أتى شهر الخير محملاً بالبركات والخيرات بما لا يُعد ولا يُحصى منها، ويقول النبي المصطفى” صلى الله عليه وسلم”: ((أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)).
رمضان شهر الخير
فأهلاً بشهر نشتاق إليه كل عام، ننتظر رؤية هلاله بلهفة الطفل المنتظر والده عند العودة من العمل، ننتظر شهرنا الفضيل بكل شوق لما فيه من خير ومغفرة تتجلى من رب العالمين لكل غنى وفقير، فأهلاً برمضان وهلاله الذي يهل معه الخير كله.
فكل منا له طقوسه واستعداداته الخاصة لاستقبال رمضان، فمن الناس من يعقد العزم لهجر معاصٍ كان يفعلها، ومن الناس من يجدد صلات الأرحام المقطوعة، ومنا من يضع النية لختم القرآن عدد معين من الختمات، ومن الناس من ينوى إفطار الصائمين أو التصدق على الفقراء والمحتاجين، تختلف الطقوس وتتنوع داخل النفوس فكلها معاهدات تتم بين الله وعبادة المتقين الذين يريدون استغلال الشهر الكريم.
ورغم أن البعض يراه شهر امتناع، ففيه امتناع عن الطعام والشراب من أذان الفجر حتى أذان المغرب، وفيه يمتنع العبد عن إطلاق بصره أو النظر للمحرمات، أصحاب النفوس الضعيفة يرونه صعباً، يفوق احتمال الطاقة البشرية، فتجدهم يتخلون عن وضع النوايا لاستقبال رمضان، لكنهم إذا رأوا وأدركوا ما فيه من كم الخيرات المنزلة من الله لعبادة، لن يستصعبوه أبداً.
فمن هذه الخيرات يبعث الله للمساكين والمحتاجين أرزاقهم، فيكثر إفطار الصائمين في رمضان المعظم، أما عباد الله المحتاجين للعفو والمغفرة فإن الله يمنحهم ما يُريدون فكما قال النبي “صلى الله عليه وسلم” “من صام رمضان إيماناً واحتسابًا غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه” صدق الحبيب “صلى الله عليه وسلم”.
فمن خيرات رمضان وهداياه لعبادة التي لا تعد ولا تحصى
- مضاعفة الأجر للمسلمين في الشهر الكريم.
- استجابة الله ” عز وجل ” لدعاء الصائمين، فدعاء الصائم مستجاب.
- العمرة الواحدة في رمضان تعادل حجة بكامل أركانها.
- فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر المباركة.
- شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
- فيه تسلسل وتغلغل الشياطين.
- فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب جهنم.
- فيه تُكفر وتغفر الذنوب.
والكثير والكثير من الخيرات، لن يدركها إلا من صام إيماناً واحتساباً كما قال النبي “صلى الله عليه وسلم”، فليس كل من صام يصوم بقلب عامر بالإيمان والاحتساب ابتغاء مرضاة الله، فالنوايا تختلف ولا يعلمها إلا الله “سبحانه وتعالى”.
ولا ننسى تلك القصة من السلف التي رويت عن جارية تعلم أسيادها كيف يستعدون لرمضان، فقيل أن هناك قوم باعوا جارية من السلف، فلما اقترب شهر رمضان، رأتهم يتأهبون له، ويستعدون بالأطعمة وغيرها.
فسألتهم عن سبب ذلك؟ فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان.
فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، ردوني عليهم.
ونتعلم من السلف الصالح كيف نستقبل رمضان ونجدد النوايا بالدعاء فقد كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه أن يتقبله منهم.