قبل أن نُبحِر في الحديث عن تقنية الزراعة العمودية-الرأسية (Vertical farming)؛ ندعوك لتخيل لو أن الأرض الزراعية ستختفي مستقبلاً بسبب التنمية الصناعية والتحضر، فكيف سنتمكن من زراعة المحاصيل الزراعية؟ فماذا سيحصل؟ من المتوقع بحلول عام 2050 أن يرتفع عدد سكان العالم بمقدار ملياري شخص، وسيكون إطعامهم تحدياً كبيراً.
وبسبب تزايد عدد السكان، إلى جانب تناقص الأراضي الصالحة للزراعة سيزداد الطلب على الغذاء، وذلك سيُشكل أحد أكبر التحديات. ويعتقد الكثيرون أن الزراعة العمودية يُمكن أن تكون الحل لهذا التحدي.
ماذا يُقصد بالمزرعة الرأسية أو الزراعة العمودية؟
هي ممارسة إنتاج الغذاء والدواء في طبقات مُكدسة أو أسطح مائلة رأسياً، بدلاً من الزراعة على مستوى واحد.
وتكون هذه الأسطح مُدمجة في بنايات؛ مثل ناطحة سحاب، أو مستودع، أو حاوية شحن.
كما يتم استخدام تقنية التحكم الاصطناعي في درجة الحرارة والضوء، والرطوبة والغازات، مما يُمكن من الإنتاج داخلياً.
وإذا سألت: متى ظهرت تقنية الزراعة العمودية؟ فقد ظهر مُصطلح الزراعة العمودية لأول مرة في بداية القرن العشرين، بينما كانت فكرة الزراعة العمودية متداولة على نطاق ضيق قبل ذلك ولفترة طويلة.
الهدف من الزراعة العمودية
الهدف من الزراعة العمودية هو زيادة إنتاج المحاصيل في مساحة محدودة. وهناك 4 مجالات مهمة لفهم كيفية عمل الزراعة الرأسية وهي:
- التصميم المادي.
- الإضاءة.
- وسط النمو.
- ميزة الاستدامة.
كيف تعمل تقنية الزراعة العمودية؟
الهدف من هذه التقنية هو إنتاج المزيد من الأطعمة لكل متر مربع، ولتحقيق هذا الهدف تُزرع المحاصيل في طبقات مُكدسة في هيكل البرج، ويتم استخدام مزيج مثالي من الأضواء الطبيعية والاصطناعية؛ للحفاظ على مستوى الإضاءة المثالي في الغرفة.
ويتم استبدال التربة بوسائل الزراعة الهوائية أو المائية، أو قشور جوز الهند والوسائط الأخرى غير التربة الشائعة جداً في الزراعة الرأسية.
تستخدم الزراعة الرأسية ميزات الاستدامة المختلفة لتعويض تكلفة الطاقة المستخدمة في الزراعة، ففي هذه التقنية يتم استخدام كمية أقل من المياه بنسبة 95% .
مميزات الزراعة العمودية
زيادة الإنتاج في منطقة زراعية صغيرة ليست هي الميزة الوحيدة للزراعة العمودية، في الواقع إن زراعة فدان واحد من المساحة الداخلية يوفر إنتاجاً يُعادل ما لا يقل عن 4 إلى 6 فدان من الزراعة في الهواء الطلق.
ويمكن أن ينتج عن مبنى مكون 30 طابق مساحته 5 فدانات، ما يُعادل 2400 من الزراعة الأفقية التقليدية. مما يوفر مساحات كبيرة.
كما أن المحاصيل في هذه التقنية لا تتأثر بالكوارث الطبيعية مثل؛ الأمطار الغزيرة، أو الأعاصير، أو الفيضانات، أو الجفاف الشديد.
كما تسمح الزراعة العمودية بزراعة المحاصيل الخالية من المبيدات، وذلك لأن المحاصيل يتم إنتاجها في بيئة داخلية جيدة التحكم دون استخدام المبيدات الكيميائية.
أضف إلى ذلك؛ أنها آمنة وصديقة للبيئة، وتُقلل من المخاطر المهنية المرتبطة بالزراعة التقليدية.
وقد تم تطبيق تقنية الزراعة العمودية في الإمارات، وبالتحديد في أبو ظبي، وبالرغم من أن أبو ظبي تمتاز ببيئة صحراوية ودرجات حرارة تصل إلى 40 درجة مئوية.
لكن العاصمة تعهدت بتحويل الصحراء إلى لون أخضر، وهذا عبر تشييد أكبر مزرعة عمودية في العالم في مبنى تبلغ مساحته 8 آلاف ومائة “8100” متر مربع، وسيتم زراعة الملفوف والخس والطماطم، وسيتم التحكم في درجة الحرارة أيضاً.