اليوم نتطرَّق للحديث عن أجابة السؤال الذي نصَّه: زوجه الملك أمنحتب الرابع واسمي يعنى الجميلة أتت. والإجابة هي: الملكة نفرتيتي.
هذه نفرتيتي الغامضة، تمثالها النصفي الأسطوري كنز لا يُقدَّر بثمن. لكن يعتقد بعض الخبراء أن هذا الوجه الجميل قد يكون مزيفا.
الآن تُمعن أحدث أجهزة المسح النظر في قشرة التمثال، للإجابة عن أحد أكبر الأسئلة في مصر: أهو حقيقي أم مزيف؟
إنها الوجه المميز للأسرة الثامنة عشرة في مصر، الملكة نفرتيتي.
دخلت نفرتيتي التاريخ كأجمل ملكة مصرية على الإطلاق، لكن لأكثر من مائة عام ثارت أسئلة عن هذا الجمال؛ حيث يظن البعض أن هذا التمثال بإبعاده الحقيقية، والذي أوجد صورتها قد لا يكون حقيقيًا.
لذلك بدأ العلماء تحقيقا في القرن الحادي والعشرين لإيجاد الحقيقة. فقد حلل الخبراء هذا التمثال النصفي باستخدام أحدث التقنيات لمعرفة ما إذا كان قديما فعلا!
بدأوا بمسح التمثال بتصوير مقطعي ذي أربعة وستين قسما، وكشفوا للمرة الأولى عن الهيكل الداخلي للتمثال النصفي.
فقد كشفت الأشعة المقطعية أن قلبه من الحجر الجيري المغطى بطبقة من الجص، تم تلوينها فيما بعد.
بالنسبة لعلماء المصريات كان هذا اكتشافا مثيرا للريبة، فلن تجد في العالم القديم أبدا تمثالا قديما وُضعت اللمسات الأخيرة على أجزاءه الصعبة باستخدام الجص، وهذا مثير للقلق.
يقول لودفيج بورشاردت إنه عثر على تمثال نفرتيتي النصفي في ورشةٍ في تل العمارنة تحت خمسين سنتيمترا من التراب والحصى.
كل شيء يبدو مثاليا جدا، يتفحص المحققون الآن مذكرات “بورشاردت” بحثا عن أي شيءٍ خارج عن المألوف، ثم يظهر شيء مشبوه! فقد خضعت ظروف اكتشاف التمثال النصفي للتشكيك، لأنها تزامنت -كما يبدو- مع زيارة أحد الأمراء لموقع التنقيب، وقيل إن “بورشاردت” ربما أراد إبهاره بهذا الاكتشاف المدهش.
في أوائل القرن العشرين كانت هناك رغبة كبيرة في إبهار العائلات المالكة القوية في أوروبا، وتمثالٌ جديد لنفرتيتي الجميلة، كان سيذهلهم.
أبدى الأمير إعجابه بالاكتشافات، لكن أحد العمال اختفى للحظات ثم عاد حاملا تمثال نيفرتيتي، ليندهش أفراد العائلة الملكية بجماله. صار سؤال في خلد البعض: هل زُرع هذا التمثال عن عمد ليبدو الاكتشاف أكثر إثارة؟
أثارت الزيارة شكوكا مبدئية حول مدى أصالة التمثال النصفي، لكن في العقود التالية درس الخبراء خواص التمثال وأثار تفصيل واحد بعض الأسئلة..
حقيقة أن للتمثال عينا واحدة فقط تثير علامة استفهام، حيث يرى خبراء كشف التزوير أنه كان من السهل إيجاد عين قديمة وزرعها في قطعة فنيةٍ كهذه، لكن العثور على عينين اثنتين كان سيبدو مستحيلا تقريبا.
لكن لا يتفق جميع الخبراء مع نظرية أن عين نفرتيتي تُثبت زيف التمثال.
فيُقال: إنه سوء فَهم للكيفية التي اصطنع بها المصريون القدماء قطعا فنية بأعين مزورة. فغالبا ما كانت هذه الأعين تسقط باستمرار، لذا؛ فوجود العين من عدمه ليس سببا للشك في أصالة هذا العمل الفني الرائع.
بينما يتعمَّق الباحثون في فكرة زيف التمثال لاحظوا عناصر أخرى غير متناسقة في التمثال.. فهناك أضرار منتقاه في التمثال النصفي؛ فرأس ثعبان الكوبرا مفقود وهناك تلف في الأذن.. وغير ذلك.
وقيل: قيل لنا إن التمثال كان على وجهه تحت الأرض حين عُثر عليه في الورشة، ومع ذلك فلا يوجد ضرر في الأنف أو الذقن، وهو ما يُتوقّع حصوله إذا سقط عن رف وكُسرت الكوبرا. فيبدو أن الأضرار التي لحقت بالأذنين كانت منتقاة كما لو أنه أسقط عمدا على جانبه الأيمن ثم الأيسر، لكن الوجه نقي جدا، كما لو أن أراد لأهم ملمح في التمثال أن يبقى سليما.
وجه نفرتيتي في حالة رائِعة، وعندما جُلب إلى ألمانيا لقي تقديرا من الديكتاتور القوي الجديد. فقد أُعجب هتلر كثيرا بتمثال نيفرتيتي، فبالنسبة إليه كان يمثل المرأة الآرية المثالية.
أخضع العلماء المواد لتحليل كيميائي باستخدام اختبار فلورية الأشعة السينية المتطور. وقالوا: اختبار فلورية الأشعة السينية يعني توجيه أشعة ليزر إلى تمثال نفرتيتي، ثم مراقبة العناصر الخارجة من الليزر، وبالتالي يمكن معرفة ما إذا كانت هناك أصباغ حديثة على سبيل المثال.
ستُبين النتائج ما إذا كانت الأصباغ مصنوعة من مكونات عمرها ثلاثة آلاف عام أم من مواد مزيفة من القرن العشرين.
عندما وصلت البيانات ذُهِل العلماء، وقالوا: الأصباغ المستخدمة تتوافق تماما مع نوع الأصباغ التي استخدمها فنانو الأسرة الثامنة عشر في مصر، في ذلك الوقت. إنها في الواقع أصباغ قديمة.
دفعت النتائج البعض لتبني استنتاج نهائي حول تمثال نفرتيتي، وقالوا: من الواضح تماما أن هذا التمثال أصلي.
لكن هناك من لم يقتنع بعد، وقالوا: هناك أدلة قوية لدى كلا الرأيين ما يعني أنه يمكن أن يكون أصليا ويمكن أن يكون مزيفا.
لكن البعض أيضًا قال: إذا كان مزيفا فلا شك أن من صنعه كان عبقريا لقدرته على تقليد الوصفات المعروفة للأصباغ المصرية القديمة بدقة.
وأخيرًا؛ قد تكمن الإجابة النهائية على هذا اللغز القديم في تحليل المواد الأخرى المستخدمة في صُنع التمثال. وهي مهمة سيتصدى لها العلماء في المستقبل. وقد قالوا: عندما نحدد تاريخ الحجر الجيري والجسم سنعرف الإجابة بالتأكيد.
ختامًا؛ قطعة أثرية نفيسة أم قطعة حديثة مزيفة؟ يقترب الخبراء أكثر فأكثر من تحديد ماهية صورة الملكة الأجمل في مصر القديمة.. والتي نتحاور اليوم حول إجابة سؤال بخصوصها؛ يقول: زوجه الملك أمنحتب الرابع واسمي يعنى الجميلة أتت.. إنها الملكة نفرتيتي.