ذكرى الثورة المصرية
يقول رئيس وحدة الأخبار في صحيفة العربي الجديد الأستاذ “نزار قنديل”: أن الثورة المصرية المباركة هي ثورة حقيقية وسامية يصر المصريون على أن يستكملوها سواء تأخر قليلاً موعد الانتصار، أو تقدم، ولكن بكل تأكيد لا يمكن لأي نظام مهما بلغ من ديكتاتورية، ومن استبداد أن ينتصر على الفكر الإنساني، فلا يمكن لأي قيمة غير إنسانية أن تسود إلى الأبد، وثورة ٢٥ يناير حملت كل آمال وأحلام المصريين في العصر الحديث على الأقل، وبالتالي لن يتنازل المصريون عن حلمهم على أي حال من الأحوال.
ومن الجدير بالذكر أنه ومع الذكرى التاسعة للثورة المصرية نجد أن المسببات التي أدت للقيام بالثورة قد تزايدت ولم تعد فقط موجودة، بل وتتزايد بوتيرة سريعة جداً؛ فنجد أن معدلات الفقر قد تجاوزت الـ ٥٠٪ بكثير، وهذا إذا تحدثنا عن شعار هذه الثورة وهو “عيش حرية عدالة اجتماعية”، فلا نجد أي من تلك المطالب قد تم تحقيقها، بل أنها كانت مشاكل شديدة، وأصبحت متفاقمة بكل تأكيد.
ما تخشاه السلطات المصرية في ذكرى ٢٥ يناير
يجب على السلطات أن تدرك ذلك، فتدرك أن ثورة المصريين لا يمكن أن تتبدد، ولا يمكن أن تهزمها جنازير النظام العسكري بعد الانقلاب عام ٢٠١٣ م، لذلك فنجد أن السلطات المصرية الآن تخشى أن يتجدد الأمل من جديد وأن يخرج الناس إلى الشوارع، والميادين، وإذا كان ميدان التحرير يمثل رمزاً مهماً في مسيرة الثورة المصرية في ٢٥ يناير ٢٠٠١ م، فإن ميادين أخرى يمكن أن تنفتح من قبل المصريون، فهناك العديد من الميادين الأخرى التي لا يمكن أن ننساها، مثل:
- ميدان الأربعين في مدينة السويس الباسلة.
- ميدان القائد إبراهيم في الإسكندرية.
وميادين أخرى كثيرة في المنصورة، وفي الصعيد، وفي كل محافظات مصر تقريباً، والتي سيخرج منها المصرين كما خرجوا أول مرة، ويدخلون ميدان التحرير كما دخلوه أول مرة أيضاً رغماً عن الدبابة، ورغماً عن المدرعة، ورغماً عن كل نظام عسكري باطش.
وما يخشاه الرئيس المصري الحالي “عبد الفتاح السيسي” دائماً كما وضح “نزار” هو أن يعود الأمل إلى المصرين من جديد بعد سنوات طويلة من محاولة تشويه الثورة، وحصارها، ورميها بكل التهم وكأنها مسؤولة عن هذا الفشل الذريع، وكأنها مسؤولة عن اعتقال أكثر من ٦٠.
٠٠٠ مصري، وكأنها مسؤولة عن قتل الآلاف في رابعة العدوية، وفي النهضة، وفي غيرها، وكأنها مسؤولة عن ضياع النيل، وكذلك كأن هذه الثورة المصرية العظيمة مسؤولة عن تيران وصنافير، وما إلى ذلك من علامات فشل النظام العسكري الحاكم حالياً.
وفي النهاية يجب أن يدرك “عبد الفتاح السيسي” أنه حتى وإن قام بإلغاء مفردة ثورة من اللغة العربية بأسرها، وإن قام بإلغاء ميدان التحرير بشكل كلي من البلاد، فإن الأمل سيظل موجوداً لدى جميع المصرين.
ومع ظهور الثورة الجزائرية والسودانية مؤخراً، فسيظهر تأثير ذلك على الثورة المصرية؛ حيث أن كل هذه الثورات قد اتخذت من الثورة المصرية ومن قبلها الثورة التونسية مُلهماً حقيقياً لها، وكل المؤشرات تقول أن الثورة قادمة في مصر، فمن كان أيام ثورة يناير ٢٠١١ في عمر العشر سنوات أصبح الآن في عمر العشرين، ومن كان في عمر العشرين أصبح في عمر الثلاثين، لذلك فهناك أجيال قد خرجت من رحم الثورة، وهذه الأجيال كما وضح “قنديل” أصبحت أكثر نضجاً، ووعياً، وهي المسؤولة عن الثورة القادمة التي لن يستطيع أي شخص مهما كان القضاء على بذرتها.