«ادهم» يسأل: أفكاري دمرتني! أنا شاب عمري 26 عاما، أعمل في مجال محترم والحمد لله.
خطبت فتاة أصغر مني تقريبا بـ9 سنوات، ولا تتعجب فكانت هناك فكرة تسيطر على عقلي ولازالت حتى الآن، وهي أن الفتاة التي سأرتبط بها يجب ألا يكون لها أي ماض أو تجارب نهائيا!! وهذا ما دفعني للتفكير في هذه الفتاة، وزيادة على ذلك وجود علاقة بين أهلي وأهلها.. وكنت منبهرا بطريقة تفكيرها والتزامها، فأنا كنت أراها هكذا في بادئ الأمر، وكانت مطيعة لأبعد الحدود.
المهم بدأت العلاقة بيننا بعلم والدتها قبل أن أخطبها، واستمر الحال سنة تقريبا، ولكن المشكلة التي واجهتني هي أمها، فهي كانت دائما تكذب على زوجها وتخبئ عنه أشياء كثيرة لا يجوز أن تخبئها الزوجة أبدا عن زوجها.
أحببت هذه الفتاة بجنون وبدأت أشعر أن حلم عمري سيتحقق، مما جعلني أفعل كل شيء من أجلها وأتقي الله فيها وأحافظ عليها، ولكن بدأت أمها التدخل في كل شيء، وتقول لابنتها لا تجعليه يسيطر عليك ويتحكم فيك هكذا، “ما تخليهوش يتعود على الأمر والنهي”، مع العلم بأنها كانت مبسوطة جدا بهذا الارتباط لأني والحمد لله ملتزم.
وبدأت الخلافات بيني وبين خطيبتي، ولكني طلبت منها أن يكون هناك خطوبة رسمية حتى يستريح الجميع أولهم أمها. المهم تمت الخطوبة، ولكن استمر الحال على ما هو عليه دون تغيير، وأصبحت خطيبتي كثيرة العناد والكذب علي في أشياء كثيرة؛ مما كان يجعلني في قمة انفعالى عليها.
المهم في الآخر اختلفنا في موضوع ما.. فهي كانت تريد الذهاب إلى مكان ولكني لم أوافق، ولكن أمها قالت لها “روحي وما تقوليلهوش”، وفعلا ذهبت! ولكن بعدما علمت أنهيت الخطوبة لأني كنت متضايقا جدا من هذا التصرف.
سافرت لظروف العمل بالخارج، بعدها بفترة كانت هناك محاولات من أهل الخير للصلح بيننا ورجوعي لها، وفعلا اتفقنا على الرجوع، وكانت هناك اتصالات واتفاق أنه بعد عودتي نرجع لبعض، وكان أهلها مبسوطين بذلك، واستمر الحال بعد سفري لفترة، ومن حوالي أربعة أشهر انقطعوا فجأة دون أي سبب، وأنا كرامتي لم تسمح لي أن أتصل بهم ما داموا انقطعوا من غير سبب، مع أني على علم أنهم “عايشين” حياتهم وبأحسن حال.
ولكن حبي لها كثيرا ما يؤلمني.. والأكثر ألما هو إحساسي بالغدر وعدم الوفاء بالوعد، فأنا “تعبااااان نفسيا ومش عارف أركز في شغلي ولا في أي حاجة”.
وسلكت كل أساليب النسيان ولكن للأسف أفكر ليل نهار بدرجة غاية في البشاعة وهناك العديد من الشكوك والظنون تحيط بي!!
أرجوكم أفيدوني جزاكم الله عنا كل خير.. وآسف للإطالة.
الإجابـة
أنا الآن أرى أمامي مشكلتين في الحقيقة، إحداهما سهلة والأخرى صعبة.
وربما تتعجب إذا قلت لك إن المشكلة السهلة هي: النسيان.
أما المشكلة الصعبة فهي تحديد (الأخطاء) التي تمارسها في طريقة تفكيرك لكي تحاول تغييرها.
