يقول الله عز جل في معرض الحديث عن الصيام وفرضيته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183))، وبعد أن صرح بالفطر للمريض أو المسافر ومن له عذر شرعي تدارك قائلًا: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
وتتمثل خيرية الصيام في إدراك منافع الدنيا من الصحة والسلامة وتربية النفس وتزكية القلب وتقويم اعوجاجه، ومنافع الآخرة من حيث الثواب العظيم الذي وعد الله به عباده الصائمين الذين امتثلوا أمره وخضعوا لإرادته، وهنا سوف نخصص هذا المقال وما يتضمنه من سطور لفوائد الصيام العظيمة على الصحة البدنية وكيف يكون وقاية من بعض المعضلات وعلاجًا لبعضها الآخر، من باب الحث والترغيب في الصيام والتذكير بفضله.
بعض الأمراض التي يعالجها الصيام
يساعد الصيام في علاج قرحة المعدة: قرحة المعدة من الأمراض المؤلمة جدًا والمزعجة والتي تتأثر بمعدل افراز حامض المعدة المرتبط في الأصل بدخول الطعام إلى المعدة، وبناءً عليه فإن إفراز المعدة للحامض يقل في الصيام ويفرز مرتين فقط، وتعتبر المعدة في راحة تامة من وجود ذلك الحامض الذي يهيج قرحة المعدة ويزيد الجروح طوال النهار، فتصبح القرحة قابلة للالتئام وخاصة مع تناول بعض علاجات الحموضة، ومن ثم يلعب الصيام دورًا فاعلًا في علاج تلك المشكلة كما يؤثر تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على معظم مشاكل المعدة مثل ارتجاع المريء وحموضة المعدة وجرثومة المعدة.
يساعد في علاج أمراض الدرة الدموية الطرفية: وتشمل أمراض الدورة الدموية الطرفية مرض الرينود ومرض برجر، وهما من الأمراض التي عجز الطب عن إيجاد علاج شافي لها حتى الآن، ومنها أيضًا مرض التهاب الأعصاب الطرفية المصاحب للإصابة بالسكري، وبعض الأمراض الوراثية مثل الأنيميا المنجلية التي تسبب عدم وصول الدم بصورة كافية للأطراف، وذلك من خلال تحسين وظائف الدورة الدموي وسهولة جريان الدم في الأوردة والشرايين ووصوله إلى كافة اجزاء الجسم، بسب استهلاك الدهون الروتينية قليلة الكثافة التي تترسب على جدر الشرايين وتعيق حركة الدم.
يعالج الصيام الروماتويد: الروماتويد هو عبارة عن مرض من أمراض المناعة الذاتية والذي يعرف بالالتهاب المفصلي المزمن، والذي ينشا نتيجة تكوين الجسم جزي يعرف بــ “البروتوجلايكان” والذي يكون عدد من البروتينات، وفي حالة بناء البروتين بطريقة خاطئة يكون جهاز المناعة أجسامًا مضادة لمحاربة البروتين ومن ثم ينشأ عن هذا الصراع مرض الروماتويد ومتاعبه الرهيبة، ما يفعله الصيام المتواصل أنه يكون عازلًا بين الأجسام المضادة والبروتين ومن ثم تخف حدة الأعراض الناجمة عن الروماتويد، وهذا من أوجه الإعجاز في الحديث الشريف الذي يقول فيه النبي عن الصوم، أنه وجاء، أي وقاية أو عازل أو حائل.
يعالج السمنة والأمراض المصاحبة لها: يعتبر الصيام الإسلامي بصورته المعروفة علاجًا رائعًا للسمنة وبعض الأمراض المصاحبة لها وذلك من عدة أوجه، أولها أن الصيام يساعد الجسم على استهلاك الدهون المكونة للوزن الزائد وتحويلها إلى طاقة، وبالتالي يقل الوزن، ومن الجدير بالذكر أن الصيام بصورة صحيحة مع الاعتدال في تناول وجبات الإفطار والسحور من حيث الكم والنوع يمنح الانسان فرصة للتخلص من حوالي 12 كيلوا جرام بصيام شهر رمضان.
ومن وجه أخر يعمل الصيام على علاج الأمراض المصاحبة للسمنة مثل تصلب الشرايين وذلك عن طريق على استهلاك الدهون البروتينية قليلة الكثافة التي تترسب في الشرايين وتسبب تصلبها، وعلاج ارتفاع ضغط الدم من خلال تنظيم افراز هرمونات الغدة الجار كلوية والتي تسبب زيادتها ارتفاع ضغط الدم.
يرفع المناعة العامة للجسم: يعتبر الصيام من معززات المناعة العامة للجسم ومن محسنات أداء الجهاز المناعي، لذا فهناك توجه حديث لدراسة تأثير الصيام على الطريقة الإسلامية على كيماء الجسم وكيف يحسن من أداء الوظائف العامة، لاستغلاله في الوقاية من بعض الأمراض وعلاج بعض الأمراض الأخرى.
وأخيرًا: فإن تك محاولة للتعرف عن قرب على بعض فوائد الصيام، وكيف جعل الله في تلك العبادة التي تنطوي على بعض الغضاضة خير عظيم، نلمسه بعرض قبس من الفوائد والثمار القريبة التي يجنيها المسلم من صيامه في الدنيا، ووالله لو لم يكن في الصيام فائدة إلا بلوغ الصحة وإدراك عافية البدن لكفى بها فائدة! فما بالنا وهو عافية الدنيا والآخرة.