هو: سَعِيدُ بنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ حَزْنٍ بْنِ أَبِي وَهْبٍ ابْنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ بنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ، الإِمَامُ العَلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ، الملقب بـ «سيد التابعين» في زمانه، وبـ «عالم أهل المدينة»، وأحد فقهاء المدينة السبعة من التابعين جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع.
نشأته وطلبه للعلم
ولد أبو محمد سعيد بن المسيب سنة 15هـ في المدينة المنورة في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، ونشأ فيها، واجتهد في طلب العلم من علمائها، فسمع من زوجات النبي ﷺ السيدة عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)، والسيدة أم سلمة (رضي الله عنها)، كما سمع من عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وصهيب الرومي (رضي الله عنهم) أجمعين.
وكان يسهر الأيام والليالي في طلب العلم، ولزم أبا هريرة (رضي الله عنه) وسمع منه، وتزوج من ابنته، فأصبح سعيد أعلم الناس بحديث أبي هريرة، كما لزم عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في صباه، حتى سمي «راوية عُمر»؛ لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه، فكان عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) يُرسل إلى ابن المسيب يسأله عن بعض شأن عمر (رضي الله عنه) وأمره.
كان سعيد بن المسيب يتتبع المسائل والفتاوى حتى قال: «ما أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله ﷺ، ولا أبو بكر، ولا عمر مني»، فكان يُفتي والصحابة أحياء، وقد شهد له ابن عمر بقوله: «هو والله أحد المفتين»، كما كان إذا سئل عن شيء فيصعب عليه، يقول: «سَلُوا سعيد بن المسيب، فإنه قد جالس الصالحين».
وقال قتادة: «ما رأيت أحدًا قط أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب»، كما عدّه سليمان ابن موسى أفقه التابعين.
مكانته العلمية
ارتفع قدر سعيد بين أهل العلم، وأصبح وجهة لطلاب العلم يستقون من علمه، فذكره مكحول قائلا: «طفت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أعلم من ابن المسيب» ووصفه بعالم العلماء، فأصبح ابن المسيب مقدما في الفتوى في زمانه، ولقب بـ «فقيه الفقهاء»، فكان عمر بن عبد العزيز (رحمة الله) حين تولى إمارة المدينة المنورة لا يقضي بقضية حتى يسأل سعيد بن المسيب.
كما امتاز سعيد بن المسيب بميزة القدرة على تعبير الرؤى التي اكتسبها من السيدة أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)، والتي أخذتها عن أبيها.
ثناء العلماء عليه
قال أحمد بن حنبل: «من مثل سعيد بن المسيب؟ ثقة من أهل الخير».
وقال أبو حاتم: «ليس في التابعين أنبل من سعيد ابن المسيب، وهو أثبتهم في أبي هريرة (رضي الله عنه)».
وقال ابن سعد: «كان سعيد بن المسيب جامعا ثقة، كثير الحديث، ثبتًا، فقيها، مُفتيًا، مأمونًا، وَرِعًا، عاليا، رفيعا».
واقرأ أيضًا عن ⇐ أويس القرني المرادي.. خير التابعين بشهادة سيد المرسلين ﷺ
عبادته
كما كان سعيد بن المسيب من أحرص الناس على صلاة الجماعة، فما فاتته الصلاة في جماعة أربعين سنة.
وكان سعيد بن المسيب مكثراً في الطاعات، وكان له فهم خاص لمفهوم التعبد حيث يقول لأحد تلامذته: “إِنَّمَا الْعِبَادَةُ التَّفَكَّرُ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَالْكَفَّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ”.
وفاته
توفي سعيد بن المسيب (رحمة الله) بالمدينة سنة أربع وتسعين للهجرة تاركا ترانا خالدًا، ومثالا يحتذى به للأجيال القادمة.
كما نوصيك بأخذ ⇐ جولة في حياة التابعي عروة بن الزبير بن العوام