ما هي معايير اختيار الصديق؟
أجابنا فضيلة الشيخ “خالد العمدة” قائلاً: مقام الصداقة في الإسلام عظيم الشأن، وهو يختلف كلياً عن علاقات الزمالة العابرة أو الصحبة الدارجة، وقد حدثنا فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله – في هذا الجانب مفصِّلاً أنه لا ينفع الإنسان في الدنيا والآخرة إلا الأخلاء من أهل التقوى والصلاح، ويأتي تأصيل فضيلة الشيخ رحمه الله استناداً على ما وصلنا من السنة الصحيحة للنبي – صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأن قيام الصحبة على الحب في الله تعالى والصلاح يجعل مبناها ومعناها وتشاركها بالأساس في تقوى الله عزّ وجل والقرب منه.
وتابع “الشيخ العمدة” قائلاً: ويخذنا ذلك المنعطف في الحديث إلى الإشارة إلى صفات الصديق الصالح، والتي بناءً على توافرها في المرء تصبح صحبته خيراً وسعادة في الدنيا والآخرة، ويمكن تقسيم صفات الصديق الصالح إلى نوعين أساسيين هما:
الصفات الشخصية: وهذه تشتمل على
1. العبودية لله تعالى: أي من الضروري أن يبحث المرء فيمن يصاحب على الشخص الحريص دائماً وأبداً على أداء الفرائض والطاعات والخيرات.
2. أن يكون الصديق من أهل الإخلاص: بمعنى أن الصديق الصالح هو من يصاحبك إخلاصاً لك وللصداقة دون النظر إلى مصالح ومنافع دنيوية مادية فانية.
3. التضحية: فالصديق الصالح هو ذلك الشخص الذي يضحي بما يملك من أجل صديقه، فنجده يضحي بوقته أو بماله أو حتى بأفكاره وميوله المحببة إلى نفسه، وذلك بهدف حرصه على استمرار علاقة الصداقة وتجذرها وتعمقها.
4. الصبر: فلا أصدق ولا أصلح من الإنسان الذي يتحمل الآخرين وخصوصاً أصدقاءه في أوقات الشدة والعسر، حيث أنه في تلك الأوقات قد يصدر من المرء سلوكيات عارضة لا يقصدها، ومن ثَم من يتحملها هو من أصدق وأصلح الأصدقاء، أما من يتجنبك وقت الشدائد والكروبات ويتقرب منك وقت الرخاء والفرح فهو ليس بصديق على الإطلاق.
الصفات السلوكية: وهذه تشتمل على
1. قبول النصيحة: وأردف “الشيخ خالد” قائلاً: فالأصدقاء مرآة بعضهم البعض، كما أنهم أولى الناس بتصحيح المفاهيم المغلوطة وتقويم الإعوجاج السلوكي لكل منهما، لذلك لابد وأن يتحلى الصديق بصفة الاستماع الجيد للنصيحة وقبولها على الرحب والسعة طالما أنها في موضعها، والأمر بالتبادل بين طرفي علاقة الصداقة.
2. الصدق: فالنبي – صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بأن آية المنافق ثلاث منها أنه إذا حدث كذب، وبطبيعة الحال لا تستقيم الصداقة مع منافق بأي حال من الأحوال.
3. الأمانة: فعلاقة الصداقة هي باختصار مشوار حياة ومخالطة كاملة بين الصديقين، فكيف أشك في أمانة شخص في حين أن علاقة الصداقة بيننا تدفعنا إلى التزاور وإطلاع كلٌ منا على التفاصيل الشخصية للآخر، فلابد حتماً أن يتحلى الصديق بالأمانة حفاظاً على ما بيننا من أسرار وعورات.
4. الكرم: من الواجب انتقاء الصديق الكريم، لأن الكريم يُعلم صديقه الكرم، والبخيل كذلك، لذلك فإن الصداقة الطيبة الحسنة هي ما تنمي السلوكيات الإيجابية في الإنسان وليس العكس، كما أن الكرم يورث القلب السعادة وحب الكريم، بينما البخيل فإن صحبته تبعث على الغم والتناحر المادي.
5. وصل الرحم: واختتم “الشيخ خالد” حديثه مشيراً إلى أن قاطع الرحم ملعون ومطرود من الجنة بنصيّ الكتاب الكريم والسنة المطهرة، كما أن من هانت عليه رَحِمَه سيهون عليه صديقه ولو بعد حين.