السيدة رقية بنت النبي محمد ﷺ «ذات الهجرتين»

السيدة رقية بنت النبي محمد ﷺ «ذات الهجرتين»

هي السيدة رقية بنت رسول الله ﷺ، أمها: السيدة خديجة بنت خويلد، ولدت بعد السيدة زينب، وأسلمت مع أمها خديجة وأخواتها في الله (رضي الله عنهن)، تزوجت من عتبة بن أبي لهب، فلما نزلت آية : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبْ)، أجبره أبو لهب وأمه أم جميل بنت حرب بن أمية (حمالة الحطب) أن يطلقها قبل الدخول بها.

وشاء الله لرقية (رضي الله عنها) أن ترزق بعد صبرها زوجا صالحًا كريما من النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ذلك هو عثمان بن عفان (رضي الله عنه) صاحب النسب العريق والمال الموفور، والخلق الكريم، والخليفة الثالث بعد رسول الله ﷺ، ودخلت رقية بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره، وأن سبلا صعبة سوف تسلكها معه في سبيل الله (ﷻ)، وسعدت رقية بهذا الزواج من التقي النقي عثمان بن عفان؛ وولدت له غلامًا فسماه عبد الله، وبه كان يُكَنَّى، فكان ينادى بـ (أبي عبد الله)، وبلغ عبد الله ست سنين، ثم توفي.

الهجرة الأولى

لما رأى النبي ﷺ ما يصيب أصحابه من الإيذاء على أيدي المشركين، وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء، أذن لهم بالهجرة إلى أرض الحبشة، حيث كان بها ملك لا يظلم عنده أحد، حتى يجعل الله ﷻ لهم فرجا، وذلك رحمة من النبي ﷺ بأصحابه، فهو في حماية عمه أبي طالب ومكانته في بني هاشم تمنعه من أن ينال بأذى، لكن رحمته بأصحابه، وحرصه عليهم وشفقته عليهم، حملته على أن يعطيهم هذه الرخصة فعزم عثمان بن عفان على الهجرة.

وأذن له رسول الله ﷺ أن يصطحب معه السيدة رقية (رضي الله عنها)، وحينها قال رسول الله ﷺ: «إِنَّهُمَا لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ لُوطٍ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ».

الهجرة الثانية

سمع بعض الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) وهم في بلاد الحبشة أن قريشا رجعت إلى رشدها، وأنها تقبلت هذا الدين العظيم، فعادوا إلى مكة، فإذا الحقيقة على عكس ذلك، فقد كان أصحاب النبي ﷺ هم المستضعفون يذوقون ألوان العذاب على يد كفار قريش، فرجع كثير من الصحابة إلى الحبشة مرة أخرى وخرج معهم غيرهم في الهجرة الثانية إلى الحبشة.

وحين عادت رقية (رضي الله عنها) مع زوجها عثمان (رضي الله عنه) إلى مكة فوجئا بهذه الحقيقة المرة، كما أن أمها خديجة (رضي الله عنها) كانت قد توفاها الله ﷻ؛ فلاذت بأبيها، ورأت ما يفعله كفار قريش من تنكيل بأصحاب رسول الله ﷺ، فأذن الله ﷻ للنبي ﷺ بالهجرة إلى المدينة المنورة، فهاجرت رقية (رضي الله عنها) مع زوجها عثمان إلى المدينة.

وبعدها أصيبت بمرض الحصبة، فأقام زوجها عثمان (رضي الله عنه) إلى جانبها يمرضها ويرعاها، ولكنها ماتت أثناء خروج النبي ﷺ ليوم بدر، وبعد عودته منتصرا علم بموتها، فحزن ﷺ عليها حزنا شديدًا، وتألم لفراقها.

أضف تعليق

error: