لماذا لم يبدأ حتى الآن أحد التجار محاولة غش يستبدل فيها الزيت النباتي المستخدم في الطبخ بالزيت المستخدم في محرك السيارة؟ نعم، ليس لأنه خائف من جمعية حماية المستهلك، فهذه الجمعية لم تتمكن حتى الآن من ردع رئيسها عن كرسي الرئاسة، فما بالك أن تردع تاجرا ما؟
وزارة التجارة؟ لا أعتقد ذلك، كانت ستهتم أكثر لو كان للأمر علاقة بتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع شعب «التساسا»!
كذلك ليس للأمر علاقة بيقظة هيئة الغذاء والدواء، فسينمو للمواطن «سيفون» و «صوفة»! و «سينعدم السيفون»، وسـ «تخر الصوفة»، قبل أن تصدر تعميما تحذيريا تقول فيه: «تتذكرون الزيت الذي بدأتم فيه بقلي سمبوستكم منذ رمضان قبل الماضي؟ طلع زيت سيارات، لذا وجب التنبيه!».
ماذا عن الصحافة؟ كذلك ليس لها تدخل حاسم، فبدلا من العنوان: «إحباط محاولة تاجر ينوي استبدال زيت الطعام بزيت سيارات» ستجد مانشيتا عريضا: «مواطن يطلق أدخنة غريبة، وطبيب يعزو الأمر إلى عدم تغيير الزيت». بعدها سنكتشف أمرين: الأول أن المواطن أعلاه كان يستخدم زيت سيارات في طعامه، والثاني أن الطبيب صاحب التصريح «ميكانيكي سابق!».
هل للأمر علاقة بالأنظمة الرقابية؟ سرعان ما ستتخلى عن هذه الفكرة عندما تتذكر الحكمة الرقابية الخالدة لدينا: «الطعام المغشوش الذي لا يُميتك، يقويك». ستضحك عندما تطرح فرضية «الضمير» ومدى تأثيره على تعامل التاجر. وستتأكد أن ضميره ينافس «الخِل الوفي» في الغياب والاستحالة، وستعاود التساؤل مجددا: لماذا لم يقم حتى الآن أحدهم باستبدال «زيت السيارة» بدلا من «الزيت النباتي»؟
الجواب: لأن لتر الزيت المستخدم في مكينة السيارة، يفوق سعر لتر الزيت المستخدم في الطبخ! وبناء على ما سبق: يا خيبة الأمل!
بقلم: أيمن الجعفري