“عندما شاهد ابنى يوسف تعامل الأمن المصرى مع الشباب المتظاهرين فى التليفزيون قال لى: “يا بابا هى إسرائيل بتعمل فيهم كده ليه؟” هذا تعليق كتبه أحد الآباء على الفيس بوك بعد المظاهرات الحاشدة التى قام بها الشباب المصرى يوم الثلاثاء 25 يناير 2011 للمطالبة بالتغيير والعدالة الاجتماعية.
مشهد المصريين فى يوم الغضب وقبلها بأيام قليلة مشابه لأحداث الثورة التونسية الشعبية، وخروج الناس للاحتجاج فى الشوارع..
يتساءل أب: كيف أشرح لأبنائى ما حدث؟ وما هى القيم التى يمكن أن أغرسها فى أولادى استثمارا لمثل هذه الأحداث المتكررة؟ وتستفسر أم: كيف أنمى فى أولادى قيمة الانتماء لوطنه، وأشجعه على التعبير عن رأيه بحرية دون أن تؤثر عليه مشاهد استخدام العنف مع المتظاهرين؟ وتشترك كثير من الأسر فى حيرة: كيف نوازن بين التشجيع على الإيجابية والتفاعل، وبين خوفنا على الصغار من التعرض للخطر؟ وما هى الضوابط لاصطحاب الأطفال فى المظاهرات؟
أسئلة كثيرة رصدها أون إسلام.نت من واقع تساؤلات الكثير من الأسر.. تفاعل معها عدد من الخبراء والمتخصصين التربويين.
عمر الزهور
قسم المتخصصون ما يمكن أن نقوله لصغارنا، كل على حسب مراحله العمرية المختلفة، فما يصلح أن نقوله للمراهقين ربما لا يصلح فى مرحلة الطفولة المبكرة.. وهكذا، فلكل مرحلة خصائصها العمرية المختلفة، وما يتبع ذلك من خطاب مناسب لها.
توضح هذا أكثر “وفاء أبو موسى” المستشارة التربوية والنفسية بموقع أون إسلام. نت بقولها: “إن نزول الطفل للشارع فى سن 5 سنوات حتى 7 سنوات فيه مخاطر وآثار سلبية ونفسية عنيفة قد تتمثل فى كوابيس ليلا، والخوف من التعامل فى التجمعات العامة؛ لأن الطفل فى ذلك الوقت يكون عاطفيا، ومساحة الخيال لديه كبيرة جدا، ولا يستطيع اتخاذ القرار، وقد تعلمه هذه المظاهر الشجاعة والقوة، وكيف يقول رأيه، ولكن الآثار النفسية السلبية ستكون أكبر.
بينما يرى د. سعد رياض المستشار التربوى بموقع أون إسلام.نت: “أن الطفل فى المرحلة العمرية من 5 إلى 7 سنوات يعتبر سن التفاؤل والإيجابية، ويمكننا أن نشاركه فيما يحدث، ولكن بطريقة بسيطة وسهله كأن نقول إن هؤلاء شباب لهم احتياجات أساسية يريدونها من الدولة؛ لذلك قاموا بمظاهرة سلمية، وأن نقوم بتعريف المظاهرة لهم من أنها السير بسلام فى الشارع للتعبير عن مطالب الناس بشكل بسيط وسلس.
ويوضح د. رياض يتميز أيضا الطفل فى تلك المرحلة بالإنصات التام لكل ما يحدث حوله، فهى فرصة للأهل أن تتحاور مع الطفل، وتفتح معه النقاش وتستمع لانطباعاته عن الأمر وتصويب الخطأ فى تلك الانطباعات.
أما الطفل فى المرحلة الأكبر من سن 8 سنوات ترى وفاء أبو موسى أن هذه المرحلة هى مرحلة طفولة أيضا، وينطبق عليها نفس الأشياء التى ذكرناها سابقا، لكن يمكن أن نعطى مزيدا من التوضيح كأن هذا البلد هى غالية جدا، ولابد أن نحقق فيها العدالة والمساواة، وأن يأخذ الجميع حقه.
ويؤكد د. سعد رياض: أن الطفل فى هذه السن يمكن أن نفسر له بشكل أكبر؛ حيث إن لديه فى هذه المرحلة استعدادا للتعبير عن رأيه، كما أن لديه أسلوبا جيدا فى التعبير عن هذا الرأى بدون أن يضر الآخرين، ويتقبل كذلك من الأهل التعليمات والأوامر والتوجيهات، على أن يكون الخطاب الموجه له مصوغا بشكل بسيط ومقبول.
