ما هي أسباب العنف لدى الأطفال؟
قالت الأستاذة “كلير عواضة” مدربة البرمجة اللغوية والعصبية. العنف عند الطفل يبدأ منذ فترة الحمل، حيث إن طبيعة حياة الأم وطبيعة علاقتها مع زوجها ومع مجتمعها تجعل العقل إما أن يتجه إلى الهروب من المشكلات وإما أن يتجه إلى العنف والعدوانية، وهذا الذي يحدث في عقل الأم ينعكس على الجنين ويترسخ فيه ويظهر عليه بعد الولادة وخلال التنشئة.
هذا إلى جانب أن الطفل يظل حتى عمر الست سنوات يتعلم ويكتشف كل ما ومن حوله، ولذا إذا لم تكن البيئة المحيطة صالحة وهادئة فإن الطفل ستترسخ بداخله العدوانية والعنف.
هل اللغة العنيفة مع الطفل تولد طفل عنيف؟
الأطفال بطبيعتهم يكتسبون خبراتهم من خلال المراقبة والرؤية بجانب السمع، وبالتالي هو يلاحظ تعبيرات الناس وإنفعالاتهم بالتزامن مع سماع ما ينطقون به، ومن هنا نجد أن طريقة التواصل التعبيرية واللغوية مع الطفل لها دور في تشكيل وجدانه ومفاهيمه المرتبطة بالعنف والعدوانية، ومن ثَم التواصل السلبي معه حتى وإن كان بهدف المحافظة عليه يُكسبه الشعور بالعدوانية والعنف.
وأضافت “أ. كلير” الجدير بالذكر أن الإحصائيات تشير إلى أن بلوغ الطفل عمر الثلاث سنوات يتزامن معه سماعه لما يقارب ثمانية آلاف كلمة لا، وهذا المعدل الضخم من التواصل السلبي يتدخل في تشكيل شخصية الطفل العدوانية تبعاً لرفضه هذا التواصل السلبي المتمثل في المنع، لكن التواصل الإيجابي مع الطفل من خلال إمداده بخيارات أخرى من شأنها إبعاده عما نريد نهيه عنه يخلق شخصية هادئة تُحبذ التفكير والاختيار.
هل تعامل الأهل مع محيطهم بالعنف ينعكس على الطفل؟
إذا ما افترضنا أن الأهل يتعاملون مع البيئة المحيطة بهم بعدوانية وعنف في حين أنهم يعاملون الطفل بكل المعايير النفسية والعلمية الصحيحة، فهنا نجد أن الطفل بطبيعته يبدأ في تشكيل وجدانه عن البيئة المحيطة في الفترة ما بين 6 سنوات إلى 8 سنوات، وبالتالي هو يختزن كل معلومات وصور تعامل الأهل مع محيطهم في رأسه، وخلال تلك الفترة من العمر يبدأ في تحليل كل ما شاهد وسمع، ومن ثَم إما أن يُشكل وجدانه وطريقة تعامله بشكل مُشابه جداً لما عليه الأهل بحذافيره، وإما أن يُشكل وجدانه بطريقة معاكسة ومُغايرة لهم تماماً، فعقول الأطفال تمر بثلاثة مراحل متتالية هي إلغاء المعلومات وتخيل المعلومات وتعميم المعلومات، وبحسب كمية المعلومات التي يختزنها عقل الطفل في كل مرحلة تتشكل شخصيته، وبذلك يتضح لنا السبب الرئيسي في تواجد طفلين ببيت واحد ولكل منهما شخصيته الخاصة بل والمتناقضة مع أخيه.
ما هي المؤشرات المُلزمة لوصف الطفل بالعدوانية والعنف؟
أكدت “أ. كلير” على أن مؤشرات عدوانية وعنف الطفل عادة ما يلاحظها مسئولي المدرسة أكثر من الأب والأم في المنزل، حيث في المدارس تظهر طبيعة شخصية الطفل من خلال طريقة تعامله مع زملاءه وشكل وشدة ردة فعله تجاه فصله ومدرسته، ومن هنا نؤكد على ضرورة التواصل بين المدرسة وبين المنزل لتدارك الأمر فور ظهور أي مؤشرات تدل على عدوانية الطفل وتعامله بعنف مع محيطه ورفقائه، ولابد وأن يبدأ علاج تلك السلوكيات في الصغر وقبل الدخول إلى مرحلة المراهقة، والمسئولية هنا تقع على عاتق الأهل، فلا يجدر بهم عند تصرف الطفل بعنف أو عدوانية إلقاء اللوم على الأطفال الآخرين أو على المدرسة، لأن طبيعة تواصلهم مع طفلهم هي التي زرعت فيه الروح العدوانية تجاه المحيط من حوله.
ما هي الحلول الجذرية مع الطفل العدواني؟
الحلول مع الطفل العدواني تختلف باختلاف المرحلة العمرية، فإذا بدأنا علاج السلوك العدواني في العمر الصغير؛ فههنا ينبغي تغيير طريقة التواصل مع الطفل فوراً وحالاً، مع ملاحظة دقيقة لردات فعله على المواقف المختلفة لتحديد المواقف والتصرفات التي تثير عدوانيته، هذا إلى جانب توضيح الأمور للطفل فيما يخص المجتمع وأنسب الطرق للتعامل مع أفراده المختلفين في الطباع والمزاج والسلوك، بالإضافة إلى سرد القصص الإيجابية له وخصوصاً قبل النوم حيث يكون عقل الطفل في حالة إسترخاء وبالتالي لا يختزن معلومات القصة ويحللها بل يتشربها كما هي، ويُضاف إلى ذلك ضرورة التعامل مع الطفل وفق طرق إيجابية تُحسِّن من شخصيته وتُنميها وتزرع به الثقة بالنفس، ولا شك طبعاً في أن كل ما سبق لابد وأن يتزامن مع مراقبة الأهل لتصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين أمام الطفل.
واختتمت “أ. كلير” ولا ننسى أن مشاركة الطفل في الأنشطة المحببة له يُنمي من موهبته ويرفع مستوى موهبته، بالإضافة إلى أن الأنشطة تجعلهم يخالطون الأطفال ويتعاملون معهم في جو من المحبة والرغبة طالما أن النشاط محبب للطفل ويستحوذ عليه وليس جبراً أو فرضاً، حيث لابد وأن تُتاح الفرصة للطفل في اختيار ما يفضل ممارسته.