إن الثقة بالنفس تمنح صاحبها القدرة على تحقيق أهدافه وتوصله لأبواب النجاح لكن أحياناً قد تتحول الثقة بالنفس إلى غرور ونرجسية.
هل يعتبر الغرور صفة فطرية أم مكتسبة؟
قال “أ. عبد الله هاشم درويش” مدرب التنمية البشرية” يعتبر الغرور مشكلة سلوكية قد تكون موجودة كصفة في الإنسان وقد تكون صفة مكتسبة بسبب الشعور بالنقص حيث يحاول الشخص تغطية هذا النقص من خلال إظهار الغرور وإظهار عكس ما يخفيه من نقص يكمن داخله، كما يعتمد هذا الشخص في سلوكه على مهاجمة الآخرين ومحاولة تخطيئهم طيلة الوقت وفي حالة شعوره هذا الإنسان بمحاصرة أو ضغط فإنه يلجأ إلى التحجج ببعض الحجج الواهية مثل قلة الوقت وغيرها من الحجج التي تساعده في الهروب من إظهار نقصه أمام الآخرين.
متى تتحول الثقة بالنفس إلى غرور؟
هناك شعرة رفيعة بين الثقة بالنفس والغرور عند الإنسان كما أن الواثق من نسه لا يهاجم الآخرين ولا يكون لديه مشكلة من نجاح الآخرين دون أن ينجح هو لكن الشخص المغرور ينتظر حديث غيره حتى يتصيد له الأخطاء ومن ثم يبدأ بالهجوم عليه كما أنه يقوم دائما بنسب الفضل إليه في كل شيء دون أن يُظهر أن لديه نقص شديد في شيء ما.
وأضاف أستاذ التنمية البشرية “عبد الله هاشم درويش” من الدلالات المهمة للثقة بالنفس أن الشخص الواثق بنفسه حين يحاور أحد فإنه ينتظر حتى يفرغ من حديثه تماما ومن ثم يبدأ في مناقشته، وفي حالة أن نظيره المحاور له على حق فإنه يعترف بذلك على الفور لكن الشخصية المغرورة عكس ذلك تماماً ودائماً ما يقوم بمهاجمة الآخر.
ما الفرق بين الشخصية النرجسية والشخصية التي تهتم بذاتها؟
من الضروري أن يهتم الإنسان بذاته لأنه من الصعب أن ينجح أي إنسان في أي شيء دون أن يكون محباً لذاته ولكن تكمن المشكلة في تجاوز الحدود في حب الذات مما يصيبنا بحالة تسمى بتضخم الأنا عند الإنسان لأن ذلك يساعد هذه الشخصية في رؤية نفسها فقط وتقوم بمسح الآخرين ممن حولهم مما يعد تجاوزاً للحد في طريقة التعامل مع الآخرين.
تكمن المشكلة الكبرى مع الشخصية المغرورة عند النقاش معها حيث أن الحديث مع مثل هذه الشخصيات يمتد لفترات طويلة دون الوصول إلى أي نتيجة تُذكر ودون جدوى، لذلك يجب أن يتحلى الشخص الذي يقوم بالتحاور مع الشخص المغرور شخصية ذكية تقلل من النقاش مع الشخصية المغرورة حيث أنه في الغالب ما يكون الشخص الغرور شخصية لا تتسم بالذكاء وإنما تتسم بالجهل وعدم المرونة.
إلى جانب ذلك، يجب أن يكون لدينا تصور للحل أو النتيجة النهائية التي نريد التوصل إليها عند النقاش مع مثل هذه الشخصيات المغرورة التي لا ترى نفسها مخطئة تحت أي ظرف من الظروف كما يجب أن نتسم باللباقة عند عقد مناقشة مع هذه الشخصية المغرورة.
كيف يمكن أن يؤثر الغرور سلباً على صاحبه؟
يجدر علينا الإشارة إلى أن الغرور يعتبر من أسوء الأشياء التي تؤثر سلباً على صاحبها خاصة على علاقاته مع الآخرين حيث يلجأ الآخرون إلى الهروب دوماً من الشخصية المغرورة سواء في العمل أو الحياة الشخصية العائلية او حتى عند النقاش معه لأنه دائما ما ينسب الفضل لنفسه ويقوم بتحقير آراء غيره، لذلك يبدأ الجميع بالخروج من حياته أو ربما الدخول معه في صدامات شديدة، ولكن يمكننا الإشارة أيضاً إلى أن قطع الناس علاقتهم بهذه الشخصية المغرورة قد يؤدي في النهاية إلى وصول مثل هذه الشخصيات إلى حالة نفسية مرضية شديدة قد تصل إلى الاكتئاب والعديد من الأمراض الأخرى النفسية وربما الجسدية في بعض الأحيان، لذلك يجب أن يكون لدى أي إنسان بعض الأدوات التي توقفه من التمادي في ممارسة الغرور معه غيره من الناس مع ضرورة الإقدام على مساعدة الآخرين بحيث نكون سبباً في تعزيز الثقة بالنفس وتقليل الشعور بالغرور وتضخم الأنا.
كيف يمكننا تجنب الوقوع في صفة الغرور؟
يجب أن ينظر الإنسان إلى أنه لا يمكن أن يتم تحقيق النجاح بصورة فردية وإنما يجب أن نلجأ فيه لمشاورة العديد ممن حولنا دون أن نشعر بانتقاص النفس وهو ما يشعر به الشخص المغرور حين يقوم بطلب مساعدة أو مشورة غيره في أمر ما كما أن سر النجاح يكمن في وجود شخصيات قيادية ناجحة من حولنا، وهذا هو سر نجاح القيادة في الشركات والهيئات المؤسسات التي لا تعتمد على فرد بعينه أو شخصية بعينها وإنما تتسم تلك الهيئات بالتكامل بين أفرادها ومن ثم تنجح هذه الهيئات والمؤسسات.
وأخيراً، تتشكل شخصية الطفل من عمر 5 حتى 7 سنوات، لذلك يجب علينا تعليم الطفل منذ هذا لعمر حب المشاركة والتعامل مع الغير مع ضرورة تعليمه واجباته وحدوده ومن ثم لا يمكن لهذا الطفل الذي رُبي هذه التربية أن يكون مستقبلا من الأطفال المغرورين.