أبدأ بالمشكلة السهلة وهي النسيان، حيث إن حلها يقوم على أمرين:
أولا: أن تجلس مع نفسك جلسة هادئة، وتجري حوارا عاقلا بينك وبين نفسك، وتصل فيه إلى قناعة وهي: (أن هذه الفتاة لا تناسبك) هذه هي الحقيقة.. هي لا تناسبك لأنها معتادة على الكذب والعناد اللذين ورثتهما من أمها.
وهي لا تناسبك لأنها تراجعت عن فكرة الزواج منك؛ ولأنها ليست متمسكة بك، ولا تبادلك حبا بحب.
هذه هي الحقيقة.. نحن أحيانا نشتهي أشياء كثيرة، ولكنا لا نمد أيدينا ونأخذها؛ لأنها لا تناسبنا -رغم كل حبنا لها- فمريض السكر مثلا يشتهي الحلويات، ولكنها لا تناسبه لذلك يجب ألا يأكلها، لذلك قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:216].
عندما تقتنع أنها لا تناسبك فستهدأ كثيرا، وعندما تؤمن أن (ألم الفراق) أهون ألف مرة من (ألم الزواج الفاشل) أو (ألم الطلاق) فستتحمل هذا الألم وتصبر عليه.
ثانيا: أن تساعد نفسك على النسيان بأن تملأ حياتك بالأنشطة والهوايات والنجاح المهني والعمل الخيري والعبادات والطاعات والذكر والدعاء، وأن (تطرد) تفكيرك فيها (بالانشغال) بأفكار أخرى وأهداف وخطط.
لا شك أنك ستتألم، وستبذل جهدا كبيرا وستمر بلحظات لهفة وشوق، ولكنك في النهاية -بكل بساطة- ستنساها لتتحول مع مرور الشهور والسنين إلى ذكرى باهتة تبتسم كلما تذكرتها.
هذه هي المشكلة السهلة..
أما المشكلة الصعبة فهي طريقة تفكيرك، فأنا لاحظت من خلال مشكلتك بعض الأخطاء الواضحة، سأكتفي هنا بأن أشير إليها، ثم أترك لك أن تبدأ رحلة تغييرها بهدوء وبالتدريج على مدى الشهور والسنين.
- تفكيرك فيه (مبالغات)، وهذه المبالغات واضحة حتى من كلماتك، على سبيل المثال: (منبهر)، (أحبها بجنون)، (حلم عمري)، (أفكر ليل نهار)، (غاية في البشاعة)، هذه الكلمات على سبيل المثال تعكس طريقة في التفكير فيه مبالغة واندفاع، وهذا يحتاج منك وقفة؛ لأنه قد يفسد حياتك كلها، أنت تحتاج أن تكتسب بالتدريج درجة أعلى من النضج والتعقل والتوازن.
- الأفكار غير المنطقية التي تسيطر على عقلك، مثل: (أن تخطب فتاة أصغر منك حتى لا يكون لها ماض) و(أن تبحث عن فتاة تطيعك طاعة عمياء) أفكارنا يجب أن تستند إلى (منطق) واضح وقوي، ونحن على مدار حياتنا نحتاج بين الحين والآخر أن (نفحص) أفكارنا لنعدل أو نحذف ما قد تثبت الأيام أو الواقع أنه غير منطقي أو ليس له معنى.
مرة أخرى أقول لك: أنا فقط أردت أن أشير إلى بعض الملامح في طريقة تفكيرك، والتي تحتاج (فحصا) ومراجعة مستمرة منك لتصبح أكثر نضجا وتوازنا، ومنطقا.
أخي الكريم.. واضح من كلامك أنك شخص (طيب) و(صادق) و(محترم)، لذلك فأنا واثقة بإذن الله أن الله تعالى لن يخذلك، وأنه يدخر لك اختيارا أفضل يناسبك تقر به عينك قريبا بإذن الله.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ صراع بين مشاعري ومبادئي
- ↵ خطيبي يحب فتاة أخرى، ماذا أفعل؟
- ↵ شاب يبحث عن زواج ناجح بعد تجربة زواج فاشلة
⇐ أجابها: فيروز عمر