عادة ما يذهب المواطنون إلى شواطئ البحر في أوقات العصر أو المساء، وتخلو جميع تلك الشواطئ بشكل ملحوظ في أوقات الصباح الأولى، وهي الفترة التي يستثمرها المقيمون للاستمتاع بأجواء البحر بعيدا عن أعين الآخرين.
ولكن أن يذهب أحدهم إلى هذه الشواطئ في ساعات الفجر الأولى فثمة أمر يدعو للتوقف عنده وتحليله، فما السبب الحقيقي لحرص أولئك الأشخاص على الذهاب هناك منذ طلوع ساعات الصباح الأولى وبشكل مستمر والمكوث لفترات لا تقل عن ثلاث ساعات يوميا؟!
تجولنا صباحا في أحد شواطئ مدينة الجبيل الصناعية، حيث لا صوت يسمع غير صوت ارتطام أمواج البحر بالشاطئ الذي بدا خاليا تماما من المواطنين إلا قليلا منهم، بجانب بعض المقيمين من جنسيات مختلفة بغرض الصيد أو الرياضة أو الجلوس بالقرب من البحر برفقة عوائلهم وأطفالهم.
قراءة مع النسيم
ماجد حمزة طالب دراسات عليا حرص على أداء صلاة الفجر في أقرب مسجد بجوار الشاطئ، كما حرص على اصطحاب جميع أغراضه كجهازي “لاب توب” ومجموعة كبيرة من الكتب إضافة إلى مستلزمات الشرب كالشاي والقهوة.
عن السبب الحقيقي لزيارة الشاطئ في هذا الوقت المبكر بالتحديد، يقول: “أنا حريص بشكل مستمر على زيارة الشواطئ في ساعات الصباح الأولى، فبعد تأدية صلاة الفجر جماعة في المسجد التقط جميع أغراضي ومستلزماتي وأحضر إلى هنا”، ويضيف: “الجو في الصباح يختلف تماما عن أي وقت آخر، ففي الصباح أجد الهدوء والاستمتاع بما أقرؤه أو أشاهده عبر أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي معي، فلا إزعاج أو فوضى وبالتالي حبل الأفكار والتركيز لا ينقطع بصوت أحد أو بمرور سيارة مزعجة أو أي شيء آخر”.
ويتابع حمزة: “للصباح سر كبير في تغير نفسيتي وكامل حضوري الذهني، فهو وقت جيد لترتيب الأفكار والقراء والمذاكرة أيضا، وأحرص أن أقضي ما بين ثلاث إلى أربع ساعات على هذا الشاطئ”.
وعن الفائدة التي يجدها بعد العودة من الشاطئ في الصباح، يقول حمزة: “الفائدة كبيرة وعظيمة، فأنا أحضر للاستفادة من خلال القراءة أو تصفح الإنترنت وتنزيل العديد من الكتب الدراسية من خلال الجامعات الأمريكية التي تهتم بمجال دراستي، ولا أجد نفسي في ارتياح كبير إلا بالقرب من البحر وفي هذا الهدوء الذي أنصح به جميع الشباب للحضور إلى هذا الشاطئ أو جميع الشواطئ، فنسيم الصباح واستنشاقه بالقرب من البحر له فوائده العظيمة، ناهيك عما تنتجه أنت عند حضورك هنا كالقراءة أو المذاكرة أو غيرها”.
وهنا تجِد: صور حب صباحية ومسائية
الصباح أحلى
أثناء تجولنا في الشاطئ استوقفنا شابين حرصا على زيارة الشاطئ بشكل مستمر في الصباح، يؤكد فيصل الشمري “موظف” أنه لا هدوء في هذا المكان بغير هذا الوقت، ويضيف: “أستمتع بالهدوء من خلال وجودي في هذا المكان، وبالتالي أحرص على ارتياده بشكل دائم، فأنا أبحث عن الهدوء والأجواء اللطيفة التي تشعرنا بتغير كثير في نفسياتنا”.
ويتابع: “لا أحب ارتياد الشاطئ إلا في الصباح، فهنا أجد نفسي محاطا بجميع ما يسر العين، فالبحر والرمل والهواء العليل والخضرة حاضرة بشكل جميل بعيدا عن الازدحام وغيره”. بينما يقول سلطان الشمري، طالب: “استغرب من بعض الشباب أو العوائل عدم الحضور لهذه الشواطئ في الصباح، فالازدحام دائما يكون في العصر أو أوقات مختلفة من المساء، وبالتالي من أراد الاستمتاع بالبحر وهدوء الصباح فعليه الحضور في هذا الوقت بالتحديد، أما من يبحث عن زحمة الناس بعيدا عن الاستمتاع بالشاطئ فعليه أن يحضر في أي وقت آخر غير وقت الصباح”.
وقد كان لافتا أثناء تلك الجولة منظر شاب يقف في الجانب الآخر من الشاطئ بجوار أحد الصيادين من الجنسية الآسيوية لمشاهدة حصيلته من الصيد، يقول: “حضوري إلى هذا الشاطئ في هذا الوقت بالتحديد للتأكد من حصيلة الصيد عند هذا الصياد، فبعد قليل سأحضر بكامل أجهزة الصيد لأبدأ رحلتي مع الصيد والانتظار في هذا المكان”، ويضيف: “أحرص في كل صباح على الحضور هنا للصيد، فعلى الرغم من تعلمي لهذه الهواية قريبا إلا أنني أجد نفسي غير محرج في هذا الوقت من أعين الناس”.
تحقيق/بقلم: محمد الزهراني
وهنا كذلك: صباحكم معطر بذكر الله — أحلى ما يُنشر من صور بأجمل ما تقوله في بداية يومك