نتناول في هذا الموضوع أول أربع آيات من سورة الحشر، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.
تسبيح الله: أي تنزيه الله عن كل نقص وعيب وتمجيده ﷻ، والآية تشير إلى أن كل مخلوقات الله تعالى تنزه الله وتمجده.
وَهُوَ الْعَزِيزُ: أي الغالب الذي لا يُعجزه شيء.
الْحَكِيمُ: أي الذي يقدر الأشياء ويشرعها لحكمة.
الآن علمنا معنى قولنا في الركوع “سبحان ربي العظيم”: أي أنزهك يا ذا العظمة البالغة، وأنفي عنك كل نقص وعيب.
وقولنا في السجود “سبحان ربي الأعلى”: أي أنزه الله العلي في ذاته وصفاته.
﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾.
هل تعرف فيمن نُزلت هذه الآية؟ نُزلت هذه الآية في يهود بني النضير، وذلك أن الله أخرجهم من ديارهم بالمدينة لأول الحشر إلى أرض الشام.
ظن اليهود أن لا أحد قادر على إخراجهم من المدينة بسبب حصونهم المنيعة، ولكن الله قذف في قلوبهم الخوف والفزع من حيث لم يخطر ببالهم.
وبينما هم خارجون منها خربوا بيوتهم حتى لا ينتفع بها المسلمون، ومما زاد في تخريبها أن المؤمنين هدموها حتى لا يتحصنوا بها، ثم دعا الله أصحاب العقول أن يتفكروا فيما حل بهم ليعتبروا بها.
﴿وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ﴾: لولا أن أخرجهم الله من أوطانهم لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي، ولهم في الآخرة عذاب النار.
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾: ذلك الجزاء الذي حل بهم في الدنيا، والعقاب الذي ينتظرهم في الآخرة؛ بسبب أنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يخالف الله ورسوله، فإنه لا يأمن مكر الله وعذابه.
تُشير الآية إلى نقض اليهود العهد مع النبي ﷺ عندما تعاهد معهم على عدم القتال، وهذا هو سبب نزول الآيات.
الخلاصة
تعرفنا أول أربع آيات من سورة الحشر:
- فالآية الأولى بينت لنا أن كل مخلوقات الله من ملائكةٍ وجنٍ وإنسٍ وحيوان ونبات وجماد يسبح لله تعالى.
- والآية الثانية أوضحت كيف أخرج الله يهود بني النضير صاغرين من المدينة بعد أن ألقى الرعب في قلوبهم.
- وفي الآية الثالثة يذكر الله أنه لولا أن أخرجهم من ديارهم لعذبهم في الدنيا بالقتل والسبي ولهم في الآخرة عذاب النار.
- وفي الآية الرابعة يوضح ربنا أنه لا يعذب أحدا إلا بسبب ذنوبه، ومن ذنوب بني النضير أنهم شاق الله ورسوله بنقضهم العهد مع رسول الله ﷺ.