يشكل سكري الحمل (Gestational diabetes) قلقاً لدى المرأة الحامل، فبعدما يتم التشخيص يجب الإنتباه إلى تغذية المرأة الحامل، لأنه يُمكن أن يؤثر على صحتها وصحة الجنين.
ويعاني الكثير من السيدات من ارتفاع في نسب السكر في الدم خلال فترة الحمل، وهي من أصعب الفترات على المرأة الحامل، لذلك يجب زيادة الوعي عند السيدات الحوامل بخطورة سكري الحمل على الأم والجنين.
وفي هذا المقال سنتعرف على المُسببات الرئيسية لسكري الحمل، والأعراض التي تشعر بها المرأة الحامل والتي تكون مؤشراً على ارتفاع في نسب السكر بالدم، وما هي الطرق الغذائية العلاجية اللازم على المرأة اتباعها، للحد من تفاقم المشاكل في فترة الحمل، وحتى لا تؤثر على الجنين وعلى صحتها فيما بعد.
تشخيص سكري الحمل
تقول “د. رند الديسي” أخصائية تغذية علاجية: بشكل عام يظهر سكري الحمل فيما بين الأسبوع ال ٢٤ إلى الأسبوع ال ٢٨ خلال فترة الحمل، لذلك يُفضل للمرأة الحامل خلال هذه الفترة عمل الفحوصات لمعرفة نسب السكر بالدم، ومعرفة ما إذا كانت النسب طبيعية أو غير طبيعية.
وعادة ما يكون الفحص للمرأة الحامل خلال هذه الفترة ما بين الأسبوع ال ٢٤ إلى الأسبوع ال ٢٨، لا يكون فحص دم سكر عادي، بمعنى أنه لا يتم فحص السكر التراكمي (HbA1c) وهو السكر الذي يتم فحصه في الفترات العادية ما قبل وبعد الحمل، ولكن يتم فحص ما يُسمى اختبار تحمل الجلوكوز Glucose Tolerance Test، ويتم عن طريق أخذ جرعة من السكر، تقريباً ٥٠ إلى ١٠٠ جرام حسب استشارة الطبيب.
وهذا الفحص من أصعب الفحوصات، وإذا شعرت المرأة الحامل من أعراض معينة، لابد للطبيب أن يصف لها هذا الفحص، ويتم هذا الفحص في حالة الشك في حدوث سكري الحمل، وليس لكل إمرأة حامل.
ففي حالة أن شكت الحامل بوجود سكري الحمل، لا يجب عليها عمل الفحص التراكمي، لأنه يظهر نتيجة أقل، لأن السكر الموجود بالدم في خلال فترة الحمل يتم سحبه من قبل الجنين والمشيمة حتى يتغذى عليه الطفل، بينما يتم عمل فحص اختبار تحمل الجلوكوز Glucose Tolerance Test، ويتم سحب الدم كل ساعة لثلاث ساعات مُتتالية، ثم تظهر القراءات إما طبيعية أو غير طبيعية.
فإذا كانت القراءات غير طبيعية فهذا مؤشراً على وجود سكري الحمل.
أعراض سكري الحمل
تابعت “د. الديسي” يجب الإنتباه لأعراض إرتفاع نسب السكر بالدم التي تشعر بها الحامل، وهي ما يلي:
- التعب الدائم: فتشعر المرأة الحامل المُصابة بسكري الحمل بالتعب المُبالغ فيه عند صعود الدرج، فتشعر بضيق التنفس.
- عدم وضوح الرؤية: ففي بعض الحالات إذا صب الشخص تركيزه على شيء معين، يشعر بنقط صغيرة أو غباش العين.
- العطش الدائم والزائد: أي عدم الإرتواء عند تناول كميات من الماء، حيث يُمكن للحامل شرب ١٠ إلى ١٥ كأس من الماء مع الشعور بالعطش الدائم.
