هي السيدة زينب القرشية الهاشمية، بنت رسول الله ﷺ، أمها السيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنهما) وهي كبرى بنات النبي ﷺ وثاني أبنائه، فكان أول أبناء النبي ﷺ القاسم وبه كان يكنى ﷺ، وولدت أمها بعدها عبد الله ورقية وأم كلثوم وفاطمة.
صاحبة القلادة
تزوجت من ابن خالتها أبي العاص بن الربيع وأنجبت له عليا وأمامة، وعندما أسلمت زينب (رضي الله عنها) رفض زوجها أبو العاص الدخول في الإسلام، وحارب مع المشركين في يوم بدر، وأسر فيه، وبعد أن علمت زينب بأسره بعثت مالا لفداء زوجها، وكان في ذلك المال قلادة لخديجة (رضي الله عنها) كانت قد أعطتها لابنتها زينب حين تزوجت فلما رآها رسول الله ﷺ رق لها رِقَةً شديدةً، وقال: «إن رأيتُم أن تُطْلِقُوا لها أسيرَهَا وتَرُدُّوا عليها الذي لها»، قالوا: نعم. فأطلق سراح أبي العاص، وقبل أن يرجع إلى مكة طلب إليه رسول الله ﷺ أن يُرسل إليه ابنته زينب، وأخذ عليه عهدًا بذلك، وعندما وصل أبو العاص مكة فعل ما طلبه إليه رسول الله ﷺ وأرسل زينب إليه، فكان ﷺ يقول: «أَنْكَحْت أبا العاص بن الربيع فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي».
المجيرة
بقي أبو العاص في مكة مشركًا إلى ما قبل فتح مكة؛ ولما أسر من قبل سرية للمسلمين وكان في تجارة بأموال من قريش استجار بزينب (رضي الله عنها) ليلا فأجارته، وفي الصباح أقبلت على الناس بعد أن أنهى رسول الله ﷺ صلاته وأعلنت إجارتها لأبي العاص، فقبل رسول الله ﷺ إجارتها، وأمرها أن تحسن ضيافته وطلب إلى أصحابه رد ماله عليه ففعلوا ذلك.
وعاد أبو العاص إلى مكة، وأعطى قريشًا مالها، وبعد ذلك أعلن إسلامه، قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال؟ قالوا: لا، فجزاك الله خيراً، فقد وجدناك وفيا كريما، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أكل أموالكم، فجمع النبي ﷺ بينه وبين زينب (رضي الله عنها)، وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة النبوية.
فارقت زينب (رضي الله عنها) الدنيا بعد أن ضربت مثلاً عاليا في صدق الإيمان ووفاء الزوجة، وبكاها أبو العاص (رضي الله عنها) بكاءً حارًا ولم يتزوج بعدها، وحزن عليها النبي ﷺ حزنا شديدًا، وأعطى النساء اللاتي يُغسلنها قبل دفنها إزاره لتكفن فيه.