«محمود» يسأل: الحمد لله وجدت الأخت التي يمكن أن تعينني على ما أنا فيه، وعندما تقدمت إلى أهلها كانت مقابلة غير سعيدة بالنسبة لي، لما حملته من بعض التلميحات التي لم تعجبني، حيث إنني في مستوى مادي ضعيف نسبيا الآن، مع العلم بأنهم في نفس مستواي الاجتماعي، وتم الاتفاق على أن آتي بعد عام وأكون جاهزًا بالشقة.
طبعا في ظل الوضع “اللي البلد فيه” فمن شبه الجنون أن أقبل ذلك، ولكن لأنني أعلم أن الأخت متمسكة بي قررت أن أتوكل على الله، والحمد لله وفقنى ربي “وجبت الشقة” بعد خمسة أشهر فقط، ولكن طول هذه الفترة كنت أتحدث إلى الأخت في الهاتف لكي أطمئن عليها وأعرف “آخر أخبار الأهل إيه”، وطبعا “ده كان بيضايقني جدا أني بعمله بس كان غصب عني لأنى كنت ببقى عاوز أعرف هل فيه حد اتقدم مثلا ليها، أو يعنى أهلها عاملين معاها إيه؟”.
وبعد أن رزقني الله بالشقة ذهبنا لناشهدها أنا والأخت والوالد والوالدة، ولم تعجبهم وطلبوا مني أن أبحث عن شقة أخرى؛ فرفضت وتحدثت إلى أبيها وقلت له إذا أردتني أن أبحث عن شقة أخرى فلنحدد ميعادًا للخطبة، وبعد ذلك نبحث معا عن الشقة، ولكن دون جدوى، فرفض أن نحدد ميعاد الخطوبة ما لم أشتر شقة جديدة؛ فرفضت ما يقوله وانتهى الموضوع على هذا، ولكن بعد شهر تقريبا ذهبت الأخت التي أريد الارتباط بها إلى أخت فاضلة، وحاولت أن تقنعها بأن تتحدث إلي لكي أوافق على ما يطلبه والدها وأقسمت على أنها متمسكة بي.
وبالفعل وافقت لأنني أيضا متمسك بها وما زلت أبحث عن شقة جديدة كي تعجبهم ويوافقوا على تحديد ميعاد للخطبة..
بالله عليكم هل أنا فعلت الصواب عندما قررت أن أبحث عن شقة جديدة؟ أم أن هذا نوع من أنواع التساهل الذي لا يمكن قبوله في هذه المرحلة؟
“أنا تعبان جدا”، ولا أستطيع أن أفكر، أشعر كأن عقلي قد شَلَّ.. يؤلمني أنني ما زلت أتحدث إلى الأخت بدون علم أهلها، ولكن ماذا أفعل؟ أنا متمسك بها وهي أيضا بل أشد، ولكن أهلها يريدون شقة جديدة فماذا أفعل دلوني؟
أعلم أنني أغضبت الله عندما تحدثت معها بدون علم الأهل، ولكنهم لم يعطوني فرصة لأفعل شيئا آخر، فهم لم يرفضوني رفضًا نهائيًّا ولم يوافقوا علي موافقة نهائية، بل تركوني معلقًا بين أحبال الرفض والقبول، دلوني ماذا أفعل؟
بالله عليكم لا تهملوا رسالتي.. فأنا أحتاج لنصيحتكم؛ لأنها ستكون لي طوق نجاة..
جزاكم الله خيرًا..
الإجابـة
ولدي.. سبحان الله على حال بعض الناس.. هل تظن أن التطفيف فقط في ميزان البيع والشراء؟ أنا أراه في كل شيء يختلف فيه الحكم تبعا للمصلحة.. أسرة متواضعة اجتماعيا.. تقدم لابنتها شاب من نفس المستوى الاجتماعي لا أكثر ولا أقل.. وأمامه فرصة عمره في العمل في بلد بترولي ليكوِّن نفسه ويؤسس أسرة.. فما الذي يدفعهم لتعجيزه أو التعالي عليه؟
ولو تصورنا أن الوضع معكوس، وأن ابنهم هو من يتقدم إلى أسرة أخرى.. فهل كانوا سيتقبلون بطيب نفس هذا العنت وتلك التلميحات؟.. أتصور أنهم كانوا سيكيلون لتلك الأسرة اتهامات كثيرة ليس أقلها أنها أسرة مادية لا ترى أحوال البلد ولا ترحم الشباب!!.