- الحاجة إلى التبول: ويمكن أن تكون لدى الحامل الحاجة إلى دخول الحمام في بعض شهور الحمل، بشكل طبيعي بسبب الهرمونات وضغط الرحم على المثانة، ولكن في خلال الفترة ما بين الاسبوع ٢٤ إلى ٢٨، تختفي هذه الأعراض وهي الضغط على المثانة، بسبب ما يلي:
- تغير الهرمونات.
- ارتفاع الرحم والطفل: فتشعر الحامل براحة أكثر، لذلك تسمى الفترة ما بين الشهر الرابع والسابع من الحمل ب Honey moon، حيث يتم تخفيف الضغط على المثانة، ويمكن أن تنام الحامل ليلة كاملة دون الحاجة إلى التبول.
- الشخير أثناء النوم.
- زيادة في احتباس السوائل داخل الرحم: فهذا العارض يعاني منه الكثير من الحوامل المصابات بسكري الحمل، وهو من الأعراض التي تسبب تعباً شديداً للمرأة الحامل، لأنه يزيد من حجم البطن ويؤدي إلى صعوبة التنفس وصعوبة الحركة، وهو من الأعراض الأساسية والمؤشرات الدالة على وجود سكري الحمل.
العلاقة بين زيادة حجم الطفل وسكري الحمل
بشكل عام لا يوجد مُسبب رئيسي لسكري الحمل، فلم يتوصل الطب حتى الأن إلى المسبب الرئيسي لسكري الحمل، ولكن زيادة حجم الطفل يعد مؤشراً على وجود سكري الحمل، لأن في خلال فترة الحمل يحدث العديد من التغيرات الهرمونية.
ومن أهم الهرمونات التي تتغير في خلال فترة الحمل هي ما يلي:
- زيادة ارتفاع نسب مقاومة الأنسولين بالدرجة الأولى: وهذا تغير طبيعي يقوم به الجسم في خلال فترة الحمل، حتى يرفع نسب السكر الموجودة بالدم ويؤمنها للطفل.
وبالتالي يقاوم جسم الأم للأنسولين، لأن الخلايا الموجودة بجسم الأم لا تأخذ الانسولين الموجود بالدم، والتي تعد وظيفته هي نقل السكر الموجود بالدم إلى الخلايا وتحويله إلى طاقة، فترتفع نسب السكر بالدم.
مما يعوض نقص السكر الذي يمكن أن يحدث للجنين، فيُعطي السكر للطفل ويُصبح جسم الأم مقاوم للانسولين.
- محفز اللبن البشري المشيمي Human placental lactogen: ويسمى هرمون HPL وهو أحد الهرمونات التي ترتفع خلال فترة الحمل، ويؤدي هذا الهرمون إلى ارتفاع نسب السكر بالدم وتحويلها إلى الجنين.
فكل الأعراض التي ذكرناها سابقاً تتعلق بجسم الحامل، ولكن الأعراض التي تُشخص على الطفل وتأتي بمرحلة متأخرة، هي ما يلي:
- زيادة وزن الطفل: مما يتسبب في اللجوء إلى العمليات القيصرية بدلاً من الولادات الطبيعية، بسبب زيادة كبر حجم الطفل.
- زيادة السوائل على الرحم: وتتسبب هذه السوائل في زيادة خطر الولادة المُبكرة، كما تؤثر على حركة الجنين، بسبب الضغوطات الموجودة حوله، مما يسبب التعب للأم والطفل.
- زيادة خطر الإصابة بالسكري لدى الطفل في عمر مبكر: حيث يمكن أن يصاب الطفل بالسكري بعد الولادة في عمر مبكر.
ويختفي سكري الحمل بعد الولادة، ولكن يزيد من خطر إصابة الأم بالسكري النوع الثاني فيما بعد.
دور التغذية في علاج سكري الحمل
يتم علاج سكري الحمل من خلال التغذية العلاجية ودور الطبيب بشكل أساسي، في توجيه المرأة الحامل إلى الطريق الصحيح في حالة ظهور الأعراض الدالة على سكري الحمل، وعدم الاستهانة بها.
