يكثر التساؤل عن مكانة ودور المرأة في الإسلام وما هو وضعها في الحضارة الإسلامية، وهذا يحيلنا إلى العودة إلى مصادر الحضارة الإسلامية ونتاج المسلمين الفكري، وإلى واقعهم التاريخي وواقعهم المعيشي، ولما كان هذا التساؤل ملكا ومهما الزمنا هذا إلى بسط القول وبيانه من النواحي كافة، وقد أفردنا في هذا كتاب المرأة في الحضارة الإسلامية بين نصوص الشرع وتراث الفقه والواقع المعيش، وكتاب قضايا المرأة في الفقه الإسلامي، وكتاب المرأة بين إنصاف الإسلام وشبهات الآخر..
هذا البسط جاء لأهمية الأمر، كذلك لأن المرأة هي مكون رئيس من الجنس البشري.
ويتعدد دور المرأة / الأم في أمور عدة، فهي اللبنة الأولى والتي عليها المعول في التنشئة والتكوين كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
الأم مدرسة إذا أعددتها … أعددت شعبا طيب الأعراق
ويتعدى دور المرأة الحمل والإرضاع، فدورها في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. بارز ومؤثر، وهي في الجانب الأسري تتحمل مع زوجها مسئولية الأبناء وتتحمل ما تلقيه. الحياة عليها، وتواجه هذا في صمود وبسالة لا تفت في عضدها الصعاب، وترفض أن تعترف بأنها لا تقدر على فعل أمر صعب.
وفي رعاية بيتها وأولادها تبذل جهدا غير عادي، وتسد مسد الرجل، بل قد يكون الأب غائبا عن حياة أبنائه نظرا لمتطلبات الحياة ولا يعرف أحلامهم أو مخاوفهم غير أن الأم حاضرة وحاملة ودافعة وموجهة للأبناء.
وليس منحصرا دور المرأة في الرعاية والتربية بل لها دور آخر لا يقل أهمية عن دور الرعاية، وهو دور الوقاية، فالمرأة تقي المجتمع من التفكك وتسهم في منع الأزمات على المستوى المجتمعي، ولها دور استراتيجي في كبح جماح التطرف ومواجهة تحدياته من خلال بذر الاعتدال والوسطية الفكرية والعقلية في نفوس الأبناء.
وتلعب المرأة دورًا إيجابيا في وقاية النشء من الانخراط في براثن الإدمان بدورها التوجيهي والوقائي من خلال ضبط السلوك الفردي بالرقابة والمتابعة والتوجيه بالحب.
ويتعدد دورها الوقائي في منع التفكك الأسري، حيث تضرب حول أسرتها سورًا منيعا لبناته المحبة وروابطه العطف فتستقيم الحياة الأسرية وتصمد مهما عصفت بها الرياح.
ومن هذا الدور الوقائي المهم جاءت فكرة هذه النشرة وهي وقاية» التي وجه بها معالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري والتي سوف تتناول في أعدادها دور المرأة في وقاية المجتمع من الآثار السلبية وهو ما جاءت به توصيات مؤتمر وزارة الأوقاف في دورته الخامسة والثلاثين.
مقال للدكتور: علي جمعة