هو الإمام الزاهد، الحافظ، أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي مفتي المدينة المنورة في زمانه، وأحد رواة الحديث النبوي، جده الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
مولده: ولد سالم بن عبد الله في المدينة المنورة في خلافة عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، وكان سالم ابن عبد الله حَسَنُ الخُلُق، شديد الشبه بجده عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
شيوخه: حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ عبد الله فَجَوَّدَ وَأَكْثَر، وَعَنْ السيدة عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، وعن أبي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، وَعَنْ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ العَدَوِيِّ، وَأَبِي لُبَابَةَ بنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَفِينَةَ، وَأَبِي رَافِعِ مَوْلَى النَّبِيِّ ﷺ (رضي الله عنهم) – وغيرهم.
تلامذته: روى عنه ابنُه أَبُو بَكْرٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الجَعْدِ، وَعَمْرُو بنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ حَزْمٍ، وغيرهم”.
منزلته العلمية: جمع سالم قدرًا كبيرًا من العلم حتى صار أهل المدينة يستفتونه في شئونهم، كما كان أحد فقهاء المدينة السبعة. قال عبد الله بن المبارك: “كَانَ فقهاء أهل الْمَدِينَة الذين كانوا يصدرون عَنْ رأيهم سبعة: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله بن عُمر، والقاسم بن مُحَمَّد، وعروة ابن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت”، قال: “وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعا، فنظروا”.
وقد أثنى عليه الكثير من العلماء في زمانه، فقد كان سالم رحمه الله ذا شأن عظيم ومكانة كبيرة عند أهل زمانه، وقالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: تَابِعِيُّ، ثقةً، وقد اعتبر أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أن أصح أسانيد أحاديث عبد الله بن عمر (رضي الله عنه) هي التي رواها سالم، قال أَحْمَد بْن حَنْبَل، وإسحاق بن راهويه أصح الأسانيد: الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.
زهده: عاش سالم بن عبد الله حياة من الزهد؛ قال سعيد بن المسيب كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم بن عبد الله أشبه ولد عبد الله به.
وقال مالك: ولم يكن أحد في زمان سالم ابن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد والعيش منه.
وقال میمون بن مهران: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَيْتِهِ، فَمَا وَجَدْتُهُ يَسْوَى مائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ مَرَّةً أُخْرَى، فَمَا وَجَدْتُ مَا يَسْوَى ثَمَنَ طَيْلَسَانَ، وَدَخَلتُ عَلَى سَالِمٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِ أَبِيْهِ.
وعن سفيان بن عيينة قال: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال له: يا سالم سلني حاجة، فقال له: إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيت الله غير الله، فلما خرج، خرج في إثره فقال له: الآن قد خرجت فسلني حاجة، فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: بل من حوائج الدنيا، فقال له سالم: ما سألت من يملكها، فكيف أسأل من لا يملكها! ولم يطلب أي شيء.
وفاته: توفي سالم بن عبد الله في ذي الحجة بالمدينة سنة 106هـ، الموافق 725م، وكان في طريق عودته من الحج، فصلى عليه الخليفة الأموي هشام ابن عبد الملك، ودُفن بالبقيع.