وإذا شعرت الأم بأي من المشاكل خلال فترة الحمل، لابد أن تلجأ إلى الفحص وفي حالة وجود السكري، هنا يأتي دور التغذية العلاجية وأهميتها في وقاية الأم والجنين، وإتمام الحمل بالطريقة الصحيحة وبأمان.
وفي هذه الحالات يتم التّقليل الكبير في نسب النشويات بالغذاء، فيُفضل التقليل من استهلاك النشويات إلى ٣ أو ٤ حصص يومياً، كما يجب أن تكون النشويات ذات مؤشر جلايسيمي مُنخفض، وتحتوي على نسب عالية من الألياف وقليلة من السكريات.
كما يمكن تناول الفواكة بين الوجبات الرئيسية، مثل تناول حبة فاكهة بعد الإفطار، أي التعامل مع الفاكهة بإعتبارها ضمن الوجبات الرئيسية، حتى يتعود الجسم على نسب وجود هذه السكريات، ولكن يجب عدم تناول الفاكهة على شكل سناكس، بمعنى تناولها على شكل وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية، بينما نعتبرها ضمن الوجبات الرئيسية.
ومن هنا يجب التقليل من تناول النشويات، وتعويض نقص النشويات بزيادة نسب البروتين الودهون، حتى نُعطي الطفل احتياجاته من الفيتامينات والمعادن والبروتينات.
ويمكن لبعض الأمهات اللجوء إلى الأدوية التي تُساعد على ضبط نسب السكر بالدم عبر إما تحفيز البنكرياس على زيادة إفراز الانسولين، أو تحفيز الخلايا على أخذ الانسولين.
وفي هذه الحالات إذا كانت هناك أدوية مُعالجة أو مًساعدة في ضبط نسب السكر بالدم، لابد من اللجوء لحساب النشويات التي تتناولها الأم يومياً، حتى يتم التنظيم بالطريقة الصحيحة.
ويُفضل الإمتناع بشكل تام عن السكريات والسكريات المُضافة على الغذاء، ولا ننسى دور الرياضة وأهميتها في تحفيز الجسم والخلايا على استخدام السكر من الدم، وتوصيل نسب سكر أفضل للطفل دون مقاومة الانسولين.
كما يجب رفع الكتلة العضلية خلال فترة الحمل، حتى تُساعد على حرق السعرات الحرارية والنشويات خلال هذه الفترة.
ويمكن السيطرة على نسب السكر بالدم في فترة الحمل بالغذاء دون اللجوء إلى الأدوية، فإذا اتبعت الحامل التغذية العلاجية الصحيحة التي ذكرناها، بالإضافة إلى تنظيم وقت الوجبات التي تتناولها، بحيث يتم إعطاء مؤشر للجسم أنه في خلال هذه الساعات يتم تناول الطعام، وبالتالي يحدد الجسم نسب الانسولين التي يُنتجها.
وهنا يتم الابتعاد عن الأدوية، فحوالي ٨٠٪ من حالات سكري الحمل لا يحتاجون إلى علاجات أو أدوية، ولكن من ١٠ إلى ٢٠٪ يتم أخذ العلاجات والتي تكون على شكل حبوب، أو على شكل إبر الانسولين، حتى يتم التحكم بنسبة السكر بالدم.
ويتم ذلك بالتوافق بين طبيب النسائية وطبيب الغدد الصماء، والعمليات الحسابية التي تتم من قبل أخصائي التغذية المُختص، لعمل أنظمة غذائية معينة لمشاكل السكر، وحساب السعرات الحرارية بالإضافة إلى النشويات.
ولا يُنصح للمرأة الحامل اللجوء إلى المُحليات الصناعية بديلاً للسكر، أو تناول العسل، لأنه مثل السكر تماماً في ارتفاع نسب السكر بالدم، لذلك لا يُنصح بهما.
واقرأ هنا أيضًا عن العناية بالأسنان قبل الحمل