«هشام» يسأل: مشكلتي هي كالآتي: أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة جامعي، خطبت بنت خالتي وعمرها 20 سنة، وهي تحبني حبا شديدا منذ 4 سنوات حتى الآن ولا تستطيع العيش من دوني أو مع غيري.
وكانت علاقتنا مجرد اتصال في أوقات المناسبات والأعياد ولم نتكلم في أي أمور من كلام الحب والرومانسية، صليت الاستخارة فارتحت لها وكلمت أمي لتخطبها لي، فقامت بالاتصال وأخبرونا بالموافقة بعد يومين، بعدها قام أبي بالسؤال عن أبيها ومعارفهم، وصُدم عندما عرف أن أباها كان لوطيا وإنسانا غير جيد، والناس كلهم يعرفون أنه كان على علاقات مع الشباب، مع العلم أن أباها قد توفي منذ عام.
أما المشكلة الثانية، فهي أن هذه الفتاة لديها أخوان معاقان عن الكلام، فقال لي أبي يمكن أن يصير في أبنائك هذه الإعاقة، وحاولت أقنعه بالطب الحديث والفحوصات الشاملة قبل الزواج وأن كل شيء بإرادة الله، لكنه لم يقتنع، فقال لي: انس هذه الفتاة؛ لأن العرق دساس، وبنشوفلك أحسن منها وسمعة أهلها أفضل. ولما أخبر أمي بهذا قالت إنها هي غير مرتاحة وعماتي غير مرتاحات أيضا، وقالت: خلاص نحن نرجع عن كلامنا ونفك الخطبة.
وعندما علمت الفتاة أنهم فسخوا الخطبة تعبت ومرضت وصدمت صدمة عاطفية، وذهبت إلى المستشفى لمدة نصف يوم.
حاولت أن أقنعهم بأن البنت ليس لها ذنب فهي ذات دين ومحافظة عليه وأخلاقها جيدة، وأنا من سيعيش مع الفتاة وأرتاح معها ليس أهلها اللي ببعيشوا معي، لكن لم يقتنعوا بكلامي، وأنا لا أريد أن أعصي والديّ وأعاندهم فأنا بار بهم وأريد لهم الراحة.
أنا في حيرة، مع العلم أني صليت استخارة 3 مرات لتيسير الأمور، لكن ما أحد مقتنع.
فما الحل؟ أفيدوني أفادكم الله.. ولكم جزيل الشكر والاحترام.
الإجابـة
الأخ الكريم.. أعانك الله على البر الذي تنشده وسدد خطاك للخير. وقبل أن أدخل معك في تفاصيل مشكلتك أود أن أركز على معنيين هامين في نجاح أي زواج، وهما:
- الأول: هو وجود المشاعر الطيبة أو الحب والتوافق والانسجام، والذي يعني وجودهم أساسا متينا يحمل بناء الأسرة المنشودة ويخطو بها إلى بر الأمان ويحفظها من تخبط الحياة.
- والأمر الثاني: هو وجود قبول نفسي وارتياح في أسرة كل طرف.. وفي أغلب المشاكل التي تتعلق بالارتباط يكون الخلاف في هذين الأمرين. فكيف نستطيع التوفيق بينهما للخروج بزواج سعيد؟
الوالدان لهما كل التقدير والاحترام لحرصهما وخوفهما على الأبناء، ولكن إلى أي مدى يصل حقهما في اختيار سعادة أبنائهم؟ ومتى تقف حدود البر الذي يتعارض مع مصالح الأبناء؟
وفي نفس الوقت، الأبناء من حقهم أن يختاروا من يميل لهم قلبهم ويشعرون بالسعادة معهم، ولكن كيف يقف الحب والإعجاب عند أعتاب خبرة وتجارب ورأي المحيطين بنا؛ ليظهر لنا الصورة كاملة دون إخفاء لما تتجاهله مرآة الحب؟ ثم كيف نصيغ كل ما تحمله لنا الأيام على عكس ما نتمنى في لغة القدر والنصيب والخير ليقبل كل طرف الأمر بحب وهدوء؟ إنها فلسفة كبيرة تحتاج منا التدريب والخبرة لكي نفهمها.
