لدينا صورة وحيدة تحفظ وجه فنان المنمنمات الجزائري محمد راسم؛ اسم راسخٌ في تاريخ فن المنمنمات في الجزائر، بل وفي العالم بأثره. فنان من طينة الكبار.
ترك محمد راسم للموروث الجزائري تُحفًا تعدت حدود البلاد؛ فكانت ولازالت سفيرة الثقافة والحضارة الجزائرية والإسلامية في كل أصقاع المعمورة.
ما هو فن المنمنمات
دعونا نتعرَّف أولاً على المقصود بفن المنمنمات؛ فهناك الكثير من المصطلحات والأسماء التي أُطلقت على فن المنمنمات؛ فسابقًا لم تكن تسمى بفن الميناتور كما تسمى باللغة التركية اليوم. ففي العصر العثماني كان يعتبر فنًا تشكيلها أو تصويريًا، ومن يعمل به إما أن يُسمي رسّامًا أو نقّاشًا أو حتى يُدعى مُصوِّرًا.
هو فن كان يستخدم بهدف توضيح معاني ما يُخَطّ في الكتب القديمة ولكن ربما بسبب تأثُّرنا بالغرب وتوجهنا نحوه تأثرت هذه المفردات والمصطلحات بالثقافة الغربية
محمد راسم فنان المنمنمات
محمد راسم (Mohammed Racim)، المولود في ٢٤ يونيو ١٨٩٦ والمتوفى في ٣٠ مارس ١٩٧٥، هو رسام وخطاط ومنمنمات جزائري، مؤسس المدرسة الجزائرية للمنمنمات. كان متخصصاً في الخط العربي، ورسام الزخرفة والمنمنمات.
ابن حي القصبة العتيق هو سلسل أُسرةٍ جذورها مُتأصلة في تاريخ الفن التشكيلي، من لفن المنمنمات اهتمامًا خاصًا منذ نعومة أظافره. فكان لأناملهِ وقع السحر على كل عملٍ قدمه للساحة الفنية الجزائرية؛ العربية وحتى العالمية.
فارس المنمنمات
لكُلِّ فنٍ فارس، وفارس المنمنمات في الجزائر أعطى فأبدع، ورسم فأمتع؛ فهنيئًا للثقافة الجزائرية التي حفظ تاريخها الراحل محمد راسم بلوحاتٍ تشبعت بالجمال والأصالة حتى وإن لم يحسن القائمون عليها الحفاظ على ذاكرته بمعرضٍ دائمٍ يجمع شتات أعماله.
عرضت أعماله في الجزائر وباريس ومتحف جاليرا والقاهرة وروما وفيينا.
محمد راسم، تلميذ صغير من منحدر فالي في الجزائر العاصمة، ينحدر من عائلة من الفنانين الحرفيين من أصل تركي. كان والده علي بن سعيد راسم وعمه محمد بن سعيد راسم يديران ورشة إضاءة ونحت الخشب في القصبة. ومن هنا بدأت الرِّحلة.
إلى العالمية يا راسم
دفعت البدايات الواعدة لـ”راسم” إلى السفر إلى باريس وتوقيع عقد لتزيين نص ألف ليلة وليلة ترجمة الدكتور ماردروس، والذي رسمه ليون كاري ببراعة. سيحتفظ به هذا العمل لمدة ثماني سنوات وستسمح الموارد المقدمة للفنان الشاب بالسفر وزيارة المتاحف.
منحته الحكومة الجزائرية العامة منحة دراسية في إسبانيا عام ١٩١٩، كشفت له قرطبة وغرناطة عن الجو الإسلامي للعصر الذهبي. بعد فترة قصيرة وسرية في قسم المخطوطات بمكتبة فرنسا الوطنية، سافر مرة أخرى إلى لندن حيث التقى بالسير دينيسون روس (بالإنكليزية)، ماجستير الدراسات الإيرانية، ثم إلى القاهرة وروما وفيينا وبوخارست وستوكهولم.
اكتشاف المنمنمات الفارسية، بعد ورشة القصبة ومكتب الرسم، مرحلة ثانية في تدريب محمد راسم.