النوم سلطان يفرض نفوذه على الجسد المتعب فيمنحه راحة و سكينة قبل أن يعاود العمل من جديد بهمة ونشاط، لكن الشكاوى تتصاعد من عدم القدرة على النوم مما يسبب عدم النوم العميق الكافي، وهذا يؤدي إلى قلة النشاط و الحالة المزاجية السيئة، وللتعرف على دليل النوم ومقاومة الأرق يجيب على أسئلتنا الدكتور أحمد خليفة استشاري الأمراض العصبية.
لماذا أصبح النوم العميق عزيزاً في هذه الأيام ؟
بدأ الدكتور “أحمد خليفة استشاري الأمراض العصبية” حديثه بأن وسائل الحضارة الكثيرة هذه الأيام و الإضاءة هي التي تمنع اليوم فنحن تعودنا من قديم الزمان أن وقت المغرب تُعتم العين فتفرز الدماغ الميلاتونين ويتراكم رويداً رويداً إلى العشاء فيغض الشخص في نوم عميق لكم لم يكن يوجد أيباد ولا موبايلات ولا تلفاز فالإضاءة تمنع الميلاتونين وهو الهرمون المسئول عن النوم.
هل للنوم مراحل وما هي مراحل النوم ؟
قال “د. خليفة” بأن الدماغ هو المسئول عن كل شيء فهو حكومة الجسد وبالتالي لو رجعنا للدماغ نجد مراكز النوم في الدماغ قريبة من جزع الدماغ فالغدة الصنوبرية قريبة منها وهي التي تفرز الميلاتونين وهي الشرارة الأولى كما ذكرنا بحيث يتراكم رويداً رويداً مع الظلام إلى أن يصل إلى نسبة معينة فنشعر بالنعاس ونغط في نوم عميق والميلاتونين يحرض مواد أخرى بجزع الدماغ وهي الثيراتونين والنور ادرينالين وهما المسئولان عن الدخول إلى أطوار النوم لأنه كما قال تعالى ” وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا” فالسبات للراحة والسكينة والنهار للشغل والحركة لكن هناك أطوار للنوم كأطوار حركات العين السريعة وأطوار حركات العين غير السريعة وبالتالي فأول ما نخلد إلى النوم تتفاوت درجة وصولنا إلى النوم العميق فهذا النوم العميق يمكن يترافق ببطء أمواج خلايا الدماغ فأمواج الدماغ عند الشخص الغير نائم تتفاوت من 8-12 وهذا نمط ألفا ولكن وقت النوم العميق تصبح الأمواج من 6-7 وهذا نمط تيتا ومع الدراسات حول الإنسان النائم يمكننا رؤية تعاقب أطوار النوم نتيجة تعاقب أطوار الدماغ نتيجة إفراز مادة الثيراتونين والنورادرينالين وهذه الدورة تأخذ تقريباً ساعة ونصف وتتقاصر هذه الدورة باتجاه الصباح وفي نهاية النوم المريح تتكاثر أطوار حركات العين السريع فيمكن أن تزداد حركات العين ونبضات القلب وفي هذا الطور يمكن لنا رؤية الأحلام كانوا في قديم الزمان يختصرون الأحلام على هذا الطور لكن الأن نحن نعرف أن هناك أنواع للأحلام كالكوابيس والزعر الليلي لذلك تكثر الأحلام في الصباح وعادة نتذكر أحلام الصباح ولكن أحلام النوم العميق لا نتذكرها فمرحلة النوم العميق هي أول الليل و أخر الليل تمهيداً للصحو.
شرح مبسط لموضوع كتاب حل مشكلة النوم للكاتب كريث ونتن (تقرير خارجي)
تكمن مشكلة بعض الأشخاص أنه عندما يدخل إلى السرير يبقى وقتاً طويلاً حتى يستطيع النوم وحتى وإن نام فهو لا يستطيع الاستيقاظ بسهولة وبعد الاستيقاظ يشعر بإرهاق وهو يؤثر على العمل والصحة والحالة المزاجية بالسالب والأغلب يعانون من هذه المشاكل فما الذي يحدث وما الحلول هذا ما يعرضه الكاتب في الكتاب.
ولكن لمعرفة ذلك يجب معرفة أطوار النوم فكي ننام نمر بثلاث مراحل:
1. مرحلة النوم الخفيف: وهي مرحلة تكون بين مرحلة الاستيقاظ ومرحلة النوم العميق وهنا نكون بأقل استرخاء ممكن ونستيقظ من أقل حركة أو صوت داخل الغرفة.