والآن في ظل تلك المعاني كيف تقنع أهلك بقبول فتاتك؟
أولا: هل تمت خطبة فعلية بمعنى أن أهلك زاروا أهلها، واتفقوا على تفاصيل الزواج وأعلنوا للأهل والأصدقاء خطبتكم؟ أم هو مجرد اتصال من والدتك بوالدتها لمعرفة رأيهم؟
أظن أنها لم تكن خطبة بالشكل المألوف بدليل أن والدك كما قلت بعد يومين من اتصالكم بأهل الفتاة علم بأمر والدها.
الأمر الثاني: هل ما تحمله بداخلك لتلك الفتاة هو مشاعر حب قوية أكيدة تستطيع أن تقف وتتحدى من أجلها الدنيا أم هو مجرد ارتياح وإعجاب عن بعد؟ وكيف عرفت أنها تحبك حبا شديدا ولا تستطيع العيش مع غيرك رغم أن علاقتكم كما قلت لم تتعد الكلام في المناسبات؟
أستطيع أن أستشف من خلال سطورك أنها مشاعر جميلة لفتاة تعرفها لن تصل لدرجة الحب القوي الذي يستطيع أن يتحدى من حوله؛ ولذلك أرجو منك قبل أن تتخذ أي موقف مع أسرتك أن تتحقق من تلك المشاعر داخلك بصدق بعيدا عن الشفقة من أجل انهيارها ودخولها إلى المستشفى، فقد تكون تلك الصدمة أخف بكثير عليها من أن تصدم من ناحيتك.
اترك مناقشة الموضوع مع أهلك جانبا في تلك الفترة وحاول زيارة خالتك والتقرب من أسرة فتاتك لمعرفة الكثير عنها وعن جوانب شخصيتها وتربيتها، وأظن أن الأهل لن يمنعوك من صلة الرحم ويمكنك أن تفعل ذلك بصحبة والدتك.
ثانيا: عليك بالسؤال الدقيق عن التاريخ المرضي لأشقائها وهل هي أمراض وراثية أم لا؟ والسؤال سيكون هنا لأهل الطب وعلم الوراثة، والذين يستطيعون من خلال التقييم الوراثي لشجرة العائلة بيان تأثير ذلك على الأبناء في المستقبل، خاصة أنكما من أقارب الدرجة الأولى.
ثالثا: حاول التقريب بين أسرتها ووالدك لمحو صورة الوالد البغيضة من ذهنه، فربما يجد أنهم حقا أسرة طيبة وينسى معصية والدهم، وإن كان من أساس ديننا ألا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن هو كأب يخاف أن يعير ابنه في المستقبل بشيء، رغم أن الله يدعو لستر عورات الناس وعدم فضحهم خاصة أنه توفي ولا يملك أن يدافع عن نفسه.
اهدأ واطلب من فتاتك الهدوء لتتصرفوا بحكمة، وتحقق من مشاعرك ومن مستقبلك معها، وتقرب أنت وأسرتك منهم، ثم حاول تقييم الأمر بعد ذلك، فإن ظهر لك أنك تحبها فعلا وتستطيع تحمل كل شيء من أجلها وأن ما يعانيه إخوتها ليس مرضا وراثيا ينتقل للأبناء الذين من حقهم علينا أن يأتوا للدنيا بلا إعاقة، خاصة إن كان ذلك في أيدينا.
وقتها يمكنك التحاور مع والدك بحكمة وهدوء لإقناعه بما تراه من مزايا في فتاتك، وأنها قد تكون سببا في سعادتك.. حاول كثيرا وأشرك معك من يحترم أبوك رأيه سواء من العائلة أو الأصدقاء.. ولا تمل أبدا الاستخارة حتى يهيئ لك الله ما فيه الخير.
وأرجو أن تخرج من مشكلتك قريبا.. مع تمنياتي لك بالخير.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ أنا وخطيبتي وأهلي.. معارك بلا حدود
- ↵ قصة حب في العمل: هل تُخفي الرفض مشاعر خفية؟
- ↵ قصة حب جامعية من طرف واحد: رحلة البحث عن الحبيبة المفقودة
⇐ أجابتها: هالة مصطفى