهجة، فتكون كل تلك العوامل سببا منطقيا لوقوع كل ما يخاف ويتوهم بتشاؤمه.
التفاؤل مفتاح الأبواب المغلقة
أما التفاؤل وحسن الظن بالله فيفتح الأبواب المغلقة، وييسر الأمور المتعسرة، ويزلل العقبات التي تواجه الإنسان في حياته، وتفسير ذلك أن الإنسان المتفائل يكون مرحا مقبلا على الحياة، نشيطا كله طاقة وحيوية، فتجده يجتهد ويبذل قصارى جهده في عمله، ويطور نفسه ليحقق التقدم في حياته، فيكون من الطبيعي جدا أن يحالفه النجاح ويحظى بالتوفيق والسداد من الله عز وجل في كل مساعيه.
كما أن الانسان المتفائل تجده راضيا مستبشرا مرحا، فينعكس ذلك على تعامله مع الناس بمرونة ولين ولطف، الأمر الذي يكسبه حب الناس وتعاطفهم، وحب الناس وحده من الأمور التي تزلل الصعاب تيسر الأمور.
كيف أكون متفائلاً ؟
السؤال الأهم هنا كيف تصبح شخصا متفائلا؟ وكيف تتخلص من حالة التشاؤم التي تسيطر على ذهنك أفكارك رغما عنك؟ الإجابة في النقاط التالية:
• ركز على الأحداث الطيبة في حياتك.
• تذكر كم مرة تشاءمت من شيء وتوقع السوء وخالف الله توقعاتك ومضت الأمور على ما يرام.
• ابتعد عن الأشخاص المتشائمين والمحبطين، فالتشاؤم والاحباط حالة نفسية تنتقل سريعا بالعدوى، وتتفاقم بالتعامل مع هذه الأنماط السيئة من البشر.
• استعن بالدعاء، فكل أمر لم يقع وما زال في طيات المستقبل يمكن أن تدع الله أن يرزقك خيره ويدفع عنك شره، ولك ادع انت موقن بالإجابة.
• تخيل! نعم تخيل أن الأمور تسير في المسار الذي حددته لها بالضبط، تخيل أن ابنك سوف ينجح هذا العام، وأن مشروعك الذي بدأته سيكون موفقا وأنه ينجح نجاحا باهرا!! تخيل كل التفاصيل التي تحبها وعش لحظات الاستمتاع بتحققها، وكلما كان خيالك قويا وعميقا كلما كان واقعك وأحلامك أقرب للتحقق.
• وأخيرا اعلم أن الأقدار مرهونة بما تنطق به وما تردده، فاترك كلمات النحس والقلق والخوف، وتحدث بما هو إيجابي وسعيد دائماً.
• ابدأ عامك بحرب على التشاؤم وأهله.