مرحبًا أحبتنا. سنسرد لكم الآن قصة سيدنا إبراهيم مع أبيه آزر ملخصة. أو كما هي بالعنوان: دعوة إبراهيم «عليه السلام» لأبيه. من خلال تأملنا في الآيات الواردة في سورة مريم ومعاني بعض كلماتها، وما يُستفاد منها.
تمهيد
ينتاب أكثرنا الحزن عندما نحاول نصح أحد أقراننا أن يقول الصدق وهو يرفض النصيحة. لكِن لا تحزنوا. فالله ﷻ يقول في سورة القصص، في الآية السادسة والخمسين (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
دعوة إبراهيم لأبيه
وهل قرأتم قصة إبراهيم «عليه السلام» عندما دعا أباه للإسلام؟ فلم يرفض أباه دعوته فحسْب، بل وعانده وتبرأ منه.
قال ﷻ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا | إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا | يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا | يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا | يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا | قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا | قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا | وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا | فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا | وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا).
من معاني الكلمات
حسنًا، قد تكون بعض الكلمات في الآيات غير واضح معناها لبعضنا. فدعونا نتعرَّف على هذه المعاني:
- لَأَرْجُمَنَّكَ: لأشتمنك.
- مَلِيًّا: زمنًا طويلا.
- حَفِيًّا: لطيفا.
تفسير الآيات
ويمكنكم فهم المعنى جيدًا من خلال تفسير الآيات. حيث تقول أولى الآيات (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا). أي: واذكر لقومك الذين يعبدون الأصنام خبر إبراهيم -خليل الرحمن- الذين هم من ذريته ويدَّعون أنهم على ملته. فهو كان من الصدق.
ثم يقول إبراهيم لأبيه (لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا). أي: لماذا تعبد ما لا يجلب لك نفعا ولا يدفع عنك ضررا.
وفهمت من تلك الآيات عِظم مكانة إبراهيم -عليه السلام-. وأن أولى الناس بالنصح هم أقرب الناس لنا.
وكذلك عرفت شدة ضلال وجهل المشركين.
ويُكمل إبراهيم -في باقي الآيات-: إني قد اطَّلعت من العِلم عن الله ما لم تعلمه أنت ولا اطلعت عليه ولا جاءك. فاتبعني أرشدك طريقا مستقيما. ولا تطع الشيطان فهو مخالِف لله، مستكبر عن طاعته. ولذا طرده الله، فلا تتبعه.
ثم أوضح له خوفه عليه من أن يصيبه من عذاب الله لشركة.
ثم يسأله أبوه -في الآيات التي تليها-: أزاهد أنت وتارك لعبادة الأصنام. لئن لم ترجع عن مقالتك فيها لأشتمنك ولتهجرني طويلا. فيرد إبراهيم: لن أعاودك بما تكره يا أبي. ولكن سأسأل الله لك المغفرة. فإنه لطيف يجيبني إذا دعوته.
وضَّحت هذه الآيات أن إبراهيم فارق أهله وأصنامهم وأنه عبد الله وحده، عسى أن يتقبل الله عِبادته. فلما اعتزلهم وهجر إلى أرض الشام أعطاه الله ابنه إسحاق وحفيده يعقوب. ليستأنِس بهما، وجعلهما الله أنبياءً كرامة لإبراهيم -عليه السلام-. ثم وهبهم الله من رحمته سعة في الرزق والمال والولد. وجعل لهم جميلا بين الناس.
من فوائد الآيات
- الإرشاد إلى اتباع أهل العلم بالله ودينه، والتحذير من موالاة الشيطان واتباعه.
- أن الله يهدي من يشاء. وأن إبراهيم ترك ما يكره أبوه، حتى ولو كان مشركا.
- الإحسان للوالدين.
- مشروعية مفارقة الكفار، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
ختامًا؛ فقد تعرفنا اليوم على دعوة إبراهيم -عليه السلام- لأبيه. وذلك من خلال تفسير سورة مريم الآيات من الحادية والأربعين إلى الخمسين. وكما تعرفنا على بعض معاني الكلمات ثم انتقينا بعض فوائد من قصة إبراهيم مع أبيه. نرجوا أن تكونوا قد استفدتم مما قدَّمناه لكم في هذا الموضوع.