2. مرحلة النوم العميق: فهنا نكون أكثر استرخاء من المرحلة السابقة وهي المرحلة المسئولة عن إحساس شبع النوم وهنا نكون مسترخين تماماً لكن على مستوى الدماغ فقط لكن الجسم والحركات فلا.
3. مرحلة نوم الأحلام: وهي مرحلة عكس مرحلة النوم العميق تماماً فيكون العقل كالمستيقظ تماماً لكن الجسم و النشاط العضلي يكونوا غير مسترخين ففي هذه المرحلة لا نتحرك وفي هذه المرحلة نرى الأحلام وتسمى مرحلة حركة العين السريعة لأن حركة العين تكون سريعة جداً في هذه المرحلة ولم يتوصل العلماء إلى سبب ذلك حتى الأن.
وهذه هي المراحل التي نمر بها خلال الليلة الواحدة.
ونأتي للسؤال المهم وهو كيف نحل مشاكل النوم لدينا فهناك ثلاث نقاط مهمة يجب مراعاتها وهي:
1) البيئة المريحة بالنوم المريح على سرير مريح في مكان هادئ ليس به مشاكل أو ضوضاء مزعجة حتى وان كان التغلب عليها عن طريق تشغيل أصوات مريحة كالمروحة أو أصوات موسيقية مريحة بنمط ثابت لا يتقطع.
2) مستوى الانفعال ويجب عدم التفكير في ضغوطات اليوم قبل النوم والأفضل الحصول على نوم مريح وبعد ذلك بالنهار نفكر في كيفية حل هذه المشاكل والتغلب عليها فيجب أن يكون السرير للنوم فقط حتى وإن اضطررنا إلى تشتيت العقل بأفكار أخرى تخيلية ومتكررة فهذا يساعدنا على عدم التفكير في مشاكلنا الأخرى و النوم ولكن إذا حاولنا وفشلنا فعلينا القيام وعمل أي أنشطة أخرى مجهدة ومملة.
3) الساعة الداخلية يجب علينا ضبط الساعة الداخلية للجسم فكل جسم وله ساعة داخلية يضبطها الجسم حسب وقت نومنا واستيقاظنا فيجب علينا احترام مواعيد النوم والاستيقاظ.
هل بالضرورة أن يصل كل إنسان لمرحلة نوم الأحلام ؟
قال “د. أحمد خليفة ” بأن كل الناس لديهم الأدوات التي توصلنا لمرحلة الأحلام، ولكنها تتفاوت من شخص لأخر فهناك ناس لا يرون الأحلام، وهناك أشخاص يتكرر لديهم نفس الحلم يومياً ففي هذه المرحلة يتداول الدماغ الأفكار التي نفكر بها وقت الاستيقاظ، وعند الأطفال نرى أنهم يرون كوابيس أحياناً و أحياناً يهمهمون وهذه كلها أشياء طبيعية أثناء مراحل النوم وبعض الأطفال عندما تنضج عندهم مراكز النوم في الدماغ تحصل لديهم بعض المشاكل، فيمكن أن يفيقون وهم خائفون بشدة ويتعرقون ومن ثم يعودون للنوم مرة أخرى، وغالباً ما يحدث ذلك بالثلث الأول من النوم ولا يتذكرون أي شيء منها عند الاستيقاظ وهي مراحل طبيعية يمر بها الطفل بنضج مراكز النوم في الدماغ لديه.
ونوه “د. خليفة” بأن عدد الساعات المناسبة للطفل الوليد 16-20 ساعة وتقل رويداً رويداً إلى أن نصل لـ 12-13 ساعة، وعادة الأطفال في المراحل الابتدائية يمكن أن يحتاجوا من 10-12 ساعة، وفي مرحلة النضوج فالرجل يحتاج 7-8 ساعات والسيدة تحتاج من 8-9 ساعات ولكن عند الكبر أو ما يسمى بالشيخوخة يقل الحاجة إلى النوم عند المسن نظراً لأنه يأخذ قيلولة أكثر من مرة خلال النهار، ويقل جهده كثيراً وعادة فالجهد والنشاط العملي يحتاج إلى راحة أكثر وهناك بعض الأشخاص لديهم فرط في إفراز الغدة الدرقية وهؤلاء يكونون يأكلون بكثرة ولا يزداد وزنهم وفي نفس الوقت يحتاجون فترات نوم قليلة جداً، ومن هنا نجد أن الغدد وكذلك المناخ يلعبون دوراً هاماً في الساعات التي يحتاجها الجسم للراحة والنوم.
وتوقيت النوم كذلك يلعب دوراً مهماً، فيجب ضبط الساعة البيولوجية للجسم وهي تقطن ما تحت السرير البصري فالدماغ كيمياء فالميلاتونين ينيمنا والأوركسين يوقظنا وهناك أشخاص لا يوجد لديهم مادة الأوركسين بدماغهم فنجدهم دائماً يخلدون إلى النوم ومن هنا نعرف أن الميلاتونين والأوركسين مسئولان عن النوم والاستيقاظ والثيروتين والنور ادرينالين مسئولان عن تعاقب أطوار النوم عند الإنسان فكل هذه العوامل تضبط الساعة البيولوجية للجسم ومن هنا تتفاوت درجات النوم عند كل شخص عن الأخر و يفضل تعويد الساعة البيولوجية على النوم المنتظم.
بالنسبة للأشخاص الذين لديهم أعمال في أوقات مختلفة كيف يتعامل ؟
قال “د. أحمد” بأنه في هذه الحالة يجب استخدام وسائل بديلة بجعل النهار للنوم بتعتيم مكان النوم، ويحاول أن يحاكي طقوس الليل والعكس في الليل تشغيل إضاءات كثيرة لمحاكاة طقوس النهار، وهذا الحل الأمثل لضبط الساعة البيولوجية لهؤلاء الأشخاص. ويجب المحافظة على العادات الصحية لأن عدم الالتزام بها مع النوم الغير منتظم يكون الشخص عرضة لأمراض القلب والضغط والسكري وغيرها.
ما أهمية ساعة القيلولة ؟
أجاب “د. خليفة” بأنه في بعض البلدان القيلولة تكون هامة وهذا في البلاد الحارة لأن ساعات النهار طويلة على عكس البلدان الباردة فساعات النهار بها قصيرة ففي هذه الحالات لا مانع من أخذ قسط من الراحة والقيلولة الموصي بها صحياً تكون من 20-30 دقيقة فقط ولا نكثر عنهما لأنه لو نمنا ساعتين فإننا دخلنا في الطور الأول من النوم ونحتاج لساعات أكثر للنوم.
بعض الأشخاص ينامون فجأة ويستيقظون فجأة، ما تفسير ذلك ؟
فيما يخص ذلك قال “د. أحمد خليفة ” أن هذا مركب النيركيروبسي والذي يسمونه بالسبخ ويكون هذا الشخص لديه مشكلة في افراز مادة الايروكسين بالسائل الدماغي الشوكي، وهو يترافق مع اربع مركبات واحدة منها النوم أثناء النهار والثانية الكتابليكسي وهنا نجد الشخص كلما ضحك او انفعل بأي شكل يقع على الأرض، والثالثة أهلاس النوم، فقبيل النوم قد تحدث معنا جميعاً ولكن هذا الشخص تحدث معه بكثرة فيشعر قبل الخلود لمرحلة النوم العميق أنه يسقط، والرابعة شلل النوم فعندما يستيقظ هذا الشخص يجد نفسه غير قادر على الحركة ويحتاج لمن يلمسه كي يستيقظ. وهنا نرى قدرة الله سبحانه وتعالى بأننا يكون لدينا شلل حركي أثناء النوم كي لا نتفاعل مع الأحلام لذلك مرضى الأتونيا ( اضطراب سلوك حركات العين السريعة) الذين لا تنشل عضلاتهم أثناء النوم نجدهم يتفاعلون مع الأحلام.
وسُئل، هل حقاً في أحد أطوار النوم يكون الإنسان كالميت؟، فقال، أن النوم قد يحاكي الموت ولكن هو مؤقت فالشخص يكون في ذمة الله فإذا لم يحين أجله ترجع له الحياة عندما يستيقظ وإذا حان أجله يتوفاه الله وهذا سبحان الله في علم الغيب.
ما هي اضطرابات النوم وما هي مواصفاتها ؟
قال “د. أحمد” أن هناك شيء أسمه اضطرابات النوم وهناك ما يسمى بأمراض النوم وأهمها المشاكل التي قد تحدث أثناء النوم كالأشخاص البدينين الذين يشخرون أو أن يتوقف الشخص عن النفس ثم يعود له مرة أخرى وهكذا، وهي أمراض لها علاجات ويجب مراجعة المختص في ذلك ولكن ما يعرف بالباراثونيا وهي اضطرابات النوم وقد تكون مؤقتة وفي مراحل مختلفة من مراحل النمو وهنا نربطها بأطوار النوم فمثلاً الأطفال الذين يعانون من حركات العين الغير السريعة قد يعانون من المشي أثناء النوم أو الحكي أثناء النوم أو ذعر النوم وكل هذه الأعراض عند الأطفال تكون في الثلث الأول من النوم وخلاف ذلك نجد حركات العين السريعة أثناء النوم وهي تكون في الثلث الأخير من النوم وهي تكون عند الكبار وهنا يكون الدماغ نضج بالكامل ولكن لخلل في مراكز الدماغ مثل مرضى باركنسون فلا تُشل العضلات لديهم ويتفاعلون مع الأحلام وكذلك يوجد شيء أخر يعد من اضطرابات النوم وهي القدم المتململة وقد تترافق بفقر الدم أيضاً وأعراضها أن الشخص يكون طوال الليل يحرك رجليه ويشعر أنه منزعج ويقوم ويمشي عسى أن تستريح قدميه وكل هذه الأعراض من اضطرابات النوم.