أكثر وعيا
يوضح د. سعد رياض أن فترة المراهقة لدى الأبناء تتميز بصفات الأحداث التى تحدث حولنا الآن؛ فالمراهق يريد أن يؤكد ذاته ولديه صفة التمرد والتعصب لفكرة معينة، ولو عند هذا المراهق الأسس والقيم التى تربى عليها منذ صغره فسأستطيع أن أجعل منه:
- قادرا على التعبير عن رأيه بكل حرية بدون تقليد أعمى أو حتى عصبية.
- أن يتعلم كيف يتحكم فى انفعالاته واتجاهاته.
- أن يحترم زملاءه الذين لا يرغبون فى المشاركة فى الوقت الحالى، ولا يحجر عليهم.
- أن يتعلم الانتماء لبلده وضرورة المحافظة عليها فيسير فى مظاهرات سلمية.
- عدم معالجة الخطأ بخطأ آخر والمحافظة على البلد.
دور المدرسة والإعلام
حذرت د. وفاء أبو موسى من غياب الدور التربوى للمدرسة؛ حيث لابد من إتاحة الفرصة لمناقشة هذه الأحداث وإتاحة الفرصة للمراهق فى التعبير عن رأيه فى الإذاعة المدرسية أو صحافة الحائط أو غيرها من الأدوات التى تساعد على التعبير عن الرأى، وأيضا لا بد من فتح حلقات نقاشية فى الفصول عن هذا الحدث، واستضافة مفكرين أو شخصيات عامة تتحدث معهم عن تلك الأحداث، وإتاحة الفرصة لهم لتوجيه أسئلتهم لتك الشخصيات، وهذا أمر سيظل الطفل يتذكره طوال عمره.
وعن الخطاب الذى ترسله وسائل الإعلام التقليدية (إذاعة وتليفزيون وصحافة)، والتى أحيانا ما تقدم رؤى ووجهات نظر مضلله، يرى د. سعد رياض أنه للتعامل مع تلك الوسائل لابد من احترام قدرات المراهق، ولا أشحنه انفعاليا أكثر من ذلك، وألا تكون كل حواراتى أمامه إحباطا ونقمة، فهذا أكبر منه بكثير، ويمكن أن أوجهه لوسائل الإعلام الجديد (إنترنت)؛ ليرى وجهات نظر مختلفة، ويمكنه أن يتابع ويحلل، وسيصل للرأى الصائب فى النهاية.
المشاركة فى المظاهرات
شاهدنا عبر التليفزيون اصطحاب عدد من الأسر أطفالهم معهم فى يوم الغضب 25 يناير، فعن ضوابط اصطحاب الأطفال تقول وفاء أبو موسى: مشاركة الأطفال فى المظاهرات لها ضوابط منها:
- احرص على أن لا تترك طفلك بمفرده، ولابد أن تكون أسرته معه؛ لأنها مصدر قوته.
- إن اضطررت تركه، فضع طفلك فى مكان آمن.
- لا تهول له الموضوع ولا تحبطه، دعه يشاهد ما يحدث، وحاول التفاعل مع أسئلته.
- قل له إن المظاهرة سلمية، وإنكم ستسيرون فى سلام وستعودون فى سلام.
- فسر له أى مواقف عنف قد تحدث أمامه.
- تحاور وتناقش مع طفلك فيما يحدث ولا تتركه عرضه لمخاوفه وأفكاره.
الموقف من الشرطة
يقول د. سعد رياض: الشرطة لدى الطفل هى مصدر الأمن والسلام فى دولته، وعندما يرى منها هذا العنف على المتظاهرين لابد أن نوضح له أن كل شىء فى هذه الدنيا منه الإيجابى والسلبى؛ فالشرطى يحافظ على ممتلكات الغير إذا تعرض لها المتظاهر بالإيذاء، وهو بذلك جيد، أما السلبى منهم فهو من يضرب المتظاهرين دون سبب.
وعندما تزداد مشاهد العنف فى الشارع ينصح د. سعد رياض الأهل بعدم تعريض الأطفال الصغار لكل مشاهد الألم والإيذاء؛ لهذا لابد أن نبعدهم عن الشرفات حتى لا يشاهدوا ما يحدث فى الشارع، ويتأثروا سلبيا بتلك الأحداث.
بقلم: مروة أشرف
كذلك؛ اقرأ أدناه: