هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الذهلي عالم عصره، زاهد الدهر، فقيه ومحدث، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي
ولد الإمام أحمد بن حنبل في ربيع الأول من سنة (164هـ) ببغداد ونشأ يتيما، وتربى بها تربيته الأولى، وكانت أسرته توجهه إلى طلب العلم، فحفظ القرآن الكريم، وتعلم اللغة، ثم أخذ يتمرن على التحرير والكتابة، وعندما بلغ السادسة عشرة اتجه إلى الحديث يطلبه عند شيخه هيثم بن بشير الواسطي، وبعد وفاة الشيخ الواسطي بدأ ابن حنبل رحلاته لطلب الحديث، فرحل إلى الحجاز وتهامة واليمن والشام والكوفة، ولعله أول محدث قد جمع الأحاديث من كل الأقاليم ودونها.
رحل إلى الحجاز خمس مرات، أولاها سنة (187 هـ) وفي هذه الرحلة التقى الشافعي وأخذ فقه الشافعي، وكان لقاؤه الشافعي بعد ذلك في بغداد عندما جاء الشافعي إليها قبل أن يغادرها إلى مصر.
خرج ابن حنبل إلى الحج خمس مرات ثلاث منها حج فيها ماشيًا، وضل في إحداها الطريق وكان يشعر بسعادة في العبادة وطلب الحديث واستمر جده في طلب الحديث وروايته حتى بعد أن بلغ مبلغ الإمامة، حتى لقد رآه رجل من معاصريه والمحبرة في يده يكتب فقال له: يا أبا عبد الله، أنت قد بلغت هذا المبلغ وأنت إمام المسلمين فقال: مع المحبرة إلى المقبرة وكان يقول: أنا أطلب العلم إلى أن أدخل القبر.
اشتهر أحمد بن حنبل بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفا بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، ويعد كتابه (المسند) من أشهر كتب الحديث، وقد أثنى عليه كثير من العلماء، ومنهم الإمام الشافعي حيث قال: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل.
من أشهر أقواله: العلم لا يعدله شيء إذا كان خالصا، وقوله : “الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه “.
وفي شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومائتين هجرية مرض الإمام أحمد بن حنبل وتوفي ببغداد وعمره سبعة وسبعون عاما، وقد ترك رصيدا نفيسا من المؤلفات عن الحديث الشريف، وفي سيرته الكثير من العبر والعظات.