لا شك أن الشباب هم عماد الأمة، وهم أساس التقدم والرقي في أي مجتمع، وهم الدماء الجارية في عروق أي بلد أو أمة وبدونهم لا حياة لها، فالشباب هم سر وجود الأمة وبنائها وعلى أيديهم تنهض المجتمعات. والمجتمع الذي يعتمد على شبابه هو مجتمع قوي ناهض ينبض بالقوة والحيوية. والحضارة التي تقوم على أكتاف شبابها هي حضارة خالدة تشق التاريخ دون موت أو انتهاء. وليت كل المجتمعات تعلم ما للشباب من أهمية ولا تهدر هذه الطاقة الكبيرة وتستغلها أكمل استغلال في نهضتها ورفعة شأنها. وليت مجتمعاتنا تحسن هذا الاستغلال لطاقات متجددة لا تموت ومفعمة الحيوية والنشاط تستطيع من خلالها أن تصل إلى أعلى المراتب.
الشباب وتغيير المجتمع
الشباب هم حجر التغيير في المجتمع أصحاب الإبداع والتميز الدائم نظرًا لحضورهم المستمر واستعدادهم المتواصل للبذل والعطاء وقدرتهم على هذا العطاء. والمجتمعات القوية هي التي تعتمد على شبابها في بنائها وتطورها وتقدمها. فنجد الدول المتقدمة تعتمد في هيكلتها على الشباب فنجد في قياداتها الشباب حاضر وبيّن على عكس كثير من الدول المتأخرة فنجد العجز يدب فيها وفي هياكلها، وتنخر الشيخوخة في بنائها حتى تسقط.
يتسم الشباب بأنهم هم الفئة الطموحة ذات التطلع للأفضل دائمًا، وهم أكثر فئة تعمل على التطوير والتقدم والنهضة دون حد أو قيد، فدماؤهم حارة وعقولهم يقظة متقدة وطاقاتهم لا تنفد لذا يجب على جميع مسؤولي أي مجتمع أن يستثمروا الطاقات الشابة الجبارة لديهم في البناء، والتي تسعى دائمًا إلى التقدم وعدم الثبات أو الوقوف دون تطور أو تغيير، وأن يستغلوا هذا الطموح والحماس في الوصول إلى أفضل الرؤى التي ترسم مستقبل الأمة والمجتمع. وأن يستفيدوا من هذه الرغبة العارمة في التطوير والتغيير في الوصول بالمجتمعات إلى أفضل المواضع.
ونجد أن الفئة الشابة هي أكثر الفئات مرونة وقدرة على التكيف مع الواقع والظروف والتعامل معها، وكذلك هم الفئة القادرة على أن تتكيف مع أي تغيير يطرأ. وهم الفئة التي تكون على استعداد دائمًا لتقبل التغيير والتكيف معه ومعايشة التجديد بسهولة دون ثمة مشكلة، وهذا ما يجعلهم ذوي الدور الأكبر في التغيير والتطوير على عكس الفئات الأكبر في العمر وخاصة تلك التي تتحكم في الناصب والقيادات والوظائف، فهي أكثر تشبثًا بالوضع المعاش دون رغبة في التغيير أو التطوير أو قدرة على تقبل فكرة التغيير من الأساس. ولعل هذا لا يدل على عدم الرغبة في تطور المجتمع، وإنما السبب في هذا أن الفئات الأكبر عمرًا ليس لديها القدرة على معايشة التغيير وليس لديها الطاقة والحماس للتجديد أو تقبل هذه الفكرة التي تنادي بالتغيير ومعايشته ومواكبته والتكيف معه. فليس لديهم المرونة الكافية ولا الطاقة والحماس المطلوب ولا العقلية المتقدة اليقظة بمثل ما هي عند الشباب. ولعلهم يتمتعون بالخبرة الكافية لرؤية الأمور وتحليلها ولكن تظل القدرة على التغيير والحماس والطاقة الكبيرة والنشاط المجتمعي القادر على تنمية المجتمعات وإصلاحها والتخطيط لمستقبل الأجيال القادمة موجود لدى الشباب.
الشباب والأعمال التطوعية والخدمات
ولا نجد في جميع الأعمال الخدمية أو التطوعية مشاركين أكثر من الشباب، فما أكثر الجمعيات في الوقت الحاضر التي تنادي بالمساعدة في التضامن والتكافل بين أبناء الأمة، ونجد أغلبهم متطوعين من الشباب يقومون بتقديم خدماتهم والمشاركة في الأعمال التطوعية بكثرة. وهذا يعزز من روح التضامن والتكافل لدى شباب الأمة ويقدم فرصة للمجتمع للاستفادة من هذه الطاقات في خدمة أبنائه.
ونجد الشباب له دور غير قليل في العمليات السياسية في أي بلد أو مجتمع، فهم القادرون على التأثير على المسؤولين وعلى جميع الأطياف الحزبية والسياسية لما لهم من ميزة الكثرة العددية وسرعة الانتشار بالإضافة إلى الحماس والرغبة في التغيير للأفضل مع القراءة الجيدة لمستجدات الأمور على الصعيد السياسي. ومن هنا فلا بد للشباب من أن يكونوا على دراية كاملة بجميع ما لهم أو عليهم من حقوق وواجبات حتى يتسنى لهم أن يطالبوا بما لهم من حقوق عن فهم ودراية حتى لا يتحول الأمر إلى فوضى، وكذلك لا بد من توعيتهم بما عليهم من واجبات حتى يعلم الشاب أن المجتمع له حق عليه، وعليه أن يبذل الكثير مما في وسعه في سبيل نهضة هذا المجتمع. وهو ما ينعكس على العملية السياسية بشكل كبير والتي تؤدي بدورها إلى الاستقرار وعدم التخبط بين القيادات وبين هذه الفئة الشابة القوية الطموحة والتي تتميز باندفاعها وحماسها الزائد.
ولا ننسى أن الشباب هم الفئة الأكبر التي يُعتمد عليها في الدفاع عن الوطن، فنجد التجنيد دائمًا يكون للشباب لأنهم هم الأكثر قدرة على التحمل والتحرك السريع. وهم الأكثر قدرة على المناورة والقتال، ولديهم الطاقات اللازمة للتدريب والبنيان القوي اللازم للعمليات العكسرية. كما يمتاز الشباب بالصحة البدنية والذهنية اللازمة لتجاوز كل أنواع التدريبات العكسرية والتعامل مع أية ظروف حربية تحدث. فالشباب هم الخط الدفاع الأول عن الأوطان وبهم يحيا الناس في أمان واطمئنان.