أيها الأحبة، إن يوم العيد هو يوم الجائزة هو يوم البراءة من الذنوب، والطهارة من العيوب، فحُق للمسلمين أن يفرحوا بيوم العيد. فقد شرع الله ﷻ لهذه الأمة الفرح والسرور بتمام نعمته وكمال رحمته. فكان عيد الفطر بعد إكمال صيامهم وكان عيد الأضحى عند تمام حجهم. فللمسلمين عيدان، عيد الفطر: وهو أول يومٍ من شهر شوال. وعيد الأضحى: وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة. وليس للمسلمين عيد غيرهما، إلا يوم الجمعة.
عظمة أعياد المسلمين وأهميتها
ولندرك عظمة هذا اليوم وأهميته، ونعرف بعض أحكامه وسننه وآدابه. سنسرد الأحاديث، ثم نشرحها شرحا مُيسرا -بإذن الله تعالى-. والآن نبدأ على بركة الله.
يقول أنس بن مالك -رضي الله عنه- قدم رسول الله ﷺ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال «ما هذان اليومان؟» قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله ﷺ «إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر» ~ صحيح أبي داود.
كان المشركون يتخذون أعيادًا زمانية ومكانية فأبطلها الإسلام. واليومان اللذان كان أهل المدينة يلعبون فيهما في الجاهلية، هما يوم النيروز ويوم المهرجان.
وتحديد هذين اليومين كان باختيار حُكماء ذاك الزمان، لِما فيهما من اعتدال الزمن والجو والهواء، ونحو ذلك من المزايا الزائلة.
أما عيد المسلمين، فيومي الفطر والأضحى؛ وتحديد هذين اليومين إنما باختيار الله ﷻ لأنهما يعقبان أداء رُكنين عظيمين، شكرًا لله ﷻ على أدائهما، وهما الصيام والحج. وفيهما يغفر الله ﷻ للصائمين والحجيج، وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين.
فالفرق بين المزيتين ظاهر والبون بين العيدين واضِح لمن تأمَّل.
وعن نافع؛ أن ابن عمر كان يغتسل يوم الفطر، قبل أن يغدو إلى المصلى. ~ أخرجه مالك، وعبدالرزاق، والبيهقي.
لا يفوتكم هنا: صور العيد – هنا بأجمل حُلَّة مع وعبارات التهنئة لعيد الفطر والأضحى
الغُسل يوم العيد
يوم العيد -أيها الأحبة- يوم زينة واجتماع بالناس كيوم الجمعة؛ لذا يُستحب الغسل لمن أراد أن يحضر الصلاة ولمن لم يحضر. والمعتمد فيه أثر عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- السابق، والقياس على يوم الجمعة.
والأفضل أن يكون الغُسل بعد صلاة الصبح.
التجمّل في العيد
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها، فأتى بها رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود. فقال له رسول الله ﷺ: «إنما هذه لباس من لا خلاق له» ورد في صحيح البخاري.
وعن نافع؛ أن ابن عمر كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه. ~ رواه البيهقي بإسنادٍ صحيح.
من سنن يوم العيد التجمّل على أحسن هيئة؛ وذلك بلبس الثياب الجميلة الحسنة، إضافة إلى التنظف والتطيب. مما يدل على الحفاوة بهذا العيد والفرح به.
وبخصوص الحديث الأول، قال أهل العلم: “عُلم من الحديث أن التجمّل يوم العيد كان عادة بينهم، وإنما أنكر النبي ﷺ لبس مثل تلك الحُلة لكونها كانت حريرا”.
التبسط وإظهار السرور واللهو المباح أيام العيد
عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: دخل علي رسول الله ﷺ وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر، فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله ﷺ! فأقبل عليه رسول الله ﷺ، فقال: «دعهما». فلما غفل غمزتهما، فخرجتا. قالت: وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت رسول الله ﷺ، وإما قال: «تشتهين تنظرين؟» فقالت: نعم. فأقامني وراءه، خدي على خده، ويقول: «دونكم بني أرفدة»، حتى إذا مللت، قال: «حسبك؟» قلت: نعم، قال: «فاذهبي».
وفي رواية؛ قال النبي ﷺ «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا».
يُشرَع في يوم العيد التبسط في المُباحات؛ كغِناء البنات الصغار، ولعب الغلمان، ونحو ذلك. ويشرع إظهار السرور والتوسعة على الأهل والعيال بما يحصل به الترويح عن النفس؛ وهذا باتفاق المذاهب الفقهية.
وفي هذا الحديث تروي أمنا عائشة -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ دخل عليها حجرتها يوم العيد وعندها بنتان صغيرتان تنشدان الأشعار الحماسية التي قيلت يوم بُعاث -وهو يوم وقعت فيه حرب مشهورة بين الأوس والخزرج- وحينما دخل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- ورأى ذلك، أنكر عليهن بشدة؛ وقال: “مزمار الشيطان عند رسول الله ﷺ”. يقصد الضرب على الدف مع غناء الجاريتين.
فأمره النبي ﷺ بتركهما؛ معللا ذلك بأن لكل قوم عيدا، وهذا عيد أهل الإسلام. وليس هو كسائِر الأيام، فيشرع لهم الانبساط فيه باللهو المباح، الذي لا معصية فيه كالغناء بآلات الطرب والمعازف وبذكر الفواحِش والمجاهرة بالمنكر من القول.. فهو محظور قطعا.
وأخبرت عائشة -رضي الله عنها- أنه في يوم العيد ذلك لعِب بعض الحبشة بالدرق والحراب -وهي من أدوات الحرب-. فأحبت عائشة -رضي الله عنها- أن تنظر إليهم وهم يلعبون، فأوقفها النبي ﷺ وراءه ليسترها بجسده، وهي تضع خدها على خده الشريف ﷺ، تلطفا وأُنسا به. وكان ﷺ يقول: «دونكم يا بني أرفدة، دونكم يا بني أرفدة».. -وهو لقب للحبشة- والمعنى: تابعوا اللعب وهي عبارة فيها تنشيط لهم.
أيضًا؛ هنا: أجمل صور، خلفيات وعبارات تهنئة ليوم عيد الأضحى المبارك
التكبير يوم العيد
وعن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» ~ رواه مسلم.
وعن الزهري، أن رسول الله ﷺ كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير. ~ رواه ابن أبي شيبة.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام» ~ رواه الدارقطني.
وكان عمر -رضي الله عنه- يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا. وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد. ~ رواه البخاري معلقًا بصيغة الجزم.
التكبير في العيد مستحب، تعظيما لله ﷻ وشكرا له أن هدانا للدين القويم. ويُسَن الجهر بالتكبير للرجال.
ووقت التكبير في عيد الفطر يختلف عن عيد الأضحى. فالتكبير في عيد الفطر يبدأ برؤية هلال شوال، أو عند غروب شمس اليوم الثلاثين من رمضان؛ وينتهي بحضور الإمام لصلاة العيد.
أما التكبير في عيد الأضحى فهو على قسمين:
- التكبير المطلق: وهو الذي لا يتقيد بشيء، فيُسَن التكبير دائما في الصباح والمساء، قبل الصلاة وبعد الصلاة، وفي كل وقت. فيُسَن التكبير المطلق من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق؛ وذلك بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة.
- التكبير المقيد: وهو الذي يتقيد بأدبار الصلوات، فإنه يبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق. هذا لغير الحاج، أما الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر.
كما نوفر لك هنا: صور مكتوب عليها تكبيرات العيد؛ لعيدي الفطر والأضحى
المراجِع: سبائِك العيد للشيخ حسن الحسيني