ظاهرة التسول
تقول العضو في مركز همم للبحث والتحليل الاجتماعي الدكتورة “ندى العابدي”: أنه بلا شك أن ظاهرة التسول هي ظاهرة شاذة دخيلة يرفضها المجتمع بشكل عام، حيث أن انتشار هؤلاء المتسولين يضر بالواجهة الحضارية في الدول، كما يضر بطبيعة التكافل الاجتماعي؛ حيث أنه كما هو معروف أن عالمنا العربي له قيمه، وعاداته، وتقاليده، كما أنه له من القيم الدينية ما يكفل العيش الكريم للجميع؛ حيث أنه يُفرض على أصحاب الدخل المادي العالي، أن يقوموا بكفالة من هم أقل منهم، أو بكفالة فقراء المجتمع، وبالتالي ظهور مثل هذه الظواهر يدل على وجود خللاً واضحاً في البرامج الحكومية، وفي برامج التكافل الاجتماعي، وفي الوضع الاقتصادي للبلد أيضاً.
وعلى الرغم من وجود ظاهرة التسول في البلدان المتطورة أيضاً، إلا أن مثل هذه الظواهر يعتبر مؤشراً واضحاً على البنية الاقتصادية في البلد، ويعتمد الأشخاص المتسولون على طريقة استجلاب تعاطف الناس، واستقطابهم من خلال استخدام الأطفال، أو كبار السن، أو المرضى، وذلك يوقظ لدى الناس الفطرة الإنسانية، والحسنة لمساعدة الاخرين، وبالتالي قد يستخدم بعض العصابات هذه الطريقة للاستثمار، وسحب مبالغ مالية كبيرة جداً من الناس، ويجب أن نذكر كما وضحت الدكتورة “ندى” أنه بعض هؤلاء الأشخاص المستولين وضعهم المادي ممتاز جداً، بالشكل الذي يفوق تصوراتنا.
اقرأ للأهمية أيضاً: ما هو التسول الرقمي وما أشكاله
ومن الجدير بالذكر أن التسول ذاته يسلب من هؤلاء الأشخاص كرامتهم، حيث أن الإنسان بطبيعة الحال أهم ما يبحث عنه في الحياة هو الشعور بالتقدير، والذي غالباً ما ينتج عن تقديم الخدمات أو الأعمال المهمة للمجتمع وبالتالي يشعر الإنسان بقيمته، وتبعاً لذلك عندما لا يكون هناك عملاً أو مهمة لدى الفرد في المجتمع، فإنه يفقد شعوره بذاته، ويفقد احترام الآخرين له أيضاً، وبالتالي فإنه قد يستبيح أي عمل يسيء إلى كرامته؛ لذلك فتكثر بين هؤلاء الأشخاص جرائم القتل، وتجارة المخدرات، وتجارة الأعضاء، واستباحة الجسد، وإلى غير ذلك من الجرائم غير الإنسانية كما وضحت الدكتورة “ندى”.
ونظراً لكون هؤلاء الأشخاص يسعون خلف المال، فإنهم لا يكتفون بما يقضي الحاجة فقط، كما حدث مؤخراً مع المتسولة اللبنانية الحاجة “وفاء محمد عوض”، والتي وجد في رصيدها الخاص ما يقارب من ٩٠٠٠٠٠ دولار، ذلك بالإضافة إلى أنه نظراً لأن هؤلاء الأشخاص لا يبذلون جهداً حتى يحصلون على هذا المال، لذلك فرغبتهم في الحصول على المزيد لا تتوقف.
وأخيراً، فتؤكد الدكتورة “العابدي” أن التسول بكل الأحوال ظاهرة اجتماعية تضر بالمجتمع؛ لذلك فيجب على الحكومات أن تقضي على تلك الظاهرة، ونظراً لأن هؤلاء الأشخاص عند جمعهم في دور رعاية، فغالباً ما يهربون منها، بسبب رغبتهم في جمع الأموال الكثيرة التي يجنوها من التسول.
لذلك فالحل النهائي عن طريق تفعيل سلطة القانون، مع توفير برامج مالية واقتصادية تكفل هؤلاء الأشخاص، وتحاول قدر الإمكان أن تستثمر طاقتهم، ذلك بالإضافة إلى أهمية الدعم النفسي الذي يجب أن يُقدم لهؤلاء؛ حتى يتخلصون من الشعور بالدونية، الذي يجعلهم يستبيحون كرامتهم، ويطلبون المال من غيرهم.
وتقرأ هنا أيضًا مقال عن ظاهرة التسوّل