شهر رمضان أفضل شهور السنة، ويزيد فيه المسلمون من الطاعات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى. وهو شهر تزيد فيه البركة في كل شئ، ويعم فيه الخير أرجاء المعمورة. فنشهد في هذا الشهر التضامن بين أبناء الامة الإسلامية أكثر مما يحدث طوال العام، وهذا إنما للفضل وخير الجزاء الذي وعد به الله سبحانه وتعالى من أحسن الفعل في شهر رمضان وعبد الله حق عبادته. وإن ليالي رمضان كلها ليالي بركة وفضل كبير، وفيها عتقاء لله في كل ليلة من النيران. ويجزي الله خيرًا كل من صام وقام رمضان إيمانًا واحتسابًا. فجميع ليالي الشهر الكريم كلها بركة وخير وثواب عظيم. ولكن هناك ليلة اختصها الله بالخير الوفير والجزاء العظيم وحسن الثواب، وهي ليلة القدر.
يقول الله في كتابه الكريم {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} صدق الله العظيم. ليلة القدر أفضل ليالي شهر رمضان، بل هي أفضل ليالي العمر كافة. فمن قام ليلة القدر وعبد الله فيها حق عبادته كانت له مفازة كبرى، فلقد فاق ثواب ليلة القدر ثواب أكثر من ألف شهر كما ذكر سبحانه وتعالى في هذه السورة التي سُميت بسورة القدر. ويقول سبحانه وتعالى في نفس السورة {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ}، ففيها تتنزل الملائكة بكثرة إلى الأرض وذلك لكثرة بركتها وجزائها العظيم. ويحيطون بمن يعبدون الله ويقيمون ليلتهم بصدق ويتقربون إليه سبحانه ويكتبونهم من المقبولين.
ومن أحب الأعمال في ليلة القدر هو الدعاء، ومن الدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”. وأن ندعو الله من فضله وكرمه وأن نسأله خير الدنيا والآخرة وألا يحرمنا ثواب قراءة القرآن وقيام ليل رمضان. وأن يحعلنا سبحانه وتعالى من المقبولين في ليلة القدر وممكن فاز بالمغفرة والفضل العظيم. ومن الأدعية التي يقولها المسلم عامة وفي شهر رمضان وليلة القدر خاصة:
- اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، ونسألك اللهم أن تصلح ذات بيننا، وأن تؤلف بين قلوبنا، وانصرنا اللهم على من عادانا، واجعله الوارث منا، اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك اللهم لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، وبارك اللهم لنا في أزواجنا وذرياتنا أبدًا ما أبقيتنا، وارزقنا اللهم نعمة شكرك على نعمك التي لا تُعد ولا تُحصى.
- نسألك اللهم العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، اللهم اجعلنا ممن نظرت إليهم وغفرت لهم يا رب العالمين، واجعلنا اللهم من الذين تسلم عليهم الملائكة، اللهم إنا نسألك الخير كله عاجله وآجله، وما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك اللهم من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم.
- اللهم يا مقلب القلوب، قلب قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب، صرّف قلوبنا إلى طاعتك وهداك. اللهم اجعلنا من الذين نظرت لهم وقلت للملائكة اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت لهم. اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وتقبل منا رمضان وأعده علينا أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، وأن تمدنا اللهم بالقوة والصحة والعافية لحسن قيامه.
- اللهم في هذه الليلة المباركة نسألك ألا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا لك فيها رضا ولنا فيها خير إلا وقضيتها ويسرتها يا رب العالمين. اللهم اقبضنا إليك ساجدين، واجعلنا من المقبولين الفائزين بالجنة وشفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم. اللهم احشرنا في زمة نبينا وتحت لواء حبيبنا، اللهم شفاعة المصطفى، واسقنا اللهم بيده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا يا رب العالمين.
وعلينا أن نستثمر هذه الليلة وأن نخلص فيها النية لله جل وعلا وأن نستغل كل وقت فيها يقربنا إلى تقوى الله سبحانه وتعالى. وأن نكثر فيها من الصلاة والقيام، ذكر الله، قراءة القرآن والدعاء. وأن نسأل الله أن ننال بركة شهر رمضان وبركة الصيام والقيام وقراءة القرآن. وأن نستغفر الله على ما تقدم من ذنوب اقترفناها، وأن نسأله أن يعتق رقابنا من النار نحن وآباءنا وأهلينا وأبنائنا. ونسأله ألا يجعلنا من الخاسرين الخائبين الذين خسروا رمضان ولم يُغفر لهم. وألا نضيّع هذا الشهر الكريم وألا يمضي إلا وقد غُفر لنا.
أدعية عامة هنا من أجلك
- دعاء ليلة القدر لمن تحب
- الدعاء في ليلة القدر وفضائله
- دعاء ليلة القدر بالصور
- دعاء طلب الذرية في ليلة القدر
فيقول صلى الله عليه وسلم عن ملك الوحي جبريل عليه السلامة أن “رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يُغفر له” ويؤمن عليه رسول الله كلامه. فنسأل الله ألا نكون ممن رغم أنفهم في هذا الشهر الفضيل. وأن يجعلنا الله من المقبولين الفائزين، وأن نكون ممن يشهد الله ملائكته أنه قد غفر لهم.