لاشك بأن الطفولة أثر في نفس كل شخص وهي بطبيعة الحال فيها العديد من مشاعر الإخوة والتي يجب أن نتعامل معها بصورة طبيعية دون أن نضغط أكثر على الأهل الذين تقع عليهم المسئولة الكبرى حيال هذا الأمر.
يُعرف الأطفال ببرائتهم بشكل متداول بيننا وتتجلى المواقف التي يشعر فيها الطفل بخطر المنافسة ومن ثم تنشأ الغيرة بين العديد من الأطفال وخاصة الإخوة.
كيف يمكننا تحضير نفسية الطفل لولادة أخ صغير له؟
قالت “د. ناهد الحسن” أخصائية علم النفس. يعتبر أي تغيير يجدث في حياة الإنسان سواء كان كبير أو صغير فإنه يشكل جزء من التهديد النفسي، لذلك يركن الناس دوماً إلى الشيء المألوف والعادي وقديماً قالوا أن الإنسان عدو ما يجهل فكيف أن يكون هذا الشخص هو طفل صغير في العمر يفاجَئ بأن يولد له أخ صغير في المنزل سينافسه ويشاركه اهتمام الوالدين، لذلك من الضروري أن ينتبه الأهل إلى مثل هذا النوع من المشكلات ومحاولة إعداد الطفل الصغير لما هو قادم وجديد كما يجب عليهم تفهم شعور الغيرة عند الأطفال لنخطط لهذا الأمر من قبل.
تعتبر الغيرة هي شعور غير سار حيث يشعر الطفل فيها الخوف والتهديد من الشخص الذي سينافسه حب الوالدين ورعايتهم له وعطاياهم كما أن الأطفال خاصة قبل سن الخامسة يكون لديهم نضج معرفي محدود نوعاً ما للتعامل مع هذه المشاعر والتكيف معها وبالتالي فإنهم يتعرضون لعدم حب الذات والعنف مع الآخرين مما يجعلهم يعبرون عن هذه الغيرة بطرق غير سوية ومزعجة للوالدين، لذلك يجب أن يهتم الوالدين بمشاركة الطفل ومحاولة إعداده مسبقاً لولادة طفل جديد منذ بداية الحمل وأن هذا الشخص القادم الجيد للمنزل إنما هو أخيه الصغير الذي سيلعب معه وسينتظر قدومه من المدرسة لهذا الغرض ومن ثم سيبقى هذا الطفل قادراً على التعامل مع القادم الجديد للبيت بصورة جيدة.
وتابعت “ناهد الحسن” يجب على الوالدين كذلك ضرورة الحديث مع الطفل للتعبير عن مشاعره والأهم من ذلك عند قدوم الطفل الجديد للبيت أن ينتبه إلى ضرورة تفهم أن الطفل الجديد لديه حقوق على الوالدين مثل الرضاعة المستمرة والعطف والحنان حيث يجب على الأم أن تنظر في عينه باستمرار.
متى يمكن للغيرة أن تكون حالة مؤذية ومرضية؟
كما سبق الذكر فإن الغيرة هي شعور طبيعي مثل أي شعور يشعر به الطفل كما أنها ليست شيئاً غريباً عليه لكن المهم هو ألا تتحول هذه الغيرة لتخلق ردود أفعال يمكن أن تكون مرضية أو تستدعي الانتباه في حالات الأطفال ولعل أكثر القصص تمثيلاً لهذا السلوك هو قصة يوسف عليه السلام حيث أنه ليس مألوفاً أن يتحول الأخ لإيذاء أخيه بدافع الغيرة.
على الجانب الآخر، من المهم ملاحظة أعراض الغيرة عند الأطفال حيث أن الطفل الأقل من خمسة سنوات حين يأتي قادم جديد للبيت فإنه قد يحدث انتقاص على المستوى السلوكي للطفل أو فقدان القدرة على الكلام بعد أن اكتسبها.
أما الأطفال الأكبر سناً فعادةَ ما يعبرون عن هذه الغيرة عبر الغيبة خاصة عند غياب الطفل الآخر الصغير ومحاولة تشويه صورة الطفل الآخر عند الوالدين ومن المهم أن ننتبه إلى ذلك ونقدم النصائح الممكنة للشخص الذي يعاني من هذا الخلل السلوكي.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت الغيرة مثلاً بدافع أن الأخ الأصغر متفوق دراسياً فيجب على الأخ الأكبر التفكير فيما ترمي إليه هذه الغيرة ويحاول أن يتفوق دراسياً بدلاً من الإساءة للأخ الآخر مع إمكانية تحفيز الأخ الأصغر ومحاولة مساعدته وتقديم المشورة الصحيحة له لينمي المهارات لديه.
وأخيراً، هناك بعض الأهالي الذين يشجعون الغيرة بين الأولاد دون قصد بعقد المقارنات الدائمة أو السباق تحت مهارة معينة وهذا فيه مشكلة لأن الأطفال ليسوا على درجة واحدة من المهارة ليقوموا بها، كما يجب على الأهل خلق جو عالي بالثقة بالنفس والحب بين الأطفال دون أن يتعامل الأهل بشيء من التجاهل مع الغيرة بين الأطفال لأن هذا قد يتسبب في تفاقم المشكلة أكبر من اللازم.