بسبب نتائج الامتحانات قام تسعة عشر طالب بالانتحار في الهند في عام ٢٠١٩، كما قام تلميذ رسب في الامتحان في شهادة البريفيه في لبنان بالانتحار منذ أسبوعين تقريباً، كما قام طالب جامعي بالانتحار بسبب رسوبه في إحدى المواد الدراسية بمحافظة الشرقية في مصر في بداية هذا الشهر.
هل يمكن أن يكون الرسوب في الامتحانات سبباً للانتحار
يقول الدكتور “سليمان إبراهيم الخضاري” أستاذ الطب النفسي في جامعة الكويت: أنه يجب أن نعلم أن عالمنا العربي يحتوي على فرص عمل محدودة بدرجة كبيرة، وأن فرص العمل المحدودة تلك يمكن أن يحصل عليها من استطاع أن يثبت نفسه دراسياً.
حتى الأهل الذين لديهم استعداد لإرسال أبنائهم إلى خارج البلاد العربية بحثاً عن فرص عمل، يكون لديهم نفس الهدف في حصول الأبناء على درجات عالية جداً دراسياً حتى يتاح لهم فرص أفضل بالخارج، كما يكون هناك رغبة شديدة لدى الأبناء في الحصول على نتائج جيدة حتى يردوا بعض الجميل لأهلهم، ولتعويضهم عما أنفقوه عليهم خلال هذه المراحل التعليمية المتعددة.
وبالتالي يسبب ذلك ضغطاً كبيراً على الأبناء؛ بسبب زيادة التوقعات التي ينتظرها الأهل منهم فيؤدي ذلك في النهاية إلى انتحار الأبناء للخلاص من هذا العبء.
العوامل النفسية والاجتماعية الكامنة وراء فكرة الانتحار لدى الأبناء
يؤكد الدكتور “الخضاري” أن المشكلة لا تبدأ في اللحظة التي يقوم فيها الأبن بالانتحار، فإن المشكلة تبدأ قبل ذلك بكثير نتيجة ضعف التواصل الاجتماعي بين أولياء الأمور وبين أبنائهم؛ فلا يكون هناك لغة حوار واضحة بينهم، كما لا يظهر الأهل في أغلب الأحيان المتوقع من أبنائهم مستقبلياً ودراسياً، وكذلك فلا يكون هناك رؤية حقيقية من جهة الأهل لتوجهات أبنائهم.
ويضيف الدكتور “سليمان” حديثه مؤكداً أن مجتمعنا العربي هو مجتمع أبوي بالدرجة الأولى؛ فقد يفرض الأهل سلطتهم على الأبناء، حيث يتم رسم حدود معينة للابن حتى يعبر عن ذاته، كما أن الحوار عادة بين الأهل والابناء يأخذ منحى الاتجاه الواحد “Unidirectional”، فغالباً ما يكون الحديث بينهم شبيه بالدرس الأخلاقي وبتذكرة الأبناء بأن الأهل قد أنفقوا جل ما لديهم على الأبن وبالتالي يظهروا بعض التوقعات التي لديهم تجاهه، فيبدأ الأبن في الشعور بالذنب مما يدفعه إلى الانتحار في النهاية.
ولك أيضًا أهمية مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية
حالات الانتحار الجماعية
إن حالات الانتحار الجماعية والتي تحدث في الثقافة الغربية والعربية، غالباً ما تأتي نتيجة وجود بعض المذاهب الدينية المتطرفة والتي يقنع فيها رجال الدين عامة الناس بأن نهاية العالم قد اقتربت، وبالتالي يجب أن نضحي بأنفسنا من أجل ذلك.
أما عن حالات الانتحار الجماعية التي تحدث بين الطلاب، فيقول الدكتور “الخضاري” أن عملية الانتحار بالأساس لا تعتبر عملية سهلة بأي شكل من الأشكال؛ لذلك قد يجد بعض الطلاب الذين خاب أمل أهاليهم بهم الخلاص بنفس الطريقة، فيقومون بتشجيع بعضهم البعض، مما يسهل من القيام بعملية الانتحار ومما يخفف كثيراً من الخوف لدى الشخص من طريقة الانتحار وحتى مما سيلاقي بعد الموت.
واقرأ هنا عن أسباب الخوف من الامتحانات وكيفية التغلب عليه
هل يمكن أن نتوقع من سلوك الطالب أنه قادم على الانتحار؟
يؤكد الدكتور “سليمان” أن هناك مؤشرات واضحة للشخص المقبل على الانتحار؛ فمثلاً إذا كان الشخص قبل فترة الامتحانات يبدأ في التعبير عن صعوبة المواد الدراسية، أو عن صعوبة الامتحانات، فمثل هذه التعبيرات تعتبر رسائل يبثها لنا الشخص عن المستوى المتوقع منه في هذه المواد، ومن ثم تأتي النتائج التي قد لا ترضي الأهل بالطبع فيبدأ النقاش الحاد بين الطرفين.
وبالتالي يلجأ الأبن في الانعزال وفي أخذ منحنى الاكتئاب، والذي من أهم علاماته الانعزال والانفصال عن الأهل والأصدقاء، والبقاء في الغرفة لفترة طويلة، وفقدان الشهية، وظهور بعض اضطرابات النوم، والاهمال الظاهر في النظافة الشخصية، وكذلك إهمال الشخص لأي شغف تجاه أي شيء.
كما يجب أن ننتبه أن الشخص المقبل على الانتحار لا يتحدث عن الانتحار بشكل صريح وواضح.