«داليا» تسأل: أنا فتاة من الإمارات أبلغ من العمر 25 عامًا، تقدم لخطبتي شاب من أصل عماني على دين وخلق، ولكن المشكلة أنه لا يملك الجنسية الإماراتية، ويريد أن ينتقل للعيش في الإمارات، ولا يملك منزلا، وقيل لي إنه سيستأجر منزلا للعيش فيه، وربما يكون هذا المنزل مناصفة مع أناس آخرين.
بالإضافة إلى أنني لن أتمتع بالحقوق التي تتمتع بها أي امرأة مع زوج من نفس الجنسية، إضافة إلى أنه لو قدر الله لي الزواج بهذا الشاب ورزقنا الله الأولاد فلن يمكنني من إدخالهم الجامعات في دولة الإمارات حيث نسكن أنا وزوجي، ولن تصرف لهم من الدولة حقوق كمنزل حكومي لكونه من جنسية أخرى غير إماراتية… إلى غير ذلك من أمور.
لكن أحياناً أقول لنفسي إن كان هذا الشخص على خلق ودين فلا يهم أي أمور مادية يمكن حلها بطريقة أو بأخرى، وإن من رزقنا البنين والبنات لن يعيى برزقهم وحفظهم. أشعر بالحيرة أشيروا عليّ أفادكم الله.
الإجابـة
إنها الحيرة الأزلية التي بدأت منذ خلق الله الإنسان وستستمر حتى تنتهي حياته من على الأرض.. الحيرة النابعة من تصور الإنسان أن هناك اختيارا فيه كل المميزات يحصل فيه الإنسان على ما كل يريد، وهو الاختيار المستحيل الذي لم ولن يحدث، والذي كانت قصة آدم فيه مع الشجرة المحرمة إشارة لهذا المعنى، وهو أن هناك دائما في حياة الإنسان شيئا ناقصا سيظل يبحث عنه ويحاول استكماله، وعندما يتصور أنه استكمله سيخسر أشياء أخرى فالدنيا دار النقصان والاختيارات غير الكاملة.
إنها الأمانة التي حمّلها الله للإنسان، وأبت الجبال والأرض أن يحملنها وأشفقن منها.. أمانة الاختيار بدءًا من اختيار الإنسان للإيمان أو الكفر، وانتهاء بأي اختيار يوضع فيه الإنسان.. ولا يستطيع أحد أن يختار لأحد؛ لأن كل إنسان هو الأدرى بقدراته وبظروفه وما يستطيع أو لا يستطيع تحمله.
وكما نقول دائما فإن الإنسان عندما يختار فإنه يختار السلبيات قبل أن يختار الإيجابيات.. يختار السلبيات التي يستطيع أن يتعايش معها أو يقلل من آثارها، بحيث لا يعود بعد الاختيار ويكتشف السلبيات ويصرخ نادما أو رافضا للاختيار، لا يوجد اختيار صحيح، ولكن يوجد اختيار يناسبني ويصلح لظروفي، ويحقق لي أعلى ما أستطيعه.
لا توجد قاعدة تقول إن الأفضل في الزواج أن يختار الإنسان الوضع المادي الأفضل، أو يختار الزوج صاحب الجنسية المماثلة، ولكن يوجد الزوج الذي يحقق لي احتياجاتي، والتي قد تكون الاحتياجات النفسية والعاطفية للبعض أهم من الاحتياجات المادية.
وكما قلنا دائما فتقديم أمر الدين والخلق في الاختيار لا يعني إغفال العوامل الأخرى ودورها من تكافؤ مادي واجتماعي وعلمي وثقافي وديني وشكلي؛ فالدين هو الإطار الذي يتم الاختيار من منظوره، ولكن ليس العامل الوحيد، ولا يغني عن باقي العوامل.
نرجو أن تراجعي مقالتنا : اختيار شريك الحياة.. السهل الممتنع ، فستجدين فيها عونا كبيرا في طريقة الاختيار واتخاذ القرار وردودنا السابقة فيما يخص الاختلاف في الجنسية في مسألة الزواج. ومنها :
وتقول لك د. فيروز عمر:
أختي الكريمة، هناك بعض الأسئلة ربما تساعدك على الاختيار:
- ما هي الميزة الشديدة في هذا الشخص التي تجعلك تقبلين هذه التضحيات غير البسيطة؟
- وما معنى كلمة (على دين وخلق؟).
- هل فُرص الزواج المتاحة أمامك قليلة، وهو ما يدفعك لقبول بعض التنازلات؟ أم أن الفرص أمامك كثيرة، وبالتالي لا داعي لهذا التنازل؟
- وهل هناك حد معقول من القبول والتوافق النفسي والوجداني والاجتماعي، وهو ما يَجبر هذه السلبيات؟
أختي الكريم، أنا أومن معك أن الله تعالى يتكفل برزقنا ورزق أولادنا، ولكنه تعالى علمنا أن هذا الكون يسير بأسباب؟ وعلينا أن نُحسن الأخذ بالأسباب ونُحسن استخدام عقولنا في التفكير واتخاذ القرارات الحكيمة، ولقد قال تعالى في الحديث القدسي مخاطبا العقل: “أنت أحب ما خلقت إلي، بك آخذ وبك أعطي”.
ومن غير المقبول أن يلغي المسلم عقله متصورا أنه بذلك يتوكل على الله؛ فالتوكل شعور محله القلب. أما الأخذ بالأسباب فهي وظيفة العقل والجوارح. ويجب على المرء أن يجمع بين الأمرين دون أن يخلط بين دور القلب ودور الجوارح.
أختي الكريمة، في النهاية أذكرك بالإكثار من الاستخارة والدعاء، مع الإجابة على الأسئلة التي طرحناها عليك لعلها تساعدك في الاختيار.
⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:
- ↵ طبيب حديث التخرج: الارتباط أم الاستقلال؟
- ↵ الحب الأول: قصة شاب يبحث عن الاستقرار والمودة!
- ↵ فتاة تحب شاب أصغر منها: هل تكشف له فارق السن؟
⇐ أجابها: عمرو أبو خليل