إن الإمكانيات المادية للشباب، وإن لم تكن هي السبب الرئيسي في عزوفهم عن الزواج فإنها أحد الأسباب الرئيسية.. وكم من شاب يقف عاجزًا عن الزواج على الرغم من رغبته الحقيقية فيه؛ لأنهم –أي الشباب– غير مستعدين لمثل هذا الموقف.. موقف التكبر والعنجهية من أسرة الفتاة.. وعجبًا لذلك وبورصة الزواج بلا أسهم تقريبا وأعمار البنات ارتفعت إلى الثلاثين، بعد أن كان هذا العمر هو عمر أمهات الفتيان المقبلين على المراهقة.
ثم أين هذا الحديث الجميل: “إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”… ولقد نتج عن ذلك الإعراض فعلا فتنة وفساد كبير.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والله يا ولدي حالك صعب.. وأهل العروس موقفهم في منتهى الميوعة والسخافة، ومن أدراك أن الشقة الجديدة ستعجبهم؟ ولماذا لم يحددوا لك مواصفات الشقة التي قد ترضيهم؟ ثم هل تضمن أن الشقة لو أعجبتهم فسيوافقون على خطبتك لابنتهم؟ وإذا كانوا أميل للموافقة لماذا لا يرتبطون معك حتى بقراءة الفاتحة ليطمئن قلبك ولتكن مكالماتك لفتاتك حلالا طيبا؟.. وهل كانوا على علم بأنك تخاطب ابنتهم في الهاتف طوال الفترة السابقة؟ وعلى أي أساس تركوكما تتحدثان معا؟.. تصرف في منتهى الغرابة!!.
يا ولدي، أنت شخص محترم، والعروس التي اخترتها كذلك.. ولقد أكبرتها جدا حين سعت إليك لما عرفت عنك الصفات الطيبة والتدين والأخلاق، وهذا هو ما يؤلمني في هذه المشكلة.. فلا أنت ولا هي تستحقان هذا النوع من التعامل.. أنت وهي تستحقان زواجا سعيدا وارتباطا أبديا بإذن الله.
ولولا أنها قد تتألم -وهي فعلا تستحق السعادة والخير- لقلت لك: اصرف نظرك يا ولدي عن هذه الأسرة المتكبرة التي لا تملك شيئا أساسا، ثم لا تراعي الله في شاب متقدم لابنتهم.. إنما يا ولدي لأجل خاطر هذا الحب الطاهر الذى يجمعك بهذه الفتاة الرقيقة أقول لك: قبل أن تبحث عن الشقة اتصل بوالدها واسأله عن شروطه في الشقة التي من الممكن أن يقبلها.. يجب أن تعرف عم تبحث قبل أن تبحث.. حتى يكون اختيارك هذه المرة مقبولا ولا تعود للف والدوران مرة أخرى..
ربما يضع لك في الشقة شروطا تعجيزية صعبة التنفيذ، وعندها يجب أن تتولى الفتاة دورا عند أهلها يا ولدي.. يجب أن تصل معهم -بمساعدة أي عاقل في أسرتها- إلى رد منطقي، أو إلى إعلان الخطوبة حتى يكون بحثك المستمر عن الشقة له معنى.. على الأقل أنت تبحث عن شقة لأنك مرتبط مع أسرة.. وليس لأن هناك احتمالا في قبولك أو رفضك من أسرة!!.
فإن رفضوا كل شيء، وأصروا على هذا الوضع الغريب.. البحث عن شقة بلا أي وعد منهم بأي شيء.. وأيضا بلا أي مساعدة في الحصول على شروط الشقة المقبولة؛ فاستخر الله يا ولدي وأخبر الوسيط بينكما أن هذا هو آخر ما بيدك.. وأن كل شيء قسمة ونصيب.
أعانك الله ووفقك..
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ صراع بين حب قديم وخطوبة جديدة: هل اتخذت الفتاة القرار الصائب؟
- ↵ هل يُمكن للصبر أن يُثمر عن زواجٍ ناجح؟
- ↵ حبيبتي التي لم أطلبها.. تزوجت غيري!
⇐ أجابتها: د. نعمت عوض الله