لم يكن يدهشني أكثر من ثقته وهو يصرخ بعد صلاة كل جُمعة «حبحب على السكين»، «حبحب على السكين» ويصر على تلك الجملة حتى تظنه لا يحسن غيرها! وبالطبع فهو لا يقصد أنه بإمكانك المغامرة وفتح واحدة منها للتأكد من لونها الأحمر وطعمها السكر، أما إن غامرت فسيصبح مناسبا جدا أن تضع كلمة «رأسك» عوضا عن كلمة «حبحب» في الجملة السابقة التي تحدها علامتي تنصيص!
صديقي «سالم» الذي يحمل وثيقة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه حاصل على درجة البكالوريوس في «علم النفس»، ولأن أحدا لم يرحب بتخصصه ذلك، رغم كل الإحصائيات التي تؤكد الحاجة إلى فتح مشافي جديدة نظرا لوصول القديمة منها لحدها الائتماني! فقد سلك «سالم» طريقا آخر عندما أصبح بائع «حبحب»، وكما يقول صديقي: كل ما في الأمر أن تستعير أقرب «ددسن» ممكن وأن تصل لسوق «العزيزية» في تمام الرابعة فجرا ثم أن تجتهد لملء المركبة بطاقتها القصوى من البضاعة التي تنتقيها على طريقة «شختك بختك»، ثم تأتي بعد ذلك الخطوة الأخيرة المتمثلة باختيار موقع مناسب بشرط أن يبعد عن أقرب مقر للبلدية بما لا يقل عن 10 كلم!
ويعود سالم ليقول: صحيح أنني لم أعد عاطلا عن العمل، وصحيح أن جيبي أصبح يحوي العديد من الورقات النقدية فئة 10 ريالات، وصحيح أن أشعة الشمس الحارقة تجعلك أكثر قربا من الله عز وجل حين تذكرك بنار جهنم! وصحيح أنني أستمع من وقت لآخر لعبارات على شاكلة – هكذا الرجولة وإلا فلا – أنت عقلية تجارية مميزة-! وصحيح أن حبالي الصوتية تئن كثيرا وأنا أرهقها بـ «حبحب على السكين» ثم أبيعه على طريقة «حقرة بقرة»! إلا أن أحدا لم يجبني حتى اللحظة «ما قيمة السنوات الأربع التي قضيتها في الجامعة؟»
أجيبوا «سالم» أثابكم الله.
بقلم: ماجد بن رائف
وفي مقترحاتنا تقرأ: