هنا مسألة أطرحها عارِضة ﴿الأرملة التي مات عنها زوجها هل الأفضل أن تتزوّج؟ أم تتفرغ لتربية الأبناء؟﴾ وبصيغة أُخرى: المرأة التي مات زوجها ولها أولاد، هل الأوْلَى أن تتصبَّر وتربي أولادها وتمتنع من الزواج؟ أم الأوْلَى أن تتزوج برجل صالحٍ يساعدها في تربية أبنائها فقد تشق عليها تربية الأبناء عند كبرهم؟
فيقول الشيخ مصطفى العدوي أن النساء يختلِفن في ذلك، فإذا كانت المرأة كبيرة السن ولا حاجة لها في الرجال، فحينئذٍ بقاؤها مع أطفالها أفضل. وإن كانت شابة فتيَّة يُخشى عليها من الفتنة، فلتتزوج؛ فزواجها أفضل.
وقد دَلّ على هذا وذاك ما يلي:
- أولا: تقدَّم رسول الله ﷺ إلى أُم هانئ -بنت عمه- يخطبها. فقالت: يا رسول الله، إني كبرت ولي عيال. فقال «خير نساء ركِبن الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولدٍ في صِغره، وأرعاه على زوج في ذات يده». فأثنى عليها لحرصها على مع أولادها ووسمها بأنها حنونة.
- ثانيًا: أيضًا تقدم النبي ﷺ لأُم سلمة، يخطبها، بعد وفاة زوجها أبي سلمة. فقالت: يا رسول الله عندي عيال. فقال «أنا وليهم» صلوات الله وسلامه عليه. فأُم سلمة تزوَّجت وعندها عُمر بن أبي سلمة، وعِندها زينب بنت أبي سلمة، أخت عمر. لها أولاد ومع ذلك تزوجت رسول الله ﷺ.
فالحاصِل أن النِسوة يختلِفن في هذا الباب؛ فإذا كانت المرأة فتيَّة وتخشى على نفسها الفتنة، وتخشى من تجرؤ الأولاد عليها، استُحِب لها أن تتزوج.
أما إذا المرأة كبيرة السن وضابِطة لأمر أولادها، فبقاؤها مع أولادها وبناتها أفضل من أن يضيع الأولاد وأن تضيع البنات.
وفي سياقٍ متصل؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء».