بعد صلح الحديبية كان من العقد، انه من يأتي من المؤمنين إلى المشركين فإن النبي صلى الله عليه وسلم يرده، وهذا العقد المنصوص عليه. لكن العقد عام، والبند فيه نوع من عدم الوضوح. هل هو للرجال؟ أم أيضا للنساء؟
سبيعة بنت الحارث
بعد العقد مباشرً، جاءت امرأة اسمها سبيعة بنت الحارث إلى -النبي صلى الله عليه وسلم-، آمنت، وتبعها زوجها “المشرك” قال يا محمد هذه زوجتي وأطالبك بإرجاعها.
الآن النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا يفعل؟ البند واضح في الرجال، لكن هل يشمل النساء أم لا؟
ينتظر الرسول صلى الله عليه وسلم وحيًا من الله -جلَّ وعلا-! ماذا يفعل معها الآن؟
فأنزل الله -تبارك وتعالى- في النساء حُكم استثنائي “هذه رسالة واضحة لكل من يدَّعي أن الله -عزَّ وجل- لم يُنصِف المرأة”.
حتَّى في بعض الاشياء التي فيها شِدّة على الرجال، الله عز وجل استثنى النساء وخفف عنهُنَّ أشياءً كثيرة في الشريعة من باب التخفيف عليهِنّ، من باب أنها لا تستطيع.
منها، الحديبية، الرجل يُرَد، لكن المرأة لا. لا تُرَد مرّة ثانية إلى الكفار. وبهذا انزل الله -عز وجل- “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ”.
الله -عز وجل- أمر الصحابة بعد صلح الحديبية أنه عندما يأتين هؤلاء المؤمنات، اول شيء يُختبرن، هل هُم مؤمنات حقا أم مُجرد كلام، هل هي صادقة أم لا؟ هل هي مجرد هاربة من زوجها أم مؤمِنة حقًا، هاجرت لله ورسوله.
يقول الله -تعالى- “اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ”.
لكن بشرط، أن تُرجِع المهر إلى الرجل -أي زوجها-. وهذا من باب الإنصاف، لا يظلم ربك احدا.
المرأة تبقى في المدينة، لكن تُرجع المال والمهر لصاحبه.
“وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا”. وهذا من عظم دين الله عز وجل، ومن رحمته وعدله جل جلاله.