علاقة التعليم بالجريمة علاقة وثيقة، وإذا كانت آخر الدراسات المحلية تشير إلى أن 78 % ممن لديهم أفكار داعمة للإرهاب، تسربوا في وقت مبكر من المدارس، وانقطعت علاقتهم بالتعليم، الأمر الذي أسهم في سهولة تبنيهم للأفكار الإرهابية، فإنه لا توجد أيضا أرقام توضح نسب من ينحون إلى تبني أفكار الجريمة أيا يكن ميدانها بينما هم على مقاعد الدراسة.
التسرب من التعليم ليس في حد ذاته حافزا على تبني أفكار إجرامية، فالوجود في المدرسة لا يحمي الطالب من الإعجاب بتلك الأفكار، فالمدرسة وإن كانت حاضنة للتعليم والتوعية، فإن الأسلوب التعليمي يلعب دورا مهما في وقاية الطلاب، ومن المهم إعطاء الطالب فرصة كاملة ليعبر عن الأفكار التي يتبناها حتى وإن كانت أفكارا خطيرة، لأن ذلك يساعد في مناقشته للوصول إلى تصحيح فهمه، أما أسلوب التلقين فإنه غير مجد، لأن الطالب المتبني للأفكار مهما كانت سيبقيها في داخله.
التعليم في المملكة وإن كان حاليا يسعى بشكل حثيث إلى تطوير مناهجه فإنه بحاجة إلى تطوير أسلوبه أيضا، وهناك حاجة ملحة إلى أن يكون هناك حصص عامة، أي ليس لها مناهج أو اختبارات بل أحاديث عامة في شؤون الحياة العامة بغرض تحفيز الطالب على كسر خوفه من التعبير عن رأيه بصراحة، وأن يتولى تنفيذها أفراد من غير المدرسين، أفراد تلقوا تعليما ودورات في تطوير الذات، فهذه الحصص أهم من تعبئة رؤوس الطلاب بالمعلومات وكأنهم حسابات بنكية تفلس بعد الامتحانات ونهاية السنة الدراسية.
ما لم يغرس في الطالب قيمة التعبير الحر عما يعتقده فلا فائدة من العملية التعليمية أو الدراسات المهتمة بالجريمة، فالحرب على الجريمة والإرهاب ما لم تنطلق من الطالب ذاته تظل عملية رد فعل لما يقوم به الأفراد، وتبقى مجرد حلقة فيها فعل جرمي ورد فعل يكافحه.
بقلم: منيف الصفوقي