كيف يمكننا مواجهة وعلاج الأرق والتغلب عليه ؟
تابع، أكثر الأِشياء التي تسبب الأرق هي المشاكل النهارية والتوتر الذي قد نتعرض له بالنهار، فالتفكير بها ليلاً يسبب الأرق و عدم النوم وكذلك إذا لم يكن هناك طقوس للنوم أو فيما معناه ضبط للساعة البيولوجية للجسم، فإن ذلك قد يسبب الأرق، فإذا لم يكن هناك نمط حياة منتظم بالأكل أو الرياضة مثلاً قبل النوم، فالأكل قبل النوم يؤدي إلى عدم هضم الطعام جيداً وبالتالي الاضطرابات الهضمية التي تسبب الأرق، كذلك الرياضة قبل النوم فهي تعمل على افراز هرمون السعادة والذي يسبب النشاط الزائد لذلك من الأفضل ممارسة الرياضة في الصباح وليس قبل النوم، فلا يجب الأكل أو الرياضة قبل النوم على الأقل بساعتين، وكذلك يجب عدم أخذ المنبهات كالنيكوتين والكافيين قبل النوم بفترة كافية ويمكن شرب الينسون والبابونج والحليب الدافئ والمشروبات المهدئة، وكذلك يجب عدم استخدام الأيباد و الموبايلات قبل النوم لأنها تمنع افراز الميلاتونين وبذلك فنحن نخالف الطبيعة التي خلقنا الله علينا
كيف يمكننا مواجهة اضطرابات النوم أثناء الدراسة والامتحانات ؟
قال “د. خليفة” بأن الدماغ كأي شيء مع الحركة يحتاج إلى الراحة، وفي الدماغ يوجد الفص الصدغي وهو مركز الذاكرة ويجب أن نوجه بعض النصائح يجب للطلبة لكي يعرفون كيفية الدراسة الصحيحة، فالطلبة يذهبون للدراسة اربع او خمس ساعات فيكفي أن نعود للمنزل ندرس ساعتين إلى ثلاثة ونأخذ قسطاً من الراحة، فبعض اللهو لا يفسد للود قضية، فيجب أن نعطي الدماغ حقها في أن تستريح، ولكن بعض الطلبة للأسف يتركون الدراسة طول العام ويبدأون دراسة طيلة أيام الامتحانات، وعندما يكون الدماغ مجهد لا يأخذ ولا يعطي شيء، فلذلك يجب أن يأخذ الدماغ المعلومات رويداً رويداً طيلة العام من أول السنة الدراسية ويجب تشغيل جميع الحواس للدراسة وترسيغ المعلومات أكثر في الدماغ، وبذلك نستطيع النوم بشكل كاف أيام الامتحانات.
وبالطبع كلنا يخاف ويتوتر أيام الامتحانات ولكن يجب أن يكون ذلك بشكل معتدل فالخوف الكثير و الزائد عن اللازم يجعلنا لا نعطي شيء ونعاني من الأرق أثناء أيام الامتحانات فعند تنظيم الوقت وإعطاء كل شيء حقه نستطيع الحصول على أعلى الدرجات.
ما تفسير عدم المقدرة على النوم عند الاستيقاظ في أي وقت من الليل ؟
تابع الطبيب الضيف كلامه، وقال أنه أحياناً وجود الاكتئاب أو وجود بعض المشاكل وقد يفيد هؤلاء الأشخاص الأدوية المضادة للاكتئاب لتحسين مزاجهم.
وقال كذلك أننا أحياناً في بعض الحالات الحرجة وبعد معالجة جميع المشاكل بالطرق الصحية نضطر إلى إعطاء عقاقير النوم ولكن لها آثار جانبية كثيرة ويمكن إدمانها فلذلك لا يجب اخذها إلا باستشارة الطبيب وفي الحالات التي تحتاج ذلك فقط.