إذا كنت من رواد طريق الدمام – الجبيل، فلك أن تختار بشكل عشوائي أي محطة تقع في ذات الطريق، توقف عندها ثم عليك الآن أن تكتشف الفروق السبعة بينها وباقي المحطات الأخرى، ستحتار وستفكر طويلا قبل أن تجد فرقا واحدا، من المؤكد أنك ستفهم جيدا السلبيات الكثيرة لعملية الاستنساخ حين تمتلك جميع النسخ ذات العيوب، كل ما سيحصل هناك أنك ستركن سيارتك بجانب مضخة البنزين ثم قبل أن يصل صوتك لعامل المحطة سيصلك صوت امرأة تتسول شيئا من المال للظروف الكثيرة التي ستوردها لك في أقل من دقيقة واحدة، تمد يدك لها بشيء من المال ثم تنصرف.
في الغد ستتكرر ذات القصة، في نفس المحطة، مع ذات المرأة وبنفس الظروف، بعد أسبوع ستكون على الموعد مع ذات الأمر، أما بعد شهر فستجد نفسك قد حفظت الرواية عن ظهر قلب وستمتد يدك لا إراديا إليها قبل أن تنطق بحرف واحد، بعد سنة كاملة سيصبح ذلك الأمر من مهامك اليومية التي لن تتأخر عنها!
أما في المرات القليلة التي ستحاول التحايل والتذاكي فيها كأن تتوقف عند محطة أخرى غير محطة البارحة، أو قيادة سيارة أخرى غير تلك التي حفظنها، أو تغير العارض الخليجي بالسكسوكة المحلية، فيؤسفني القول إن كل ذلك لن يجدي نفعا، لأنك ستلقى ذات السيناريو السابق مهما ابتكرت من حيل تخف جديدة، وستصبح جاهزا لدفع ذلك الالتزام بشكل يومي!
بعد سنة كاملة ستجد أن ذاكرتك تحتفظ بكمية الأسئلة التالية التي لن يجيب عنها أحد: هل تتعرض لمؤامرة طوال الأشهر السابقة؟ كم حجم شبكة التسول تلك؟ وإلى أي مدى تتشعب؟ ما علاقتها بالتنظيمات المتطرفة مثلا؟ متى كانت آخر مرة سمعت فيها عن مكافحة التسول؟ ما مهامهم؟ وهل صادفت أحدهم يوما ما؟
ولأن أسئلتك السابقة ستبقى دون إجابة، فاستغل الوقت الآن واحسب على الأقل كم هي الغلة اليومية التي تربحها تلك المحطات من مهنة التسول!
بقلم: ماجد بن رائف
هذا أيضًا: مقال عن ظاهرة التسول