السؤال: أنعم الله علينا بأداء فريضة الحج، ولمَّا ذهبنا إلى المجزر الآليّ لنَحْرِ هَدْيَنا تسلَّمَه مسئولو المجزر وأطلقوه وسط الهَدْي التي تنتظر النَّحر، وأعطَونا غيره مذبوحاً، وبطبيعة الحال هذه اللحوم التي أخذناها ليست من هدينا، أفلا يتعارض هذا مع قول الله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ)؟
الإجـابة
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فيقول الدكتور عبد الرازق فضل الأستاذ بجامعة الأزهر: فيا أيُّهَا السائل الكريم، أحْمَدُ إليك الله، وأسأله لي ولك مزيدًا من التقوى والعمل الصالح، وإذا كنتَ ترى الحَرْفِية في الأخذ عن الله ورسوله فإنِّي أُحِيلك إلى قول الله تعالى في السورة نفسِها: (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا ولَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) فمآل الأمر على الطاعة والامتثال وحسن التوجه إلى الله وإخلاص العمل والنية لوجهه تعالى.
واعلم أيُّها الأخ الفاضل أن الإسلام لا يقف في وجه التطور ما كان غير خارج على حدود الله، وإلا ما كان الإسلام دينًا صالحًا لكل زمانٍ ومكانٍ. وما استُحدِث في أمر الهَدْي جاء بعد أن أقرَّته اللجانُ الشرعية التي بَحَثَتْ الأمر مليًّا واستوثَقَت فيه لدينها وبراءة ذمَّتِها، وما كان أمام اللجان إلا أنْ تُجِيز؛ لأنَّ موازنة بين نَحْرِ الهَدْي في المجازِر الآلية وحفظِ لحومِها وتبريدِها وتجميدِها وإفادةِ الفقراء المسلمين في شتَّى بِقَاع الأرض منها ـ أقول: إن موازنة بين ما يَجْري الآن وبين ما كان من ذبحها بين الخيام وتركِها تَتَعَفَّن وتَنْتَفِخ وتُؤْذِي لتؤكد أنَّ الخيرَ كل الخيرِ فيما اسْتُحْدِث.
إن النظام سمة من سمات مجتمعِنَا المسلم، أرْسَى دعائِمَها مُعَلِّمُ الناسِ الخيرَ، ثمَّ إنَّك في حقيقة الأمر ما أكَلتَ إلا من هَدْيِك؛ لأنَّك أخذتَ ما أخذتَ من هَدْي غيرك ليؤخذ مِنْ هديك ما يُعْطَى لغيرك، فالأمر تنظيم ألجأت إليه ضرورةٌ وحكمة مبدأُ الانتفاع العامّ بلحوم الهَدْي والأضحية ووصول خيرها إلى المسلمين، فلا مخالفة بإذن الله، وتقبَّل الله منِّي ومنك صالح الأعمال، هذا وبالله التوفيق.
والله أعلم.
⇐ وهذه فتاوى أكثر لمزيد من الفائِدة: